يهدف العمل الإحصائي للوقوف على مؤشرات الواقع الاقتصادي والمعاشي لأفراد المجتمع ولحركة الأسواق ومدى مساهمة شركات القطاعين الصناعي والتجاري في دعم الاقتصاد الوطني وتلبية احتياجات مسيرة التنمية المستدامة ويعد المكتب المركزي للإحصاء خططا وبرامج كل عام لإجراء مسوحات تشمل أغلب مراحل الانتاج والتسويق للوقوف على حركة هذه المراحل ولوضع قاعدة بيانات يمكن من خلالها تحديد نسب النمو بشكل عام ..علما أن المسوحات التي تنفذها مديرية إحصاء حمص تتم بأسلوب العينة منها ماهو دوري ومنها ماهو سنوي لتحديد الأرقام والإحصاءات الحقيقية لعدد من أوجه النشاط الاقتصادي وذلك في إطار مواكبة التطورات التي تحصل على كافة الصعد لرصد اتجاهات النمو سواء كانت سلبية أم إيجابية و تعكس مدى التطور على المستوى الاقتصادي والاجتماعي لأن البرامج الإحصائية المنفذة تساهم بشكل فعال في تعزيز قدرة المواطن والمجتمع على تحقيق النمو المأمول في الناتج المحلي.
قاعدة بيانات
وللوقوف على أنشطة مديرية إحصاء حمص التقت (العروبة ) بمديرتها فيروز خير بيك و التي أوضحت في بداية حديثها أنه من أولى مهام العمل الإحصائي الحصول على مؤشرات التنمية ووفق الخطط المقررة, ومن خلال بيانات المسوحات المنفذة التي تشكل قاعدة انطلاق لتحسين واقع المجتمع شاملة مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والخدمية للمساهمة في إعطاء الجهات المعنية مؤشرات واقعية ومنطقية تنطلق من الواقع المعاش للأسرة وللأفراد في المحافظة (مدينة وريفا) , و من هنا تبرز أهمية بيانات العمل الإحصائي بكل تشعباته والتي أضحت ذات أهمية بالغة في عملية التطور, فالرقم الإحصائي أصبح يشكل ضرورة وحاجة ماسة في البناء الاقتصادي وصوغ خطط التنمية ….
وأكدت خير بيك إلى أن الأنشطة الإحصائية تهدف في إطارها العام لرصد أسعار السلع والخدمات التي يستهلكها القطاع الأسري ,وذلك من خلال جمع بيانات أسعار سلة من سلع الخدمات للتوصل إلى قياس التغير الحاصل على تكاليف المعيشة .. وهذا الرقم القياسي يمكن أن يفيد في التحليلات الاقتصادية وتحديد السياسات الخاصة بها وتحديد سياسة الدولة تجاه مراقبة الأسعار والتدخل في السوق بغية حماية المستهلك وتقرير سياسة الحكومة الخاصة بالاستهلاك والأجور وتحديد معدل التضخم ودراسة العلاقة بين الرواتب والأجور .
وأشارت إلى أن المديرية نفذت خلال العام الماضي سبعة مسوحات ورفعت بياناتها إلى المكتب المركزي للإحصاء .
مقاربة ومقارنة
وعن مقدرة المسوحات المنفذة على عكس واقع المواطن ضمن جدلية معادلة الأجور و الأسعار قالت خير بيك :تنفذ المديرية مسحا لأسعار المواد الاستهلاكية بشكل أسبوعي وشهري وربعي وعلى مدار العام ,ومن شأن المسح أن يعطي مؤشرات واقعية ومنطقية عن كيفية تعامل الأسر مع موجة ارتفاع الأسعار إذ يشمل المسح المدينة والريف لاستنتاج الرقم القياسي لأسعار الاستهلاك والحصول على مؤشرات إجمالية تعكس تطور أسعار السلع والخدمات المستهلكة ,وهذا يعد قياسا إجماليا للتغير النسبي في المبلغ المدفوع لشراء سلعة استهلاكية ويساعد في تحليل الأداء الاقتصادي من خلال تقويم مقاييس التضخم على مستوى معيشة المواطن وأفراد أسرته, إضافة لرصد تغيرات الأسعار على جميع السلع الاستهلاكية وبشكل دوري أسبوعي وشهري وربعي وللوقوف على أهمية كل سلعة من مكونات السلة الاستهلاكية وحجم الإنفاق الأسري عليها ومقاربة أسعار كل سلعة مع باقي السلع للحصول على مؤشرات تفاوت الأسعار بين سلعة وأخرى , و معدلات ارتفاع الأسعار ومقاربتها مع أسعار السنوات الماضية والأسواق المجاورة ….
