“لا وقت للعيد” خواطر شعرية بلغتها وأسلوبها تقترب بحبكتها المتقنة من الأقصوصة ,هذا هو الكتاب الثاني لزميلتنا سعاد سليمان التي عملت لسنوات عديدة في جريدة العروبة كأمينة تحرير للشؤون الثقافية ثم انتقلت للعمل في جريدة الوحدة في طرطوس إبان الحرب الظالمة على سورية في عام 2011.
يضم الكتاب ثمانين عنواناً رشيقاً ,لم تقسم الكاتبة مجموعتها النثرية إلى فصول,ولم تقع الكاتبة في فخ التجنيس ,فلم تكتب على غلاف الكتاب كلمة شعر أو قصص أو خواطر بل كتبت :”كتابات نثرية” وهذا يدل على أن الكاتبة غير مشغولة بالألقاب الفارغة بقدر انشغالها بتدوين مذكرات رحلة القلب والجسد خلال الحرب مذكرات مكتوبة بأسلوب خاص بقلم الكاتبة سعاد سليمان تدون فيه رأيها في التغييرات الاجتماعية والتي طرأت على حيواتنا في تلك الرحلة التي قامت بها الكاتبة عندما تركت حمص مدينة الطفولة إلى مدينة طرطوس الجذور والبحر .
تهدي الكاتبة مجموعتها هذه للجرحى وللشهداء..للسوريين الموجوعين ولا شيء سوى الوجع الناضح من كل كلمة مكتوبة يجعلنا على يقين بأنه ليس فقط “لا وقت للعيد “بل لا وقت للحياة وللفرح وهذا ما قالته الكاتبة سليمان بين شتلات الورد الذي زرعته بين دفتي كتاب وتريده أن يزرع على قبر السعادة المفقودة.
تبدأ المجموعة بنص بعنوان (عيد) وتنتهي بنص بعنوان:”في العيد ” ويتخللها أكثر من نص فيه حديث عن العيد وهي بذلك كله تقول لنا :عيد بأي حال عدت يا عيد على صحفية تمتلك حساسية الكلمة ودقة الكاميرا تركت منزلها ذات غفلة ورحل ولداها إلى خارج البلد فبقيت الروح معلقة بحي الخضر الحمصي مهما باعدت الجغرافية الجسد ,لتنشر الكاتبة وجع القلب في كتاب بجرأة وأنوثة طافحتين.
تجلد الكاتبة ذاتها فتقول بنص معنون بـ :”أنا السبب”أكل الذئب جدة ليلى …منذ كنت طفلة ..ورغم أن الصياد قتله..بقي يرافقني ..يمشي خلفي ..أمامي يأكل ولا يشبع ..أنا السبب ..لو تركته في الحقل المجاور لبيت جدة ليلى ..لو رحلت بعد أن خرجت الجدة من بطنه حية تضحك ..لو لم أرتق جرحه ,وأبرر فعلته بإنسانية لو…أنا السبب” هي تعترف أمام ذاتها بأنها السبب في حمل صخرة سيزيف فوق ظهرها وفي هذا الكلام صدق عاطفي طفحت به المجموعة التي لا يسعني أن اكتب كل ما دونته على الهوامش بعد قراءتها وسأعيد قراءتها ثانية في مادة ثانية لأن طبيعة العمل الصحفي تقتضي ذلك والكتاب يشغفنا بالقراءات المتعددة .
بعد أن أنهيت قراءة هذه الكتابات الصادقة البسيطة أدركت أنه ليس فقط “لا وقت للعيد “بل لا وقت للحياة في ظل الحرب .مبارك عليك ولك هذا الجنى الجدير بقلوبنا وليس فقط برفوف مكتبتنا.
يقع الكتاب بما ينوف عن 250 صفحة من القطع المتوسط بطباعة أنيقة أناقة المجموعة الأولى “نور ونار” صادرة عن دار أرواد في طرطوس .
ميمونة العلي