نحث الخُطا إلى مدارسنا ، و منشآتنا التعليمية ، تدرّجَ مستويات مؤسساتية . بهممٍ عالية على دروبٍ تنبض بالحياة و تنهض بإرادة عميقة التجذّر بمعنى ثنائية الواجب و المسؤولية و بفاعلية غامرة بالحيوية و النشاط ، و التملي بفرح الجد و المثابرة ، و السعي الدؤوب لمعمارية مداميك النجاح اطراد تفوق ، ينشد تميزاً ، و بكليهما آفاق المستقبل المشرق . إنّه العام الدراسي المشرعة أبوابه لكل جهد و عطاء ، و كدًّ و مثابرة ، و إعمال تفكير ، و تحفيز وجدان ، و إدراك مسؤولية ، و تفهم دلالة الزمان في فساحة الأزمنة ، و واقعه عمراً في تتالي الأعمار . و مقام ذلك في حسن استثمارٍ لدلالات ثوانيه و أيامه و شهوره و فصوله في توكيد حضورٍ طافحٍ بكل إنتاج و نتاج يحاكي وعي النجاح في الزمان كسباً له ، و لمعارف و خبرات و مهارات السير فيه نبوغاً يؤسس دوام تألقٍ تعاقبَ أعوام في بنائية الذات ، و صحوة الحياة ، الحياة.
إنّه العام الدّراسي و في معطاه : المدرسة كونها واحدة من منشآته التعليمية يعبق أهازيج فرحٍ بحياةٍ ناضرة حيث الأبناء و المعلمون و العاملون ، و المناهج ، و الخبرات و المعارف و الاستراتيجيات و الطرائق ، و منظومة المؤسسة التربوية بقوانينها و تعليماتها و نظامها الدّاخلي ، و عراقتها في دلالة مكانتها التربوية الوطنية : مؤسسة اجتماعية تنوب عن المجتمع في إعداد الناشئة إعداداً بنيوياً هادفاً لمواجهة تحديات الحياة ، و صقل مواهبهم و تعزيز خبراتهم ، و بناء معارفهم ، و توجيه قدراتهم و ميولهم صوب كل ما يحقق لهم الحضور الأمثل في تمكين دورهم أمام أنفسهم و الحياة ، و تحقيق أهدافهم في حياة حرة كريمة ، و هم يصوغون قدراتهم نجاحات ٍ و بتربية مؤسساتية تعزز دور الأسرة في بناء المواطنة الحقة انتماءً متجذراً للوطن و الأمة و الإنسان بذهنية ضاربة الجذور في الوعي الوطني و القومي و الإنساني في مدارات الوجود الحضاري عبر تنمية مستدامة . إنّه ، هذا الوجود الحضاري لإنساننا العربي ، و للساننا العربي الفصيح الحامل الذّاتي و الموضوعي لكينونة الأمة العربية عبر سبعة عشر قرناً ، و لايزال ، من تحديات للهجات و إمبراطوريات و تتريك و فرنسة و تهويد ، وغزو ثقافي و عولمة مسيسة ، و مخططات لتقانات و ثقافة ترتبط بوسائل التواصل الاجتماعي و غير ذلك… فإن البنية المجتمعية بقيمها ، و ثوابت تأصُّلها في منظومة القيم ، و سيرها في دروب الواقع المعيش تدرك واقع التحديات التي تريد النّيل من إنساننا و أمتنا ، و لاسيما قيمنا و لغتنا العربية الفصيحة لساناً . و كون المدرسة مركز إشعاع و القيم و البناء المرتكز على فلسفة تربوية صقيلة الرؤى والأهداف ، مكينة الارتكاز الوطني و القومي في أهدافها مع انفتاح إنساني حضاري ، فإن المدرسة الطافحة وعي معارف و خبرات تدّرجَ نموٍّ انفعالي للأعمار على مدارج الزمان ، و محاكاة طرائق و استراتيجيات لإكساب المتعلمين مهارات ، فإن اللغة العربية ، اللغة الأم الحاضرة ثنائية عقل و وجدان في الحروف