لا أنكر أبداً أنني منحاز بشكل واضح للقطاع العام ، فهذا القطاع برهن على الرغم من كل الظروف أنه الأقدر على تلبية حاجات المواطنين وخدمتهم بأسعار معقولة جداً بل وأحياناً مجانية أو شبه مجانية …!!. والقطاع العام يقوي العلاقة بين الحكومة والناس ، ويمتن النسيج الاجتماعي الوطني . وأقدر أن أهم إنجازات القطاع العام في بلدنا هو تقديم خدمتين مجانيتين أساسيتين هما : الصحة والتعليم .
في أوائل سبعينيات القرن الماضي لم تكن لدينا جامعة في حمص وعندما لبّى القائد المؤسس طلب أهل حمص بإحداث جامعة البعث كان الإنجاز حدثاً هاماً جداً ، يدرك أهميته من سافر إلى جامعة دمشق أو حلب للدراسة وعانى مشقة السفر والتكاليف ، رغم أنها بسيطة فالطالب الجامعي الذي تؤمن له الحكومة الإقامة في المدن الجامعية التي أمر القائد المؤسس حافظ الأسد بدعمها وتوسيعها ، فهو يحصل على نصف منحة دراسية لأن مبلغ الخمس وعشرين ليرة التي كنا ندفعها شهرياً كانت تعادل « دولاراً واحداً » أي شبه مجاني كانت إقامتنا فيها، ولولا هذه المكرمة لكان أكثر الطلبة ، تلك الأيام قد عزفوا عن الالتحاق بالجامعة .. فأي إنجاز عظيم هذا وأية مكرمة كبيرة أن يكون التعليم في سورية مجاني من الأول الابتدائي حتى نهاية المرحلة الجامعية .. هل يوجد حكومة أو دولة في العالم تقدم هذا لمواطنيها …!!
أما موضوع الصحة والعلاج الصحي المجاني فمشهود لسورية من قبل منظمة الصحة العالمية بهذا الإنجاز . وهكذا رأينا أن المؤامرة الكونية الصهيو أمريكية المدعومة من بعض الأعراب كان هدفها الأول تدمير المشافي والمراكز الصحية … فإذا علمنا أن تكلفة إجراء عملية بسيطة في مشفى خاص مائة ألف ليرة وأكثر ولا تستمر سوى نصف ساعة .. هنا نعرف كم هو تأمين العلاج المجاني مهم وضروري وإنساني … وأن إعادة تأهيل المشافي والمراكز الصحية يجب أن تكون أولوية في هذه المرحلة . أسعار المشافي الخاصة لا تطاق .. والحديث عن جشعها يكثر يوماًَ بعد آخر ..!!.
القطاع العام خادم شبه مجاني أو مجاني لذوي الدخل المحدود الذين يشكلون أكثرية في بلدنا .. وقد قال لي في أحد المؤتمرات قبل سنوات النائب اللبناني نواف الموسوي ..« يكفيكم في سورية أن الصحة والتعليم مجانيان …!!».
الكلام السابق لا يلغي أهمية القطاع الخاص ودوره في بناء الاقتصاد ، وقدرته على النمو واتخاذ القرارات السريعة واستقطاب الكفاءات العالية .. ولكن هذا شيء وأسعاره التي لا تطاق شيئاً آخر .
القطاع العام هو الإنجاز الذي تقدمه الدولة لمواطنيها في كل المجالات الصناعية والخدمية وهو يحمل معاني الحنان والرعاية والاهتمام وتمتين روابط المواطنة بين المواطن والمسؤول .
دعم القطاع العام بدأ منذ فجر الحركة التصحيحية المباركة بدعم القائد المؤسس حافظ الأسد طيب الله ثراه .. وهذا الدعم مستمر في عهد السيد الرئيس بشار الأسد …
أما موضوع تطوير هذا القطاع والنهوض به فهذا موضوع مطروح وثمة خطط من أجل هذا ، تأجلت مؤقتاً بسبب المؤامرة على بلدنا … ولعلنا بدأنا الطريق إلى تطوير هذا القطاع خدمة لأبناء الوطن .
عيسى إسماعيل