منذ عقود عديدة , وبالتحديد منذ أربعينيات القرن الماضي وبعدما حصلت سورية على استقلالها وهي تمد يد العون للأشقاء العرب لاسيما الدول التي لم تكن قد نالت استقلالها بعد كالجزائر واليمن والإمارات وغيرها .
ولعلنا قرأنا وسمعنا عن النساء السوريات اللواتي تبرعن بمصاغهن من أجل ثورة الجزائر ضد الفرنسيين المحتلين والمساهمة في حملة التعريب والتعليم بعدما تحررت الجزائر .
وما قدمته سورية للأردن .. قاله قبل أيام مواطن أردني قادم من معبر نصيب لدمشق :« سورية الشقيقة أم حنون .. لقد أعطتنا الماء عندما عطشنا ..»
وقبل سنوات , وفي أواخر القرن الماضي , فتحت سورية مخزون قمحها الاستراتيجي من أجل أشقائنا في مصر الذين لم يكن لديهم من القمح ما يكفي لأكثر من عشرين يوماً ..!!
نظرة سورية وتعاملها مع البلدان العربية , تنبع من مبادئ الإخوة العربية والمصير القومي المشترك .. والشقيق لا ينتقم من شقيقه ولو كان هذا الأخير عاقاً وشريراً .. وحتى قاتلاً ..!!
من هنا , فإن الحديث عن زيارة الرئيس السوداني لسورية , وما سيتبعها من زيارات لمسؤولين عرب .. تعني عودة الشقيق الضال .. الى شقيقه ..
والزعماء العرب , فرادى أو مجتمعون , عائدون الى دمشق , نادمين على ما كان منهم .. وهؤلاء يمثلون النظام الرسمي العربي وليس الشعب العربي الذي ما انقطع يوماً عن سورية والذي يعتبر سورية مفخرة العرب لوقوفها بوجه العدوان الصهيوني الذي يستهدف العرب كلهم .
وهكذا فالقول بعدم استقبال هؤلاء جزاء ما اقترفوا بحق سورية لا يليق بمكانة سورية وسموها .. مع تفهمنا لمشاعر وعفوية من يرون ذلك .
ولكن ما الذي سيقوله الزعماء العرب عندما يزورون سورية ويلتقون قائدها المنتصر على المؤامرة التي كانوا مشاركين فيها ..؟! أية عبارات اعتذار يقدمونها ؟!!
كيف يبررون ماقاموا به من عدوان بحق شقيقهم السوري؟!!
الزعماء العرب عائدون الى دمشق الشام .. ولكن عليهم أن يقفوا بالدور وينتظروا الموافقة والموعد ..
فقلب العروبة النابض يصفح ولا ينسى .. ودمشق بكل ألق عروبي وشهامة عربية تفتح الباب لهؤلاء ..!
.. فهل تؤسس عودة العرب لدمشق لمرحلة جديدة من العلاقات العربية – العربية .. والجامعة العربية التي ستقدم طلباً فيه عبارات الرجاء والتوسل لسورية لتعود إليها .. هل تصبح جامعة « عربية » لها شيء من اسمها ؟!
دمشق تقول للعرب :« من دخل دمشق فهو آمن »
عيسى إسماعيل