كلمات ، معارف ، و خبرات ، و مهارات عبر دروس في وحدات ، و وحدات في كتب ، فإن سعة الفطن اللماحة تزداد بريقاً عبر مؤشرات كثيرة ، يتقدم تلك المؤشرات أساسها : ألا و هو اللسان ، اللغة العربية الفصيحة تعليماً و تعلماً ، حواراً و مناقشة ، و طرائق تفاعلية و تمثلاً لأهداف الدروس القرائية المتخصصة في كل درس في الأدب مثلاً ، و كذا الأمر في المواد جميعاً نقاشاً و تعبيراً.. فالمدرسة مكان رحب لتوكيد كل معلومة و خبرة و إكساب مهارة ، و ما اللغة إلا مهارة . فابن خلدون : ” اللغة ملكات أشبه بالصناعات ، إذ هي ملكات في اللسان للعبارة عن المعاني ، و جودتها و تصوّرها ، بحسب تمام الملكة أو نقصانها ” . أجل إنها المهارة التي تحتاج إلى صقل عبر حسن المحاكاة ، و تمثّل مهارات الطرائق ، و مراعاة الميول و الاتجاهات للمتعلمين ، و الذاكاءات و الفروق الفردية لديهم و أنماطهم البصرية و السّمعية و الحركية ، و قابلية التعزيز الإيجابي لديهم في التلقي الفعّال ، لا المنفعل فحسب . و هنا ، مهارة المعلّم الناجح ، المتقد حيوية معارف و خبرات بحثية و ميدانية ، و الجامع بين التعلّم تربيةً في العمق ، و واقع مهنة ، و رسالة مربٍّ إذا ما كان يدانيه تقاعد عن عمل ، فلا يدانيه تقاعد في رسالة خبير ، إذ هو حاضر في أكنان قلوب المتبصّرين عقولاً أنفاس تعاقب أجيال ، و وقار ذاكرة ، و شهامة لبيب . و مما لا شك فيه أنّ المهارة دربةٌ تحتاج إلى دوام صقل ، و حسن ذلك في التمكين للّغة الذي هو كائن في الاستخدام الوظيفي كما الحال في النحو والتعبير ضمن المعطى الوظيفي لهما, مع تركيز التعلّم بالفهم والمحاكمة العقلية, ومرجعية تضمّ أنساق اللغة ,وأساليبها ومجالات الإبداع فيها أجناسا أدبية وتعميق المفهومات والمصطلحات , فالتذكّر مستوى معرفي , لكن بالتكرار : مهارة ذهنية خطوة فخطوة وتمثل النقاط المعرفية , وإعمال التفكير والعمل الجماعي بالطرائق حوارا مع الأنشطة , وتعزيز ذلك بالأنشطة اللاصفية والتقويم بأنواعه كل ذلك يحفّز الميول ويعمّق إثارة دافعية التعلّم , وصداقة الكتاب وحبّ المعرفة , وإدراك جمال اللغة عبر نتاجاتها وأنساقها وقيمها وجمالياتها, هذا ويدلّ الأمر وفق فهم وتخطيط ليكون محققا (تنظيم المحتوى)ولا أيسر من ذلك لدى المتعلّمين .. التلامذة .. الطلبة . فالطفل يتكلّم قبل أن يقرأ , وقادر على الاكتساب إذا ما أشرقت قدراته وميوله في رحاب إدارة صفية , قوامها : تفاعل صفي حاضر في نتاجات التعلم المعرفية والوجدانية والمهارية .
إن لغتنا العربية تتنفس في حنايا العلوم وأبنائها بلاغة في التعبير وسحر بيان في الابتكار , وحذاقة فهم في الاستيعاب والتذوّق , ونبوغ إبداع في الوعي عبر كل صعيد , ومنها ومن خلال دورنا في مهنتنا ورسالتنا التربوية الوطنية القومية نعمّق حب المدرسة واللغة والمعارف والحياة في نبالة حضورنا أسرة مجتمعية متكاملة. فاللغة حساسية حضور في ذهن الطفل , ووعي الكبير ورائدة الإنتاج في مضمار كلّ جديد .
نزار بدور