مؤلم ما يحدث –مؤخراً- من جرائم قتل وعنف داخل العائلة الواحدة نتيجة كره وحقد أو خيانة أو ميراث وما إلى ذلك من أحداث لا تحتاج إلى قدر من العصف الفكري للإيغال في تفاصيلها لأنه بمجرد التلميح إلى القرابة أو الإضاءة الخافتة أو الإيماء لشيء ما قادر على توصيف حالة ما فعندما يقال مثلاً إن الضحية هي شقيق زوجة القاتل والمطلقة منه مسبقاً كما حصل في مدينة طرطوس عندما قام الجاني بإلقاء القنبلة على”المحامي” …. أو يقال إن القاتل كان مرتبطاً سابقاً بخطيبة الضحية – كما حصل في اللاذقية –عندما وضع الجاني مادة متفجرة ضمن معدات طبية وراح ضحيتها الطبيب “المجنى عليه” وكذلك ما حصل مؤخرا في الدريكيش حيث قام رجل بتفجير قنبلة بزوجته وأولاده.. وما شابه ذلك من قضايا تتشابه بهوس الإجرام والانتقام و”علي وعلى أعدائي”.. ،بتفاصيل مكررة يندى لها الجبين ..نقرأ فيها تأزم وتشوه النفوس وانعدام الوازع الأخلاقي وتقويض القيم والمبادئ كل هذا جعل تلك الحالات تنشط في مجتمعنا الذي يفترض أنه محكوم بقيم وأعراف تدعو إلى توطيد صلة القربى وعدم انتهاك حرمة الدم ، لكن وكما يقال في العامية “نفوس ورمانة وليست رمانة” وزاد الطين بلة تحديات الحرب من فقر وقهر وفساد وقلة و..
ما نود ذكره أن هذه الجرائم ليست طفرة في مجتمعاتنا مع أن الحرب التي مرت على سورية غيرت الأدوات وجعلت السلاح متاحاً بيد الكثيرين فبدل سكين المطبخ التي كانت غالباً ما يستخدمها الجاني يتم استخدام القنبلة أو مواد متفجرة أو مسدسا حربيا يعني إجرام ضمن العائلة الواحدة وكونني كنت أنشر خلال سنوات ما قبل الحرب جرائم من القصر العدلي في حمص على صفحات جريدتنا
“العروبة” جرائم موثقة و مبتوت فيها و مضى عليها زمن كان يطلب منا حينها الترميز بالأحرف الأولى للجاني و عدم ذكر اسمه صريحا على اعتبار أن المجرم يسترد اعتباره بعد خروجه من السجن وينخرط في مجتمعه مثله مثل أي شخص آخر باعتبار إن السجن مؤسسة إصلاحية تأديبية و ذكر اسمه الصريح يجعله يعلق بأذهان الآخرين مما يؤذيه نفسياً و يزيد وضعه سوءا إضافة إلى التنويه الذي كنا نرفقه بالحادثة و هو أننا ننشر الواقعة بهدف الوعي و أخذ الحيطة و الحذر و ليس التشهير بأحد.. الآن و سائل التواصل الاجتماعي حدث و لا حرج تتسابق في نشر الخبر و الأسماء الصريحة و تفند و تبرئ و تعمل محاميا و قاضيا و تصدر حكما مبرما بالقضية و قد تأتي بالبريء بالضربة القاضية من خلال تعليقات سمجة باردة و تسلية بالأعراض و رفع الكلفة و عدم احترام خصوصية الآخرين بمعنى الذي يقع تكثر سكاكينه.
و هكذا لا ضوابط أخلاقية و لا قانونية تجعل الكاتب أو المتابع للحدث ينأى بنفسه عن إصدار حكم أو تعليق أو الخوض فيما يجهل تفاصيله أو عدم التعليق بما لا يليق بالأدب و التجرؤ على الأعراض وصلة الدم بما يوازي فعلة الجاني لان الكلمة سلاح ذو حدين …
الأجدر بنا أن نتعظ … أن نربي أولادنا على القيم و المبادئ و احترام خصوصية الآخرين …
و..وافتقدنا الحوار .. الحوار يخلق تقاربا… جدب الواقع بحاجة إلى خضرة وجدان وصفاء قلب في عالم مثقل بالمتناقضات و الانكسارات
حلم شدود