من شعرائنا الذين لا يحبون الظهور و لا يركضون وراء الشهرة إيمانا منه أن النتاج الأدبي الجيد و الشعر منه على وجه الخصوص يصل للناس لأنه يعبر عن الوجدان الجمعي العام …الشاعر معروف إبراهيم ناصر , وهو من فرسان قصيدة العمود و قلما يكتب قصيدة التفعيلة.
نتعرف على آخر دواوينه و قد جاء بعنوان نفحات وجدانية.
تتصدر الديوان قصيدة / عروسة الديوان/ هي فخر و اعتزاز بالوحدة الوطنية في سورية هذه الوحدة التي هزمت الأعداء على مر الزمن و سحقت عصابات البغي و الإجرام و فيها يعدد المدن السورية في تحية و اعتزاز لكل منها …فيقول:
أبوابك السبعة العظمى و قد خلدت
و كلهم باب خير غير موصود
دمشق يا قلعة الأبطال شامخة
قرارك الحق طرّا غير مردود
حمص العروبة سيف الله يحرسها
تدعى بأم الحجار الصم و السود
انظر إلى حلب الشهباء و قلعتها
و آل حمدان أهلوها بتأكيد
في اللاذقية ” أوغاريت ” مملكة
تحكي حكاية سر غير معهود
و في مراثيه ثمة حزن كليم لكنه مؤمن بقضاء الله و قدرة فقد عاد يوماً من عمله في إحدى المدن البعيدة ليجد أن والدته فارقت الحياة .. فأنشد قصيدة مؤثرة فيها:
توجهت للدار التي كنت أسكن
و كانت لنا مأوى و عش و موطن
و تجمعنا في كل عيد و خلوة
مع الأهل و الأحباب للود نركن
ننادي ببر ثم خير و حكمة
و دين و أخلاق بما كنا نؤمن
فأصبحت يا بيتاً من الخل خاليا
و لكن جميل الصبر خير و أثمن
وفي مراثيه لأصدقائه فإنه يذكرنا بمراثي الشعراء الكبار من سالف الدهر حيث يخلع على الراحل الصفات التي يستحقها و التي خبرها فيه بعد صداقة دامت سنين طوالاً, يقول في رثاء أحدهم :
يا أبا الجود و الوفى و السخاء
يا سليلاً للمعالي و للأصفياء
كل يوم يموت ند صفي
و أخ صادق صحيح الخاء
أنت نور و شمعة و ضياء فيك يهدى بالليلة الظلماء
و في الديوان ثمة قصائد في الحكمة يقول من قصيدته ” الفناء “:
كل الخليقة من أنس و من جان
لرحمة الله في عفو غفران
كل الأنام إلى الأجداث مرجعهم
أهلي و صحبي و خلاني و جيراني
من التراب إليه عادوا و اندثروا
فالكل للقبر من قاص و من داني
ويذكر أن الشاعر معروف إبراهيم ناصر يقيم في قرية ” البارودية ” في ريف حمص الغربي بعد أن تقاعد من عمله كضابط في الشرطة و محاضر في القانون الدولي في الجامعة و هو عضو اتحاد الكتاب العرب جمعية الشعر ، و له عدة دواوين و دراسات في السياسة.
عيسى إسماعيل