زيز القصايد

“زيز القصايد” دويْبَة، لا أعرف اسمها العلميّ، يظلّ صوتها الميّز، يملأ ليل الأرياف طوال فصل الصيف، فما تكاد تصمت حتى تعود إلى ما كانت عليه، وهذا يعرفه أبناء الريف جميعا، وله حكاية يتناقلها العامّة، بل دخلت في بعض القصص الأوروبيّة في العصور الوسطى، والقصّة خلاصتها أنّ هذا ( الزيز) حين جاء فصل الشتاء لم يجد مايأكله، فذهب يطلب من النّملة طعاماً، فسألته :” ماذا كنت تفعل أيام الصيف”؟، فأجاب كنتُ أغنّي”، وبظنّي أنّ النّملة قالت له :”رُحْ كُلْ غناء”، فالنّملة تدّخر في الصيف لشتائها، و( الزيز) يُغنّي، وهو مثل يُضرب للعديد من الدلالات ومنها عدم وضع الأمور في نصابها.
الذي استقدم “ زيز القصايد” من شواسعه البعيدة، ما نعانيه في كلّ فصل شتاء، منذ بداية تلك الهجمة الصهيوأعرابيّة حتى الآن، ولعلّنا قرأنا الكثير من الأعذار للجهات المعنيّة في ذروة تلك الهجمة، وقلنا: معذورون، وحين تمكّن مقاتلو هذا البلد الشجعان من دحر قوى التكفير والعمالة، قلنا في أنفسنا جاءنا الفرج، فإذا نحن عبر شتاءين ينطبق علينا المثل القائل:” دبكة خرمة”، والدّبكة كما تعلمون يتحرّك فيها الدّبّيكة، أمّا سيدتنا فيبدو أنها كانت تدبك في مكانها، ولا تتحرّك، والمثل لا يحتاج إلى شرح.
تستمع ، بوسيلة أو بأخرى، إلى ما يقوله المسؤولون الرسميّون، فتكاد ترثي لحالهم، بل وقد يخطر ببالك أن تطالب الجهات المعنيّة بتقليدهم الأوسمة، على كلّ ما فعلوه،!!
يقول أحدهم المازوت وصل إلى حدودنا المائيّة الإقليمية، وبسبب الحصار لم تتمكّن البواخر من الدّخول، عجيبة!!، هل الحصار ابن هذه الأشهر القليلة الفائتة؟!! نحن نواجه الحصار منذ ثمان سنوات تقريبا، فهل يكفي أن نلقي المسؤوليّة على الحصار، لكي تبرأ ذمّتنا ؟!!
لماذا تتكرّر الأزمة ذاتها في المازوت والغاز، وتظلّ مستعصية، حتى كأنّها لا تقبل أيّ حلّ؟!!
يزعمون أنّ الأحياء قد وُزّع المازوت على معظمها، فنسأل في هذا الحيّ، وفي ذاك، والذي بعده، والغالبيّة تقول لم تصلنا ولو نقطة واحدة، تُرى مَن نصدّق، ؟!!
أنا ككلّ الآخرين أستغرب تكرار المشكلة في كلّ عام، تُرى أليس بالإمكان أن يُستورَد المازوت والغاز بدءا من فصل الصيف، لتخزينه، كما تفعل النّمال، وأن يبدأ التوزيع في وقت مناسب، بحيث لا نواجه هذه المهزلة كلّما جاء الشتاء؟!!
تُسأل لجنة الحيّ ، فتجيب إنّ الذي يصلنا نوزّعه بحسب الدّور!!، ويشكو البعض من أنّ اللجنة المركزيّة في المحافظة تهتم بأحياء وتُهمل أخرى، كيف ولماذا لا نعرف!!
يقول البعض إذا وُزِّع المازوت في الصيف فلا أحد يشتري بسبب دفء الطقس، قد يكون في هذا الكلام بعض المعقوليّة، إذن فليكن في بداية الخريف، المهمّ أن لا يبدأ التوزيع في كانون، ولا يصل إلى البعض إلاّ في أواخر الرّبيع.
أيّها المسؤولون نحن نعلم أنّ المازوت والغاز متوفّر في بيوتكم ولا تعانون من شيء ممّا تواجهه الشرائح الشعبيّة لاسيّما في الأحياء الفقيرة، فهل هذه هي الأمانة التي عليكم أن تؤدوها، وأن تُسألوا عنها بين يدي من لا تخفى عليه خافية؟!!
أرجّح أنّ “ زيز القصائد” سيظلّ يغنّي طوال الصيف، كعادته، وتبديل العادة يبدو صعبا، ونحن الذين نحصد البرد، والإهمال، وفقدان الدّفء.
أسألكم بالله أهذه هي الإنجازات التي ننتظر أن تقارب ما حقّقه أبناء هذا البلد الشجعان في مواجهتهم أهل الرجعيّة والتكفير؟!!
تُرى أين هي الجهات التي تسأل صاحب كلّ موقع عمّا أنجزه؟!!
عبد الكريم النّاعم

المزيد...
آخر الأخبار