قلق ينتاب الأهل والمربين عندما يعلمون أن أبناءهم يعانون من الكـسل والإهمال الدراسي، ويظهر التساؤل الأعم : هل تبدأ هذه المشكلة من المدرسة ؟ أم من الأسرة ؟ أم منهما معاً؟ وكيف لنا معرفة الطفل الكـسول من الطفل المجتهد والنشيط ؟
قبل الإجابة على هذه التساؤلات، لابد من معرفة وكشف أسباب المشكلة ،ومتى عرفت الأسباب، بات العلاج أكثر تيسيراً وأعمق تأثيراً، ولذلك كان لنا مجموعة من اللقاءات مع أهالي ومربين للوقوف على هذه الظاهرة :
السيدة سميحة – معلمة تعليم أساسي أكدت أن المعلم يستطيع اكتشاف الطالب الكسول مبدئياً من المشاركة في الصف وبالتالي يأتي دوره لمساعدة هذا الطالب قدر الإمكان في متابعة رفاقه وهذا يكون في المراحل الدراسية الأولى ، لذلك يجب أن يكون معلم الصف الأول والثاني الابتدائي من ذوي الخبرة والكفاءة العالية .
التلاميذ الكـسالى
حسان بدور – مدرس قال :عادة تطلق تسمية الكـسول في المدرسة والصف، على التلميذ الذي لا يميل للعمل والمشاركة وعلى الذي لا يعمل بجدية ،أو الذي يتهاون في الدرس ، ويتهرب من هذا العمل ،بالوقت الذي لديه الأوقات والفرص للتعلم والتي يصرفها باللعب .
آمال الحسن – مدرسة رياضيات – أكدت أن أهم صفات الطلاب الكـسالى ، أنهم لا ينجزون أعمالهم بدقة ، وبصورة صحيحة في وقتها ، كما أنهم يتحججون كي ينصرفوا عن أداء وظائفهم وواجباتهم اليومية ويخلقون لأنفسهم أعمالاً جانبية ، حتى يمتنعوا عن أعمالهم ووظائفهم ، وهم يتوسلون بالآخرين كي ينجزوا أعمالهم .
من السبب ؟
السؤال الذي يطرحه معظم الآباء الآن : كيف حدث هذا الخلل ، ومن هو المسؤول عنه ؟
مادلين أم لثلاثة أولاد قالت : لا أعتقد أن كسل الطالب بسبب الأهل مرجح دائماً لأن ابني الأصغر طالب كسول بالرغم من أنه تلقى الرعاية ذاتها التي حصل عليها ولديّ الأكبر والأوسط بل نال اهتماماً زائداً ومع ذلك كانت نتائجه دون الوسط ولذلك أعتقد أن للمدرس دور وللمناهج دور وللأصدقاء دور والطالب يتأثر بكل ما حوله ولذلك على الأهل أن يكثفوا جهودهم كي لا يخسروا مستقبل ابنهم الدراسي .
بعض الآباء والمدرسين أكدوا على مسألة هامة فقد اعتبروا أن العقاب الجسدي يعتبر من الأسباب المؤدية إلى الكـسل أيضاً استخدام القسوة الجسدية من قبل الآباء ضد أطفالهم ،كذلك تبني بعض الأسر مواقف فيها كثير من الحرية تجاه أبنائهم ، وكذلك الصراع العائلي الذي ينشب أمام الطفل هذه الأسباب كلها تسبب خوفاً في نفس الطفل في مرحلة الطفولة المتأخرة، وغير ذلك من الأعراض المماثلة في التأخر والإهمال الدراسي.
منى – مدرسة فنون قالت : لا يخفى على أحد دور المعلم الذي يلعبه وتأثيره في نفس الطالب إن كان سلباً أو إيجاباً …فحين يكون المعلم خفيف الظل ، حاضر الذهن ، نجد طلابه مندمجين بالدرس لا يشعرون بالوقت ، وأن كان غير ذلك نجدهم خاملين منصرفين عنه بل ويكرهون الدرس أو المادة التي يعطيها .
أحد مدراء مدارس التعليم الأساسي أكد – بحسب رأيه – أن الخلل أو الصواب في هذا الأمر
يبدأ من المرحلة الابتدائية التي تشكل المنطلق الأساسي إلى الميادين التعليمية اللاحقة وصولاً إلى أعلى مستويات الهرم التعليمي كذلك المناهج إن كانت سليمة فإنها حتماً ستؤدي إلى تحقيق أهداف صالحة لأن الوسيلة الصالحة تثمر ثمراً صالحاً ونافعاً .
تجاوز المحنة
ما لم تكتمل الأدوار لا يمكن تجاوز المشاكل لذلك على الأسرة والمدرسة الأخذ على عاتقهما معرفة أسباب هذه الظاهرة أولاً و تشخيص الأسباب التي أدت إلى أن يكون الطالب كـسولاً ،ومن ثم الأخذ بيده لتجاوز هذه المحنة ولابد أن نعرف أن عدم تساوي مستوى الذكاء بين الأطفال ربما يعود إلى عوامل وراثية … وعوامل بيئية فضعيفو الذاكرة، لا يستطيعون أن يحتفظوا في أذهانهم بالدروس الحفظية، لذلك يحكم عليهم بالكـسل، فمن الطبيعي أن كفاءة عملية التذكر تؤثر في كفاءة التعلم، كما أن بعض الأطفال ليس لديهم الاستعداد في مجال خاص، مثلاً، يفهمون الرياضيات جيداً، لكن ليس لديهم الاستعداد في درس الأدب والفن والرسم ، وبالعكـس.
ثم يأتي دور الإدارة وما تقدمه للطالب الكسول من أجل جعله يحب دروسه حيث يتم التعرف على مشاكله وإيجاد الحلول المناسبة لها ومعرفة سلوك الطالب الكـسول داخل وخارج المدرسة .. وكذلك أسلوب وطريقة تعامل المعلم مع هذا الطالب داخل الصف وكذلك تشجيع الطالب الكـسول الذي لديه رغبة في تطوير نفسه ، وعدم توجيه أية إشارة له من شأنها أن تشعره بالاستهزاء أو السخرية أو الخوف لأن هذا يؤدي إلى عدم تشجيعه على المشاركة في عملية التفاعل الصفي ولابد من الاستماع إليه وحل جميع مشكلاته ، ويجب أن يشعر أنه ليس أقل ذكاءً أو نضجاً من زملائه.
منار الناعمة