لم نكن حالمين جداً ، بليلة خيالية نسهر فيها مع عائلاتنا بعيد رأس السنة ، ولم نتزاحم للحجز في فنادق خمس نجوم ولا مطعم بنجمة واحدة ، ولا حتى الجلوس في مقهى شعبي متواضع ، كل ما وددناه « النزول » في بيوتنا برفقة عائلاتنا مع عشاء خفيف ، قوامه البطاطا والتبولة وبعض الفواكه والموالح وفروج أو كيلو لحمة يتربع على عرش السفرة ، هذا هو حال معظم من ينتمون إلى ذوي الدخول المحدودة والمهدودة ديوناً وقروضاً يمارسون هذا الطقس بزيادة أو نقصان وفق المتوفر من الاعتمادات المالية للأسرة ، ومع علم هذه العائلات بأن آفة الغلاء ستقلل من بهجة ولمة «السهرة » فإن معظمهم يعمل على شراء حاجياته قبل أيام إلا أنه وللأسف «الطين إزداد بلة وفوق الموت عصة قبر» فقبل عيد رأس السنة بأيام نفذ التجار ضرباتهم الاستباقية ورفعوا أسعار موادهم مضاعفة مع أنه بالأصل الأسعار مرتفعة جداً حتى البطاطا ( رمز البساطة ) تمردت على طقوسنا الاجتماعية بات لها موقع في المواد التي يعز على المواطن شراؤها الكيلو بـ 400 ل.س والبندورة كذلك بـ 350 ل.س ، وكله من إنتاج وطيبات أرضنا الخضراء ، فأي بعد إنساني أخلاقي اجتماعي يجعل الأسعار تقفز وترتهن الكلمة فيها للتاجر فقط مع قراءة أخرى تضاف لما سبق تضع “ التهريب “ سبباً آخر للغلاء المستشري في أسواقنا ومع هذا وذاك ومهما كان السبب فإن علامات الاستفهام تطرح نفسها وبحدة في وقت يفترض أن تكون تلك المواد بمتناول المواطن وبأسعار زهيدة فهناك شريحة كبيرة من المواطنين تصارع الحياة بوجع يومي لا تعرف تدبير قوت أطفالها ، حتى تلك المواد التي ذكرت كانت ملاذ الفقير وباتت تعز عليه ، وطبعاً ، الرقابة في قيلولة ، لو لم تكن العيون غائبة عن الرقابة والتحري والمتابعة لما كنا نشاهد فروقات سعرية بين مكان وآخر… والمعالجة عقيمة سقيمة لا تهز رمشاً لهؤلاء محترفي الأزمات ، فالرقابة بحاجة لحزم وجهود وإجراءات تساهم في استقرار الوضع الاقتصادي.
انتصارات جيشنا وإنجازاته تشكل ملامح الحاضر والمستقبل ويفترض أن تتوازى هذه الإنجازات بدعم وجهود جبارة تساهم في استقرار السوق وكبح جماح وشبح الفلتان الذي يمارسه بعض ضعاف النفوس والذي يتجاوز سقف قدراتنا المادية ولا مخرج منه سوى بالعزم على مكافحته واقتلاعه من “ شروشه “ كون ثقافتهم استشرت والعاقبة بائسة إن لم يتم السيطرة عليها …. وفهمكم كفاية .
العروبة – حلم شدود