تمر الأيام على مطلول مساحب أزمان و أزمان , ويدرج الناس على دروب الأعمار , وتروح الحياة أجيالاً ديمومة وجود في أنفاس كل حضور , وتعمّر مداميك كل عمران , فتثرى بكل جديد , وقد اكتنزت بكل أصيل تليد .. هي فاعلية الحراك الإنساني في كينونة الحياة على جنباتها صُعداً , وعلى مراميها آفاقاً .
أجل ! تدرج وتبقى في مؤونة التجربة الإنسانية أحاديث هي خبرات تراكمية تحكيها حيوية أنماط سلوكية وقد طفحت بها قدرات وخبرات ومهارات هي زاد الوعي الذي ينمو اطراداً ليكون في الجانب الموضوعي صدى لوعي تثاقفي جدلي و آخر ترابطي عضوي وفي تمازج كليهما يكون هذا التفكير الكلي وذاك السلوك الفردي أو الجماعي . هكذا يكون الفعل وتكون الأحداث و الأحاديث رجع الصدى غنى فضاء رحب يتسع أكثر فأكثر عندما يزهو خيراً يعانق خيراً وتشييداً يعانق إعماراً ونبوغاً يتجدد ابتكاراً وبذلك يكون الرجع في وعي الضمير والعقل ووقدة الوجدان هو النفع لكأنه الندى في أكمام الورد والغيث في اكتناز سحابة اجتهدت فرح خير وعطاء بقطرات تحمل الحياة , فما إن تلثم وجنات التراب حتى تراها قد أحالت السهول والوديان والسفوح واحات لأدواح من باسقات شجر و أكوام زروع في لاحقات تنامي فصول وتفتح براعم لثغور من مساكب أزهار , نفح الطيب دنيا من عوالم عناق صقيل ماء في اتساع محيطات وبحار وفساحة زرقة سماء عبر تكاملية وحدة الجمال ما بين مسطحات جادت بكثيف بخارها وديم سكوب بفيض غيثها حتى لكأنها تقص استعارة البحار والبحيرات حكاية ذاك الغيث في كرم السماء ضمن هذا التفاعل الحاضن بعداً رمزياً لدور الطبيعة في تعاضدها فمن هذا وذاك كانت الينابيع والأنهار و إشراقات العطاء زروعاً في حقول و أكواماً في بيادر و أغاريد في أفراح لمواسم من حبات غيث وقطرات عرق و إرادة عمل .
هو رجع الصدى علائق تؤكد وشائج , وذكريات هي صدى لوقائع أيام و أحداث وهو رجع الصدى لأصوات أحبة و أحباب في مكامن النفس ومطالع الوجدان ونباهة الفطنة في مرامي كل نبوغ و أصالة .. هو رجع أغصان الخير عبر قطوف دانيات إنه النفع الكامن كياسة أفعال و أعمال تتشرب من معلم الطبيعة وفلسفة الحياة ولقاء الإنسان بالإنسان نفحات هذا الوعي الجمال لمعنى أن يكون المرء في الحياة ثنائية علاقة مداها انفعال بالحياة وتفاعل فيها ضمن رزانة وعي وشرفات لقيم مضافة تسهم في كل ابتكار رجع السحاب في مدونة الإبداع قافية شعر أو اتقاد جمر لمقطعة نثرية عبر حرف في كل علم وفن وريشة في لون أو نغمة على وتر أو إبداع في مجال , ما اتسع الإبداع في علوم الحياة على اختلافها إنما هو النفع و إن تعثر حيناً من غير دقة في موعد أو انزياح في غيره فإنه يبقى في كف الآمال دعاء خير وهو معنى الجود في اتساع الكرم والتأصيل في تجذر كل جميل , وجميلة هذه الأبيات : جمالك لا يحد له مجــال كأن العين شُدَّت بوثاق فيوقفها سناؤك عند حد ولو عبرت على خيل عتاقِ أُحسُّ مرارتي برجع صوتي ويصحب رجعه دمع المآقي فلا عطر يؤرجحني شذاه ولا طعم أراه حلو المذاق.
نزار بدّور