ربط المحامي الروائي فيصل الجردي محاضرته التي ألقاها في فرع اتحاد الكتاب العرب بحمص عن أحيقار حكيم الآشوريين بحالته المرضية وعزلته الأخيرة ،ثم تجاسر على كل الظروف لينهض مثلما نهض أحيقار وعاد من جديد لينقذ البلاد ،هذه السيرة الملهمة لأحيقار ألهمت الروائي للقيام من سرير اليأس.
وأضاف : وصايا أحيقار لابن أخته نادان تدل على سعة الأفق وعمق النظرة الفلسفية للحياة. أحيقار كان وزيراً ومستشاراً لملك آشور «سنحاريب», وكان حكيماً عظيماً ذا مال وفير ومعرفة ورأي وتدبير, لكنه لم ينجب أولاداً فتزوج عدة نساء لكن بقي دون وريث فكان كثير الهمّ حتى استشار المنجمين والعرافين فأشاروا عليه أن يقوم بأفعال الخير, لكنه لم ينل مبتغاه, إلا أنه سمع صوتاً يوماً ما يقول له خذ نادان ابن أختك و اجعله وريثاً, علمه علمك ولقنه حكمتك, فأخذ نادان وكان رضيعاً فاعتنى به ورعاه حتى شب فعلمه القراءة والكتابة والأدب والفلسفة والعلوم, وبعد سنوات كبر وشاخ أحيقار فأشار عليه الملك أن يعين من يخلفه بمنصبه, فأحضر نادان للملك فأعجب بأدبه وحكمته فوافق على تعيينه خلفاً لأحيقار, عندها أخذ أحيقار يبذل النصح له ويطلعه على أسرار النجاح في مهمته ساردا له تجاربه, وتنازل له عن وظيفته والجزء الأكبر من ثروته, لكن أماله خابت بتصرفاته الطائشة, حتى اضطر أحيقار أن يعاقبه باسترداد الميراث ومنحه لأخيه الأصغر فيحقد نادان على خاله أحيقار ويضمر له العداء … فقام بدس خطابين موقعين باسم أحيقار موجهين إلى ملك الفرس وفرعون مصر ليظهر أحيقار خائنا لوطنه وملكه,إذ يطلب من الملكين المجيء إلى آشور لكي يستلما المملكة دون حرب, , ويزَّور نادان خطاباً ثالثاً موجهاً من الملك إلى أحيقار يطلب إليه جمع العسكر ويحضر معهم إلى موقع معين, لينفذ الأمر ويقع في المكيدة وتثبت التهمة عليه فيصدر الملك أمراً بالقبض عليه وقطع رأسه. وتمر السنون ونادان مكان خاله مستشاراً للملك لكنه غير متزن وضعيف الرأي فيستغل فرعون مصر الفرصة لإحراج ملك آشور فأرسل إليه رسولاً يخيره بين أمرين: إما أن يرسل له من يبني له قصراً في الهواء فتدفع له مصر الجزية ثلاث سنوات أو يعجز فيدفع الجزية لمصر ثلاث سنوات, فجمع الملك العلماء والحكماء والعرافين فعجزوا عن الأمر وكان نادان أشدهم عجزاً, فيندم الملك على قتل أحيقار الحكيم ويطول حزنه حتى يمثل السياف بين يديه ويصرخ بأنه أبقى على حياة أحيقار اعترافاً له بالجميل. فيستدعي أحيقار ويعرض عليه رسالة فرعون مصر, فيعد أحيقار نسرين كبيرين وغلامين وشريطين طويلين من القطن طول كل منهما ألف ذراع و يربط النسرين بالشريطين ويدرب الغلامين, فيعترف لأحيقار بالنصر… فيعود أحيقار إلى بلاده معززا مكرماً وكأنه منقذ البلاد وينتقم من نادان فيربطه بسلسلة من حديد ويلقيه في مكان مظلم ويؤنبه بكلام حكمة قاس حتى انتفخ نادان وانفجر ميتاً, من بعض أقوال أحيقار لابن أخته نادان: – يا بني كنت لي كمن رشق حجراً إلى السماء, ولكن لم يصل إليها… – كنت لي مثل من رأى رفيقه يرتجف من البرد فصب عليه قربة ماء بارد.
متابعة: ميمونة العلي