عام جديد قادم يقتحم حياتنا بقوة ، ليسرق عاماً آخر من أعمارنا المتبقية ، نبني خلاله عوالم نأمل أن تكون أفضل فهل سيأتي هذا العام متخماً بما نحلم به؟ وهل سيحمل عناوين عريضة لأيام متشابهة ؟
هل سيكون أهلاً للكرنفالات الاحتفالية التي يستعد لها الوطن بكل أرجائه من خلال تزيين شجرة الميلاد في أحياء متفرقة وواجهات المحال والبيوت ؟؟! هل ستغني فيروز” ليلة عيد ، الليلة ليلة عيد” في صباحات جديدة جميلة نكف خلالها عن التوجع والألم ، وتبتعد نفوسنا عن ذلك الملل الكئيب المقيت الذي صبغ أيامنا ولوّن ليالينا بانقطاع الكهرباء ووسائل التدفئة ؟..
نعم إنه صمت بارد يتعس أرواحنا لا نجد له أعذاراً أو مبررات سوى أنه يمتحن عواطفنا وطريقة عيشنا ..
لنتعلم مما حصل معنا ولننطلق من جديد ، ولتسيل ألسنتنا بعبارات المحبة النابعة من قلوبنا ولا نجعلها مجرد عبارات زائرة على شفاهنا ، فقد سئمنا طعم المرارة ، سئمنا صوت القسوة الجارحة تخرج من أحضان الأزمة بشراهة لا مثيل لها ، ربما يكبح هذا العام جموح جشع التجار ويوقف نزيف الأسعار لنكتشف كنوزاً نادرة ثمينة مدفونة في أراضينا الخصبة ومحملة بأحلام وآمال تمتد إليها عدالة السماء ، تزيح من طريقنا أشخاصاً كووا نفوسنا بنار الحرمان ، جعلوا البطون خاوية تئن بصرخات سوداوية موجعة ، طبول الحاجة تدق رؤوسهم دون رحمة ..
وجوه مؤثرة ، حزينة، مهمومة ، تطالعنا كل يوم ، نرقب توسلاتها بصوت حزين ، تطلب الدفء والشبع من ألسنة المعنيين لتتلاشى أصواتهم مع أول هبة ريح شرقية باردة تضرب الأبواب العتيقة ، فتموت دعواتهم اليائسة عند عتبة دارهم ..
ربما نتعلم أو ندرب أنفسنا أنه لم يبق لدينا ما نحزن لأجله ،بل لنزيح الستارة القاتمة لنسمح لنور الفجر أن يغمر حياة أطفال المستقبل وشبابها ينتظرون أن نشاركهم فرحة العيد وأن نحرك دواخلهم بأفراح منسية .
هي لحظة ولادة جديدة فلنرأب ما انفتح من جروح دامية تحولت خلالها رؤوسنا إلى صحراء جرداء خالية لا تبشر بأية قطرة ماء ندية تروي أحلاماً ضائعة ,ولنعيد ترتيب حياتنا على أساس جديد ، ولنسمح للفرح أن يدق قلوبنا مرتدياً حلة جديدة تتغلغل في نفوسنا المرهقة بالهموم والتي تسللت كمرض خبيث قاتل.
إذن لن نطفئ تلك الجذوة المتوقدة بالحب والحياة والتفاؤل لأننا سنحاول أن نقتلع أشواكنا بأيدينا ، ونزرع مكانها أشجاراً ونزينها بأيدينا التي اعتادت أن تفتت الصخر على مدار سنوات ماضيات .. فلنحاول أكثر..
عفاف حلاس