التربية هي حقل من حقول المعرفة العلمية وتتمثل في إعداد الجيل الناشئ للحياة والمجتمع وهي عملية ينقل فيها الجيل الراشد تجربته الاجتماعية المنقولة من أجيال سابقة إلى الجيل الناشئ الجديد بهدف إعداده للعمل والحياة وهو شرط ضروري لاستمرار بقاء المجتمع وتطوره . والتربية بمجملها تسعى لتكوين صفات أخلاقية وتصورات جمالية وأفكار فلسفية واتجاهات اجتماعية وقوة بدنية وتكون تحت إشراف أناس يفرزهم المجتمع خصيصا لذلك وهم (المعلمون والمدرسون ) وذلك في المؤسسات التعليمية ابتداء من الروضة إلى المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية إلى التعليم العالي . ويمكننا القول : إن الحاجة إلى التربية تنبع في الدرجة الأولى من ضرورات التعامل الإنساني في الأسرة والمدرسة ومجالات الحياة كافة . والمعلم يسعى لنقل المتعلم من حالة الجهل والأمية إلى حالة تنويرية تتسع دائرتها من الانتقال من مرحلة إلى أخرى وبالتالي يصل المتعلم إلى مرحلة العطاء الذي يعود عليه من خلال حصوله على عمل يؤهله له المستوى التعليمي الذي وصل إليه هذا من جهة ومن جهة ثانية يصبح العمل الجمعي للأفراد هو محصلة وطن وفي كافة المجالات وهو الهدف الأسمى لأن الوطن هو البيت الكبير الذي يضم كل أفراده وحصاد الأوطان يكون من خلال أبنائهم وعلى كافة الصعد .
مما سبق نستنتج أن الدور الأساسي والفاعل في العملية التربوية يعود إلى المعلم والمدرس الذي لا يدخر جهدا في وضع مالديه من إمكانيات بين يدي طلابه وكم تكون سعادته كبيرة عندما يكون إنتاجه مكللا بنجاح طلابه وتفوقهم، لكن السؤال الذي يحق لنا أن نطرحه: ما هو حصاد المعلم بعد انتهاء خدمته هل هو مساوي لما بذله من جهد خلال سني تعليمه التي قد تمتد أحيانا إلى أربعين عاما أو أكثر وهنا أخص نقابة المعلمين وعائدات المعلم منها وهل مبلغ أربعمئة ألف ليرة سورية يحصل عليها وبعد عدة أشهر من تقاعده يمكن أن يكون لها شأن في حياته المادية والاقتصادية خاصة إذا كان صاحب أسرة تعتمد في دخلها المادي على راتبه فقط خاصة في أيامنا هذه، ولو أجرينا مقارنة لوجدنا أن المبلغ هو نفسه قبل الحرب الظالمة على بلدنا الغالي سورية ونحن جميعا نعرف أن الأسعار ارتفعت بما يقارب عشرة أضعاف فهل هذا معقول ؟ هذا من جهة ومن جهة ثانية نجد أن على المعلم المتقاعد أن يجدد اشتراكه في الضمان الصحي وعليه أن يدفع بحدود ثلاثين ألفا كل عام خاصة أن الأمراض تكثر بعد التقاعد وخاصة أمراض الشيخوخة والسؤال لماذا لا يستمر الضمان وتتكفل نقابة المعلمين التكاليف المادية المترتبة على ذلك . أسئلة ملحة ولا بد منها نضعها بين أيدي المعنيين لإعطاء المعلم ولو الشيء اليسير لأنه لا شيء يقابل ما يقدمه المعلم من جهد وحصاد خاصة أن التربية الوطنية قادرة على صنع رجال يعيدون كتابة التاريخ كما فعل أبناء سورية الشرفاء عندما حققوا انتصارا هو الأعظم على مر التاريخ إذ ليس من السهل الانتصار على محور الشر وأدواته وداعميه على مستوى العالم بأكمله .
نعم لقد تحقق ذلك وأخرج السوريون رؤوسهم من التاريخ وهم يدافعون عن الإنسانية برمتها ويقولون هنا سورية بفضل ماقدمه حماة الديار والمعلمون وغيرهم لهذا الوطن الشامخ بأبنائه وقيادته وجيشه .
شلاش الضاهر