خبر رفع سقف القروض لذوي الدخل المحدود والذي وصل إلى خمسة ملايين ليرة تناقلته مختلف وسائل التواصل الاجتماعي بالإضافة لوسائل الإعلام بأنواعها وكان له وقع وبريق خاص لدى معظم العاملين في الدولة الذين تلقوا الخبر بفرح وبهجة لكن ….للأسف الشديد سرعان ما تلاشى هذا البريق عندما ” بان المرج على حقيقته بعد ذوبان الثلج “.
ونحن كغيرنا من الموظفين غرقى بالالتزامات المالية المؤجلة والقوائم والحاجيات المطلوبة التي لا تعد ولا تحصى وننتظر الانفراجات المالية لنحققها وغدت مع تراكمها تفوق طاقتنا المالية ولاتتناسب مع دخلنا لا من قريب ولا من بعيد وبدون مقدمات أو حساب للربح والخسارة سارعنا نطرق باب المصارف العامة علنا نجد ضالتنا ونحصل على القرض الميمون لنحل مشاكلنا المالية العالقة وما أكثرها لكن الفرحة لم تكتمل فبعد أخذ ورد وتحقيق وتمحيص في جهاز الكمبيوتر والنظر في طلبنا من قبل الموظف المعني بالمصرف جاء الجواب صاعقا ً لنا ومخيبا ً لآمالنا إذ أوضح لنا بعد طول انتظار أن راتبنا لايغطي قيمة القرض المطلوب ولايتيح لنا إلا الحصول على قرض بحدود مليوني ليرة فقط وفي حال كنا “كفلاء” لأحد لايمكننا الحصول على القرض، وبشكل لاإرادي ثار غضبنا على الموظف لهول الخبر الذي أتحفنا به وقلنا له على الفور : لماذا صدر إذا ً قرار رفع قيمة القرض ليصل إلى خمسة ملايين ليرة .؟.؟ فجاء الرد مباشرة : أنتم لا يمكنكم الاستفادة من هذا القرض بهذه القيمة حسب التعليمات الناظمة والمشكلة ليست مشكلتنا !!!
أمام ما حدث معنا على الفور حملنا أدراجنا عائدين من حيث أتينا وهمس في أذني زميلي الذي رافقني إلى المصرف: ” على مايبدو مكتوب علينا أن نبقى معذبين ، وكعادته اكتفى بابتسامته المعتادة لكن هذه المرة الواضح في ابتسامته أنها ممزوجة بالألم والحسرة والخيبة في آن معا ً .
أتساءل هنا كيف تتخذ مثل هكذا قرارات .؟.؟ ولماذا لايتم إجراء دراسات عملية واقعية لواقع حال الموظف الذي وصل به الأمر هذه الأيام لمحاربة طواحين الهواء عله يعالج مشاكله والتزاماته المالية المتراكمة لكن دون جدوى!! والسؤال الذي يطرح نفسه ألا يدري المعنيون بواقع الحال الذي وصل إليه أصحاب الدخل المهدود الذين لايستطيعون برواتبهم الحالية شراء مجرد اسطوانة غاز أو “بيدونين” من المازوت من السوق الحرة وأن الهوة أصبحت واسعة وفضفاضة جدا ً بين دخلهم وأسعار السوق .
أمام ما آل إليه واقعنا المعاشي الحالي رحنا نتغنى بأيام الماضي أيام الزمن الجميل متشوقين لعودته من جديد وعدم النظر للأمام وانتظار المستقبل لننسى ولو قليلا ً واقعنا الحالي ومستقبلنا الذي يحمل لنا مع كل يوم جديد المزيد من فقر الحال وضعف ذات اليد !!!
لاشك أن الحرب القذرة التي شنت على بلدنا والحصار الاقتصادي فعلت فعلها وكانت السبب الرئيسي لواقعنا الحالي وماوصلنا إليه ، لكن ذلك يجب ألا يكون حجة لدى ضعاف النفوس الاستسلام وعدم المضي قدما ً ومعالجة مشاكلنا وهمومنا بالمبادرات التي تنقذنا من الغرق أكثر فأكثر , ويتحقق ذلك بالعمل الجاد والهادف ووضع الرجل المناسب بالمكان المناسب والعمل بضمير حي واقتران القول بالفعل على أرض الواقع وجميعنا معنيون بالنهوض بواقعنا , أما إذا بقينا على حالنا وكل يغني على ليلاه لاشك ينتظرنا المزيد من المآسي والمخاطر ، فهل ننهض من جديد ؟؟؟
محمود الشاعر