تغير أنماط الاستهلاك
وعن رصد المسوحات لتغير أنماط الاستهلاك في ظل ارتفاع غير مسبوق للأسعار أكدت خيربك أن المهمة الأساسية لفرع مديرية الإحصاء جمع البيانات وتدقيقها وإرسالها إلى المكتب المركزي للاحصاء من أجل تحليلها وإصدار النتائج ولاسيما ذات الاتجاهات المحددة ,ولكن نستطيع التوصيف من خلال المسوحات ونتائجها أنه طرأ تعديل على أنماط الاستهلاك وذلك حسب الواقع الاقتصادي لكل أسرة وأولويات معيشتها ,ولوحظ انخفاض نسب الإنفاق على الألبسة عموما لصالح أمور أخرى أكثر ضرورة وحاجة مثل الطبابة والأمور الصحية التي بدورها ارتفعت نفقاتها كما باقي السلع الاستهلاكية . . كما بينت المسوحات أن معدل الإنفاق لأغلب الأسر اكبر من معدل دخلها المعلن ولكن لا يمكن أن نربط الدخل بارتفاع الأسعار أو زيادة الإنفاق بارتفاع الأسعار لأنه في حال ثبات متوسط دخل الأسرة فإن النمط الإنفاقي يتكيف مع ارتفاع الأسعار ليتم تغطية حاجات الأسرة حسب الأولويات التي تختص بها كل أسرة بنمطها الاستهلاكي..
رصد أسعار الإيجارات
و ذكرت خيربيك بأنه تم مؤخراً إجراء مسح لرصد واقع أسعار الإيجارات ولحظ التغيرات التي طرأت عليها ,ويعد هذا المسح من أهم المؤشرات الاقتصادية ,وخاصة تلك التي تعكس مستوى أسعار العقارات والإيجارات إضافة إلى مراقبة هذه التغيرات التي يمكن توصيفها بالطارئة والمؤقتة, مؤكدة بأن الهدف من هذا المسح هو معرفة التغيرات في حركة الأسعار على مستوى العقارات والإيجارات , وحساب وسطي تكلفة المتر المربع الطابقي للبناء السكني إضافة إلى حساب وسطي تكلفة كل مرحلة من مراحل البناء وإعداد الرقم القياسي لتكلفة المتر المربع الطابقي .. وينفذ البحث بدورية (نصف سنوية ) تشمل القطاعين الخاص والعام ويمكن من خلاله معرفة تكلفة الهيكل في القطاعين وأيضاً التعرف إلى تكلفة الإكساء للمسكن الجيد والعادي في القطاع الخاص ويوفر هذا البحث البيانات اللازمة للدارسين والباحثين والمخططين لتقدير تكلفة البناء بشكل عام ..
علما أن أسعار البناء والإيجارات لها أهمية اقتصادية لارتباطها الوثيق بالحالة المعيشية للمواطنين ,ويشمل مسح الإيجارات ما يدفعه المستأجر لقاء بدل الانتفاع من العقار والمسكن وما يترتب على المستأجر من نفقات مالية كالتدفئة والإضاءة… للحصول على مؤشرات واضحة تعكس واقع حركة أسعار الإيجارات والتطورات الحاصلة عليها وعلى أسعار العقارات التي شهدت في الآونة الأخيرة ارتفاعا ملحوظا لا ينسجم لا من قريب ولا من بعيد مع دخل المواطن سواء كان موظفا أم من شريحة صغار الكسبة , كما لحظت البيانات مفارقات في أسعار وإيجارات المساكن بين حي وآخر في المدينة ..
مسح لتقدير الإيرادات
وتابعت:هناك مسح مكمل للمسوحات الأخرى تقوم به المديرية وهو لتقدير حجم الإيرادات المتحصلة من نقل الركاب وحمولات سيارات النقل العمومية وحساب القيمة المضافة والتعويضات للعاملين على هذه السيارات وتقدير المسافات المقطوعة, لوضع بيانات تخدم الحصول على مؤشرات حركة أسعار النقل وتوفير بيانات اقتصادية تلبي احتياجات المستخدمين لسيارات النقل العامة وتساعد في رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية ومتابعتها وتقييم آثارها , و أكدت بأن هذا المسح يمثل نقطة هامة وجزءاً لا يتجزأ من الرقم القياسي لأسعار المستهلك، إذ تتوزع السلع والخدمات المكونة لســـلة المستهلك على عدة مجموعات رئيسية ومجموعات فرعية من السلع والخدمات .
مؤشرات عن سوق العمل
مشيرة إلى المسوحات المنفذة حول قوة العمل خلال العام الماضي ,وهو يعكس مؤشرات قوة العمل في المحافظة ومدى ارتباطها بالعرض والطلب ,ويعد هذا المسح من المؤشرات الهامة للواقع المعاشي للمواطن ولواقع ارتفاع أسعار اليد العاملة إضافة إلى تحديد نسب العمالة والبطالة سواء في القطاع العام أوالخاص لهذا حرص المكتب المركزي للإحصاء على وضع جملة من المؤشرات على المستوى الوطني للوقوف على الواقع بشفافية , و يتم تنفيذه وفق سلسلة زمنية تتسم بالدورية وبصفة خاصة الدورية السنوية لأهميته وقد تم تنفيذ هذا المسح بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل خلال الفترة الواقعة مابين 15 – 7 ولغاية 6 – 8 من العام الماضي للحصول على مؤشرات قوة العمل التي تختص بمعدلات البطالة وتوزع المشتغلين وفق الأنشطة الاقتصادية والمهن ومعدلات أجورهم .
