يروح بنا الخيال مخترماً آفاق الذكريات عرائش من تأملات في سردية مرابعَ لأهل وأحباب , سارت بهم , وبنا مراكب الأيام , وترافدت وقائع فانبسطت لها أكفّ الوجد راحات , , وتطاولت في مراميها شفيف ذوائب من مترفات نباريس ضياء يصحو في مراقيها كل بريق أخّاذ , فتترامى اللهفات مواجدَ من فرح هنا , واغتباط هناك , ويسرح الخيال يصيخ السّمع لكأنه يسمع وشوشات لبقايا حروف تبوح بها بعض همهمات في مهامه تعاقب الأزمان , وتترسم على مطالع الرؤى مشاهد تلتحف الطمأنينة سكنى ديار وديار , وتنهض الخواطر من أسرّة الغافيات في أحضان الراحلات أعواماً لتغسل غصونها , وتهزّ غبار النسيان , فتتراءى الماضيات أصورة تتقرّاها النظرات مابين إغماض جفن , وانزياح وميض لمطارف خزّ في بواكير الأنفاس , فتشرع النفس فيّاضة الانتشاء , تغني رغائب الطفولة في أمنيات الرجاء , وعلى أوتار اللحظات رنّقت أجنحة لترانيم , فشُدّت لها الأوتار أناشيدَ لكأنها صداح الأطيار . وعلى متاعب الذّهاب والإياب , واصطلاء الروح في مواقد الدروب وتنانير الآمال الواعدات , كان السباق لهاثا مواسم من كدّ تكتبه القطرات سطورا على قراطيس من ورق , وتجود به بطون الأقلام , وتغنّيه الكلمات , وصهيل الجدّ طموحاً ملعب الدّهر عمراً ينفد , وزحام الهواجس محطّ رحل التحدّيات . صوب المدى عينان ترقبان نبض الحروف في ثنايا الكلمات , وحنايا الجود إبداعاً في مكارم كل إبداع لعناوين وعنوانات , وذوي نبوغ يعملون الإبداع كل صوغ في كل ميدان , فيكتبون لذواتهم من مداد حناياهم, ولغيرهم والحياة , فتمرً البصيرة ممتنّة لذوي همم يذرون الشعاع أضمومات من أفراح علوم , ودنيا فنون , وحكايات مهن , وميادين , وعوالمَ في كل جهد وبناء , وجود كرم في ساحات وغى توكيداً لقيم الحق والخير والجمال , ومجالس فكر يتشهّاها كلّ فطن لمّاح فتقرأ الأسفار سيراً ورياضاً من واحات , وعقولا , ومدارسَ , وبيادر نور لكل اجتهاد , وتقرأ أيام عزّ لخالدات في مكامن الشرف الرفيع , وتسمع غنائية أبطال .. ويمتدّ المدى سراباً في وهن قصارٍ من قصائد تلوكها الألسن نظماُ من غير زاد , لكننا نقرأ قصاراً وطوالاً فيها القوافي, والخرائد الناهضات نقرأ معاني رائدات , وعلى هزج روي هنا , وغيره هناك تلاطمت أمواج بحور لشعر , فكان ربابنة من شعراء على مطالع العصور تليدها وطريفها , تتلقّفهم الآذان , وبمضامين , وطرائق إبداع صوغهم , وغنى ثقافتهم يتحدّث السمّار, ويكتب النقّاد .. صوب المدى مغانم الروح كل توادّ لوجوه وقامات مرّت بها الأيام , وطوت بعضها السنون , وغارت بها الذكرى تعثّر لقاء بلقاء لتأوي على خفر في تجاعيد الماضي , لكنها لن تخبو في مواقد الفِطن , ومكامن المصادفات , وثمّة ما تراها الخوافي والقوادم حيثما امتدّ بك المدى مؤونة معنى , لا يدانيه وهن , ولا يسدل الخيال عليه ستاراً , لنقرأ من يدهشنا بذاته ,وبنتاجاته أو عمله فنحاكيه تملياً , وحال سعادتنا أن نقتات التعب لنا ولغيرنا على صقيل نضائد يتسع لها كل زمان ومكان , ومابين الحب والمحبة والاحترام يكون كل توادّ لمغانم وجوه مرّت بنا . هي الوسمي والديم السكوب , وعرائش الكروم , ومرابد سبق لكل إبداع وجمال في مآقي العيون نبالة إنسان إلى إنسان في مكارم الحضور , وزمالة المصير في مدارج الأعمار.. صوب المدى يأتلق البوح أنغاماً مطالع الأصباح عزيمة جذور لسنديان تهفو إليها السفوح والوديان , وتسمو بها رائعات الربا , وأطواد الذرا في شامخات الراسيات , وتطمئن لوجدها سارحات الندى في مياسم الزهر ومباهج الآفاق زروعاً , ومساكب من عطور في أجنّة الورود , ودنيا كل عمل وأنوار التفاؤل على شرفات الجمال أصصاً من مساكب زهر لمعنى إرادة وحياة وأمل , ليكون الحضور غنائية كل فرادة في كل مضمار دلالة مضي قدماً في بهاء كل عمران يتقنه كل أداء نوعي , وتفيض به الجوزاء أغنيات على مساحب ذيول من شهب, ممراحة الدّنا , وسداده كل إنجاز. صوب المدى إرهاصات حروف تجتهد على مقاعد الفِكر , وتتصابى غنجاً على أترابها في متاحف الجمال وشرود غايات لها وقع الشمس على حدّ الأصيل , والشفق الوردي على مغيب حائر بين إطلالة شمس , وانزياحات غروب ونغم يطلع من أعماق الوجدان فتغني الروح , ويجترح المستحيل , لكنه يفترع نغماته موسيقا ومعنى وألق أداء, فيلوذ الصمت صمتاً , لكن تستيقظ الحياة . هي تلاوين حروف تتماهى أصورةً من ألوان على محيّا كلمات , تبوح حناياها مابين ضياء وانبعاث حنين نور إلى نور حيث مدارج الدروب مابين التفاتة والتفاتة .
نزار بدّور ..