في ظل الهرولة الخانعة باتجاه التطبيع لا يسعنا سوى التذكير بحملات التشويه المستمرة لكل من يناصر القضية الفلسطينية حتى بالكلمة ,ويأتي إغلاق صفحات الفيس بوك التي تناصر القضية الفلسطينية ضمن هذا الباب …ولنتذكر الحملة الشعواء التي تعرض لها كتاب ” الاستشراق ” للمفكر إدوارد سعيد الذي صدر بالانكليزية للمرة الأولى عام 1979 وصدرت ترجمته للعربية عام 1981 تعرض لهجمة كبيرة من قبل مجموعة كبيرة ممن يشتغلون بالاستشراق في الغرب وعلى رأسهم الصهيوني المعروف برناردلويس الذي كان عنيفاً في هجومه على إدوارد سعيد وعلى كتابه ” الاستشراق ” والسبب في ذلك موقفه من القضية الفلسطينية والمواجهة المحتومة مع الصهيونية .. والقضية الفلسطينية هي أساس معظم العداء الذي قوبل به تحليله النقدي للاستشراق .. وقد استغل مهاجموه من المستشرقين الفرصة ليدافعوا عن الصهيونية ويدعموا الكيان الإسرائيلي ويشنوا هجومهم على الحركات الوطنية الفلسطينية وعلى كل من يقاوم العدو الاسرائيلي الابنة المدللة للامبريالية العالمية وقد استطاع إدوارد سعيد في كتابه ” الاستشراق ” أن يفضح اللعبة الاستشراقية التي خدع بها كثيرون ,والتي كانت ومازالت تخدم السياسات الاستعمارية المتطلعة بعيون طامعة إلى ثرواتنا..
اشتغل إدوارد سعيد في معظم كتبه على مناصرة قضية بلاده ففي كتاب ” الثقافة والامبريالية ” استطاع إدوارد سعيد الكشف عن التواطؤ الكبير والكلي والحميم ما بين الامبريالية والثقافة التي أنتجتها مجتمعاتها .. هذه الثقافة التي عرفنا خباياها السيئة من العولمة المدمرة التي أرادت من خلالها إلغاء هويات الشعوب وثقافتهم وتاريخهم لتسيطر على الآخرين وتهدد وجودهم .
يعد إدوارد سعيد من أهم المثقفين المقاومين الذين نذروا إبداعهم في الكتابات التي أنتجوها لصالح قضيتهم الكبرى فلسطين ولم يستسلم رغم المضايقات التي أحاطوه بها بل ظل مثابراً حتى آخر يوم في حياته يدافع بالكلمة الصادقة والقول الحق .. وكم نحن اليوم بحاجة إلى أمثال إدوارد سعيد ليدافعوا عن قضايانا ويشرحوا وجهات نظرنا الصحيحة بمنطق وموضوعية وحجج قوية من خلال دراساتهم وكتبهم الموثقة التي تثير غضب الغرب الذي كرس كل ما عنده لتزييف الحقائق خدمة للكيان الإسرائيلي .
نحن بحاجة إلى أصوات تشبه صوت إدوارد سعيد المقاوم وليس لأصوات أولئك الذين يطلون من منابر الغرب للهجوم على بلدانهم وحكوماتها بعد أن اتخمت جيوبهم بالمال المسيس القذر.
كل من عرف إدوارد سعيد عرف دوره الريادي في الدفاع عن القضية الفلسطينية لذلك لا غرابة بأن يقول الشاعر محمود درويش عنه : ” لو سئل الفلسطيني عما يتباهى به أمام العالم لأجاب على الفور: إدوارد سعيد فلم ينجب التاريخ الثقافي الفلسطيني عبقرية تضاهي عبقرية إدوارد المتعدد المتفرد الذي قرأ الثقافة العالمية المهيمنة ثم كتب نقده لها عبر رحلته المعرفية واقترنت فيها نشاطاته الأكاديمية والتزامه بقضايا شعبه ووطنه والإنسانية جمعاء فاستحق بجدارة اسم المناضل الحقيقي وشكل رمزاً من رموز الثقافة الفكرية والوعي المعرفي في مقارعة المستعمر الغربي في أفكاره و طروحاته وكيف لا وهو الأستاذ الجامعي الأكاديمي للأدب المقارن في إحدى الجامعات الأمريكية القادم من أرض فلسطين القارئ للتاريخ وحركته والقادر على التحليل المنطقي والموضوعي في زمن قل فيه الصدق وكثر الرياء من أجل المصالح …كم نحن اليوم بأمس الحاجة لإدوارد سعيد ينهض من بين الاموات ويقول كفاكم هرولة نحو التطبيع .
ميمونة العلي