مسح سياحي
ونظراً لأهمية النشاط الفندقي ضمن قطاع الخدمات الاقتصادية أشارت خير بيك أنه تم إجراء مسح على أغلب الفنادق بالمحافظة من أجل إظهار فعالية هذا النشاط ومدى مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي ,ومعرفة ما يقدمه القطاع السياحي من خدمات ومدى مساهمته في دعم سلة العملات , وأوضحت أن المكتب المركزي للإحصاء أكد ضمن توجيهاته على ضرورة إجراء هذا المسح لأهميته في استقراء مؤشرات حركة السياحة ,وتم تنفيذ هذا المسح خلال الفترة الممتدة ما بين نهاية شهر أيلول وحتى منتصف شهر تشرين الأول الماضي .. ويهدف لتأمين وتوفير قاعدة بيانات شاملة عن حركة السياحة في الفترة التي كانت متزامنة مع مهرجان القلعة والوادي..
مسح للمنشآت الصناعية و التجارية والخدمية
و عن أهم المسوحات قالت خير بيك :إن المسح الذي استهدف المنشآت الصناعية والتجارية و الخدمية يعتبر ذو أهمية خاصة فهو يهدف إلى تحسين قاعدة البيانات المتعلقة بالاستثمارات الصناعية والتجارية ومدى انعكاسها على الواقع الخدمي ,فالقطاعين الصناعي والتجاري الخاص ينظر إليهما كمساهمين في عجلة تنمية وتعزيز الاقتصاد الوطني وقدرته على تحقيق النمو في الناتج والقيمة المضافة والعمالة ..
وأضافت: ينفذ هذا المسح عن طريق العينة والحصر الشامل وبشكل دوري ويهدف إلى جمع بيانات عن القطاع الخاص الصناعي والتجاري وباستمارة مختصرة تشمل مؤشرات عديدة منها قيمة الإنتاج ومستلزماته والإيرادات و قيمة مستلزمات الإنتاج والسلعية الخدمية و عدد العاملين والأجور و المبيعات والمخازين و والأصول والاهتلاك و الضرائب والرسوم , بالإضافة إلى بيانات الإيرادات والدخول والمصروفات , وذلك تلبية لاحتياجات حساب الرقم القياسي الصناعي وحساب معدلات الزيادة ولتزويد مديرية الحسابات بالبيانات المطلوبة في وقتها وقد شمل هذا المسح / 1630/ إطارا منها / 733/ إطارا للقطاع الصناعي و/ 897/ للقطاع التجاري وتم تنفيذه خلال الفترة الواقعة ما بين ( 7 – 11 و 15- 12 ) من العام الماضي …
صناعة رائدة
الباحث الاقتصادي شوقي حمدان تحدث حول أهمية المسوحات التي تنفذ قائلا : تعتبر صناعة الرقم الإحصائي من الصناعات الرائدة في سورية والتي توفر للحكومة الأساس في وضع الخطط المستقبلية والقاعدة من البيانات الإحصائية اللازمة للاطلاع على تفاصيل الواقع المعاش ومعرفة الملامح أو الخطوط العامة للتطوير من أجل بناء الخطط والاستراتيجيات الكفيلة بتحقيق الأهداف المنشودة على أكثر من صعيد بهدف تحديد حاجات المجتمع ومسيرة التنمية التي تخطط لها الحكومة وانطلاقا من هذه الأهمية يجب لحظ التباين في الإنفاق بين مختلف الشرائح وإعطاء مسح الأمن الغذائي الأسري أهمية فائقة والعمل على تشميل هذا المسح مختلف مناطق المحافظة ,ولاسيما في القرى التي تعرضت للإرهاب بهدف توفير تقييم موضوعي وتفصيلي لحالة واقع الأمن الغذائي والتعرف على أماكن التركيز الجغرافي للأسر المعرضة لحالة تأرجح واقع الأمن الغذائي وخاصة التي تحتاج الى المعونة ومساعدة الجهات المعينة بتقديم المساعدات للأسر في اتخاذ القرار الأنسب لاستهداف الفئات المحتاجة فعلا واستهدافها في النشاطات اللاحقة على جميع الصعد الاقتصادية والاجتماعية… ونوه حمدان إلى أهمية الإحصائيات التي تقوم بها مديرية إحصاء حمص والمكتب المركزي للإحصاء على أي صعيد بهدف تحقيق التنمية المنشودة باعتباره حجر الأساس لأي قرار من خلال المنتجات الرقمية التي تنتجها والتي ستنعكس خيرا على الوطن والمواطن في كافة المجالات .. فالاقتصاد هو عصب الحياة لأي مجتمع وهو المحرك الأساسي للحياة الاجتماعية وتنميتها, ومن خلاله تتحدد مراحل حركة الاقتصاد – علوا أو هبوطا– ليصار إلى وضع الخطط والبرامج التي تهدف للارتقاء واقع المجتمع عموما..
بسام عمران