خلال العام الدراسي تنزعج كثير من الأمهات وتشتكي من عزوف الأبناء عن الحديث معهن عن أمور الدراسة والمدرسين وما يمرون به من أحداث في اليوم الدراسي ،ورغم الانزعاج والاستياء الواضحين على الأمهات جراء هذا العزوف ،إلا أنه حقيقة منتشرة بين معظم الطلاب .. ،وبالتالي كلما كبر الطفل صعب على الوالدين معرفة إذا كان متضايقاً أو قلقاً من شيء في المدرسة.
خطوات للتشجيع
ربما هذه المجموعة من اللقاءات لا تعطي الموضوع حقه لأنه يتحمل العديد من الأفكار والآراء والمواقف التي قد يواجهها بعض الآباء ولا يواجهها آخرون ولكن لنأخذ فكرة بسيطة عن بعضها :
السيدة فاطمة محمود –مدرّسة قالت :عندما كان أولادي في المدرسة التي أدرّس بها كنت أتابعهم “مباشرة “ولكن عندما انتقلوا للمرحلة التالية أصبحت لا أعلم شيئاً عن وضعهم إلا ما ندر عن طريق بعض الأصدقاء, وخصوصاً أنهم بدؤوا يخبئون الكثير من الأحداث التي تجري معهم ولولا أني أقاطع أحاديثهم مع بعضها وأواجههم بالحقيقة لما عرفت شيئاً , وعندما أستفسر عن سبب كتمانهم ما يجري معهم كانوا يجيبون : ألا يكفي أنك كنت الحارس الشخصي لنا في المرحلة الابتدائية ؟دعينا الآن نتدبر أمورنا .
السيدة منى الأحمد –موظفة قالت :أعتقد أن عمل المرأة خارج المنزل هو السبب في عزوف الأبناء عن الحديث وخاصة عن أمورهم المدرسية فعندما تعود الأم من عملها يكون الأبناء قد وصلوا قبلها وتدبروا أمورهم وهي تكون متعبة فإن أرادوا الحديث تؤجله وحتى إن لم يرغبوا بالحديث فهي لا تجد الوقت الكافي لسؤالهم ،ولكن لا يمكن أن نعتبر أن هذا الأمر ينطبق على جميع الأمهات العاملات .
السيدة هناء –ربة منزل قالت :يختلف الأمر ما بين الفتيان والفتيات ،فالفتاة في كثير من الأحيان تكون صديقة أمها و تحدثها وتخبرها بكل ما يجري معها وخاصة في المدرسة ،أما الفتيان فلا يتحدثون كثيراً مع الأهل ويشعرون بأنهم يمكن أن يحلوا مشاكلهم بأنفسهم .
ومن أجل تشجيع الأبناء على الحوار دون إشعارهم بأننا نتدخل في حياتهم ينصحنا المرشدون النفسيون بالتأكيد على عدة نقاط :
اختيار الوقت المناسب :أهم شيء أن يخبرك الطفل عندما يكون مستعداً للحديث إليك ،وأحياناً يقرر الطفل أن يتحدث في وقت لا يناسبك ،وفي هذا الموقف يمكنك أن تقول له :ليس لدي وقت الليلة ،لنحدد موعداً للحديث في وقت لاحق ،وعندها تأكد من متابعة الأمر والتنفيذ , علماً أن تأجيل بعض حاجاتك للحديث مع طفلك أمر مهم ويستحق التضحية .
الكثير من الأطفال أكثر انفتاحاً بعد المدرسة ،حيث يكون كل شيء حاضراً وواضحاً في أذهانهم ،فإذا كنت أباً (أو أماً عاملة) ،حاول القيام بمحادثة هاتفية مع أولادك من مكان عملك في هذا الوقت بشكل منتظم . وهناك بعض الأطفال يفضلون أن يحصلوا على فترة من الراحة والهدوء بعد المدرسة فإذا كان ابنك من هؤلاء الأطفال فامنحه فرصة للحديث ،إما على مائدة الطعام أو قبل النوم .
أسئلة محددة : لتكن أسئلتك محددة ومباشرة مثل :كيف كان يومك ؟سؤال عمومي قد لا يجد ما يرد به ،لذا عليك طرح أسئلة محددة مثل :كيف كانت القراءة اليوم ؟وما الدرس الذي سمّعته ؟ !كيف استطعت حل مشكلة الحساب الصعبة ؟أي لا تسأل أسئلة عامة ،حدد أسئلتك..
و هناك بعض الأسئلة لا يجب طرحها أبداً وهي: من حصل على أعلى درجة ؟ما هي علامة صديقك ؟هذه الأسئلة وغيرها قد تشعر الطفل بالنقص والضعف .
استرخاء وراحة :إذا لم يشعر الطفل بالحرج من موضوع ما أو الخوف من توبيخك أو صراخك عليه يكون أكثر استرخاء وراحة ، و كثير من الآباء تكون لديهم أحاديث ودية مع أطفالهم عندما يكون وحده في البيت ليلاً ،وتقول إحدى الأمهات :أفضل كلامي مع طفلي أثناء إعداد الطعام .
وإذا كان ابنك كثير التحدث فأنت من الآباء القلائل المحظوظين :فحاول كثيراَ أن تمتدحه بعبارات تشجيع فأنت في أحيان كثيرة ستحتاج إلى هذه التفاصيل .
نغمة صوتك :نغمة الصوت التي تطرح السؤال لها تأثير كبير في دفع ابنك للإجابة عن أسئلتك أو تجنبها ،فمثلاً قد يأتي سؤالك ،هل صرخ المدرس في وجهك اليوم ؟بنغمة عالية دالة على الاتهام في الوقت الذي ترى أنه مجرد سؤال عادي من الآباء يبدأ حديثاً ودياً ثم يتحول إلى نغمة مختلفة يشعر الابن معها بمشاعر مختلفة أغلبها مخيفة لا تظهر إلا فجأة وهذا ما سيجعله يتحاشى الحديث معك في المستقبل .
التدريب المستمر : تدرب على الاستماع الجيد ،وذلك بتكرار ما يقول أو إشعاره بأنك توافقه الرأي وتحدث بأسلوب متفهم حتى سؤالك له (ماذا حدث ؟)…قد يحمل بعض القلق وبدلاً منه أسأله (احك لي عن ذلك ) وإذا قابلك أيضاً بصمت يمكن طرح سؤال بسيط ومحايد مثل :يا ترى ما شعور الأطفال عندما يكون مدرّسهم كثير الصراخ ؟
لمس المشاعر: ما يحتاجه الابن بالرغم من عدم إدراكه لهذا هو لمس المشاعر ،فإما أن ينسحب ويرفض الحديث أو ينفتح ويكمل الحديث ،فمثلاً أسئلة متفهمة مثل السؤال السابق يمكن أن تكون إجابته :لقد كان يوماً مؤلماً ..لقد صرخت المدرّسة دون سبب …لقد كان موقفاً سيئاً جداً ،وحتى إذا لم يتكلم فقد سجلت عندها حيادك وتعاطفك وعدم إلحاحك في السؤال وتوجيه الاتهام ….
في أي موقف حاول أن تتخيل نفسك مكان ابنك و تشعر ما يشعر به ولا تتعجل في طرح الحلول التي قد تؤدي إلى مزيد من الكتمان وعدم البوح .
منار الناعمة – هيا العلي