إذا ما ارتفع بنا الخيال , واتسع , وراح المرء يركن إلى بعض إرهاصات ينشدها أمنيات , وتتشرّبها آفاق ضمن كثير من انعطافات لماضيات سنين , وقد استيقظ في دواخله مرحُ الطفولة عبر براءتها , وبساطة رغائبها , وقد اطمأن إلى سكينة هاتيك السنين بعض ذكريات , وغيرها من تأملات, سرعان ما يقف المرء ما بين ماضٍ ولّى , وقد غارت أزمنته في مهاد حكاياتٍ طرّزتها تلاوين الماضي تدبيجا عبر أصورة شتّى , وبين تعاقب حيوات انسربت في أعطاف الزمن صيرورة مسارٍ يحثّ مداه كلُّ خطا إلى حيث تخومٌ تقتضيها تضاريس الحياة , يقف المرء مستجلياً عوالم تلك الإرهاصات في سرح خيالٍ يقرأ ما مضى , يدفعه إلى ذلك فيض انفعالاتٍ من مشاعرَ وأحاسيس , تقرأ الزمن ماضياً , وتستحثّه حاضراً , وترمق إليه استشرافاً صنوَ فرح نهارٍ بانبلاج فجرٍ , ودفءَ شموسٍ, لها المدى كل تفاؤل وكل ضياء, وفي معطى الخيال وإرهاصاته تتمهّل بنا الذكريات والمواقف , وحبّات من عرق , هي أكثر من كلمات على جباه مغضّنة بسطور مابرحت تنشد كل تعب , وسعادة كل مرتجى. عبر جنبات الخيال وإرهاصاته , وضمن استقراء , زاده مؤونة ماضٍ , وحاضره غنى من معارف وخبرات, يوطد المرء نفسه في دائرة من طباشير تشدّه ألف يدٍ ويد مابين اغتباط فيما مضى ومقاربات من تقييم لبعض تساؤلاتٍ غنىً لكل سؤال , مع مراعاة شرطي الزمان والمكان وسيرورة صروفٍ وظروف وحيثيات معارف وخبرات , تحاكي شرطها النمائي , ومحددات واقع معيش , أكان ذلك في قدراتٍ للمرء ذاته , أم لمساندة اجتماعية أو نفسية , أو بعض مغانمَ من سلوك لافت يقرؤه المرء مابين نجاحات في تسام وبعضها في هوي من تعثّر , حال ذلك واقع إمكانات وقدرات تطبّع ذاتها على خصوصية المرء ضمن فروق فردية , فيرسم لذاته بعض مسوغات في قراءة لكثير من بعض أمور ومواقف عبر ما استفاض به لاحقا من موفور معطيات , من غير أن يقرأ بعض لومٍ . لكن هي الحياة فلا يستطيع المرء أن يحاكي مواقف الحياة السابقة بالخبرات اللاحقة, وقد راح به الزمن شلالاً , ولو قدّر له ضمن إرهاصات الخيال أن يعود إلى حيث البدايات لعرف بحذاقة كيف يستثمر الزمن , ويستثمر قدراته , ومعارفه وخبراته وأفانين مهارات التواصل مع الحياة , والتفاعل المحكم حضوراً في كل عطاء معززاً كل تميز , ومتجاوزا كل وهن في ضيق أكان في ذاته أم في غيره حيال موقف أو سلوك . وعندئذ سيتئد المرء اختمار فهم ,وتجارب,وخبرات,ومهارات حسن دربة لدلالة حضور, يخطه حروف كلمات تستحيل صوغ رواية .. من مكامن انتباه إلى حيث ألمعية كل إدراك.
نزار بدّور..