تحية الصباح ..من مسرح العبث

كانت المندوبة الأمريكية الصهيونية حتى نقي عظامها تلقي كلمتها النارية في مجلس الأمن وهي ترعد وتزبد وتهدد وتتوعد الشعب الفلسطيني بالويل  والثبور وعظائم الأمور إن لم يخضع ويركع ويقبل الخطة الأمريكية للسلام التي لم تعلن رسمياً بعد .
 وكنت وأنا أستمع إليها باهتمام واندهاش حتى جحوظ العينين وانزياح القلب أستحضر كل ماعرفته عن مسرح العبث ،  أو مسرح اللامعقول الذي كان تعبيراً عن الثمار المرة التي جنتها أوروبا من الحرب العالمية الثانية  العبثية المدمرة .
 كانت المندوبة – نيكي هيلي –  تستحضر كل صهيونيتها الحاقدة وأمريكيتها  المتعجرفة ، وتتذكر سلخ فروات رؤوس الهنود الحمر في تاريخها ، وتقول للشعب العربي الفلسطيني محذرة  بكل أساليب التحذير : إياك من المقاومة ، أحذرك من الرفض ، إياك والصمود ،  حذار حذار من فتكي وبطشي وكأن الصهيونية وداعميها لم  تفتك وتبطش بعد بالشعب الفلسطيني ، وقد مر على وعد بلفور المشؤوم أكثر من مئة عام ، وكأن الخطة الأمريكية للسلام التي لم تعلن بعد هي الأولى !! ولذلك على الشعب الفلسطيني أن يسارع الى شكر أمريكا على كرمها ، وعليه أن يقبل يدي العم سام على فضائله وأن يوقع على بياض ، وهو من اكتوى بنار التوقيع حتى الاحتراق  ، ولنا في – اتفاقيات أوسلو – المثال الساطع والفاجع ، وكأن على الشعب الفلسطيني أن يمثل دائماً شخصيتي البطلين في مسرحيته – صموئيل بيكيت – الشهيرة : – في انتظار غودوت – وأن ينتظر وينتظر في العراء ، تحت الأشجار  في الخيام مجيء غودوت الذي قد ينتهي العرض المسرحي ولا يأتي .
وربما يحترق المسرح ولا يأتي ، ولماذا يريدون منه كل هذا الانتظار الممل واللامعقول؟!!! ويأتي الجواب من مسرح العبث أو اللامعقول نفسه ، يأتي في مسرحيتين ليوجين يونيسكو – الخراتيت – ولعبة الكراسي
 فالخراتيت في الطرف العربي الآخر المقابل للشعب الفلسطيني المقاوم ، وهم يعرفون أن – غودوت – لن يأتي ، وأن – الخراتيت – أو وحيدي القرن الكبار لن يسمحوا له بالمجيء ، ولكنها :  – لعبة الكراسي – وعليهم أن يتقنوا هذه اللعبة لكي تبقى كراسيهم وخصوصاً أن الرئيس الأمريكي – دونالد ترامب – متقلب كشهر شباط ليس على كلامه رباط ، ويهددهم دائماً بتكسير  أرجل الكرسي الأربعة وقلبه رأساً على عقب .
 ولكن أيتها الآنسة الشهيرة والخطيرة – نيكي هايلي – إن الشعب الفلسطيني قد سئم حتى الثمالة من مسرح العبث واللامعقول ولم يعد يقتنع إلا بالمسرح الواقعي الجاد ، ولذلك يعرض مسرحياته في قطاع غزة والضفة الغربية وفلسطين كلها يومياً ويشاركه عروضه  الجادة الواقعية محور حقيقي اسمه محور المقاومة !!.

د. غسان لافي طعمة

المزيد...
آخر الأخبار