فكرة : أزمة المازوت… لا حياة لمن تنادي

منذ بداية الصيف الماضي استنفرت الجهود في محافظة حمص لإصدار البطاقة الذكية ، وإيصالها إلى كافة المواطنين وذلك بهدف القضاء على أزمة المحروقات التي ظهرت العام الماضي ، حيث ظهرت مخالفات عديدة ، وإشكالات كثيرة في توزيع هذه المادة على المواطنين ..
هذا العام ، وبعد أن تم إصدار البطاقة الذكية ، هل تم استخدامها ، وهل تم القضاء على هذه الأزمة ، أم أن الأمور تفاقمت ولم تستطع البطاقة الذكية ولا الجهود المبذولة من إيصال هذه المادة إلى مستحقيها فأين تكمن المشكلة .. هل بالقرارات التي نصدرها ولا يتم تنفيذها ومتابعة تنفيذها على أرض الواقع ، أم أن المشكلة ليست بالقرارات بل بالأساليب المبتكرة التي يتبعها صانعوا الأزمات لتخرق هذه القرارات والإجراءات التي يتم وضعها تلافياً للأزمات التي تنشأ .
فلماذا لم تستعمل البطاقة الذكية في توزيع مادة المازوت على كافة المناطق والأحياء ولماذا ظهر تقصير واضح لدى شركة المحروقات في توزيع هذه المادة على الرغم من قيام صهاريجها وآلياتها بتوزيع هذه المادة منذ الشهر التاسع من العام الماضي وفق البرامج التي وضعت لهذه الغاية ولماذا لم يتم التوزيع في الكثير من الأحياء والمناطق حتى تاريخه ، ومتى تستفيد تلك الأحياء والمناطق من حقها من مادة المازوت بعد أن شهدنا موجات من البرد والصقيع وعواصف حملت أسماء عديدة لاتشي بالبرد على الرغم من رومانسيتها وقد فوجئنا على بعض وسائل التواصل الاجتماعي بأخبار عن تجاوزات كثيرة في توزيع هذه المادة وبفيديوهات توضح تهريب المادة عبر الحدود إلى بعض دول الجوار ، فكيف خرجت مئات الآلاف من الليترات ، وكيف تسللت عبر القرى والمناطق السورية إلى القرى الحدودية .. وهل يعني تهريب هذه المادة إلى جهات مجهولة أن ثمة فساد واضح وثمة حلقات مفقودة في آلية توزيع المحروقات الأمر الذي يؤدي إلى حرمان آلاف الأسر من مادة المازوت ومعاناتها من البرد الذي لم تمنعه الأغطية والألبسة التي شكلت طبقات إضافية عند الأسر الفقيرة التي حرمت من الدفء هذا العام .هذه المخالفات وهذا التقصير الذي ظهر في آلية التوزيع ألا يستحق المساءلة والبحث عن كيفية تسلل مادة المحروقات إلى غير وجهتها التي ربما كانت ستتجه إليها ، لقد سمعنا الكثير من السيناريوهات وأساليب الخداع التي يرتكبها سائقو الصهاريج المحملة بمادة المازوت بالتعاون مع من يديرون عملية تهريب هذه المادة والأهم باعتقادي أن الجهود يجب أن تنصب حقيقة على منع تلك المخالفات التي جرت هذا العام ليس لأن موجة البرد كانت قاسية وليس لأن آلاف العائلات وأطفالها عانوا من البرد وحرموا من مادة المازوت بل لأن هناك فساداً ولصوصاً علنيون سرقوا هذه المادة في وضح النهار ولا أدري إذا كان هذا الأمر يكشف وراءه شبكة من المهربين ومن العاملين في القطاع العام الذين سهلوا مثل هذا الأمر .
اعتقد أن المشكلة شائكة ولعل الحيثيات هي التي تفسر بشكل جلي سبب عدم جدوى البطاقة الذكية في تحقيق العدالة وإيصال المخصصات من المحروقات لمستحقيها ، فالبطاقة الذكية حين استخدمت “ مثلاً “ في توزيع مادة البنزين على السيارات انحسرت الأزمة ولكنها كانت غائبة ومغيبة عن توزيع مادة المازوت .. فهل هذا مقصود وهل كانت البطاقة عاجزة عن القيام بدورها بسبب اللعبة أو الألعاب التي اتبعت هذا العام والتي منعت آلاف الأسر من الاستفادة من المازوت ..
المطلوب حسب اعتقادي البحث جلياً عن أساليب وطرائق توصيل هذه المادة لكافة المواطنين بالتوازي مع منع تهريب المازوت إلى بعض المناطق الحدودية كي تصل إلى دولة مجاورة وتباع فيها المادة بمبالغ كبيرة كي تضبط الأمور وتعود إلى نصابها ..
التهريب شئنا أم أبينا موجود وبطرق واضحة وعلنية وفي ضوء النهار وهو لا يقتصر على المازوت والغاز والمنتجات الضرورية بل يتناول كثيراً من المنتجات وهذا يحرم خزينة الدولة من الرسوم فهل ستستمر الأمور على ما هي عليه .. أم ستتم معالجتها .. أم انه لا حياة لمن تنادي ..

عبد الحكيم مرزوق

المزيد...
آخر الأخبار