للوهلة الأولى قد لا تبدو ثمة علاقة وطيدة بين عيد الحب والمحروقات. ولكن إذا تأملنا في الأمر مليا وجدنا رابطة وثيقة تجمع فيما بينهما. ففي الحب تتأجج المشاعر، وترتفع درجة حرارة الحواس، وتشتعل القلوب بنار لا ينطفئ أوارها.
ولأن الحب يتأثر بالظروف من حوله لشدة حساسية العشاق ليس بالمستغرب أن تطرأ عادات جديدة على المحبين، لاسيما عقب ارتفاع أسعار المحروقات ثم قلتها في الأسواق رغم توفرها في الأسواق السوداء (وهذا ليس مجال بحثنا على أي حال) ومن هذا الواقع نلتقط الصور التالية:
* * *
الصورة الأولى
يدخل الزوج بكل فخر وهو يحمل بيده شيئا ثقيلا ملفوفا بورق ملون رسم عليه قلوب متفاوتة الأحجام أدمتها السهام وسال منها قطرات الدم الحمراء القانية.
تنظر الزوجة إلى زوجها بدهشة وتسأله:
– ما هذا؟!.
يقول الزوج بفخر:
– هديتك في عيد الحب يا زوجتي العزيزة.
تبتسم الزوجة وتقول:
– ظننت أننا لن نحتفل بعيد الحب هذا العام لارتفاع الأسعار لهذا لم أفكر بصنع قالب الحلوى بسبب غلاء السكر.
قال الزوج باعتزاز:
– لدينا ما هو أجمل من قالب الحلوى المزين بالشموع.
اقتربت الزوجة من الهدية، وحاولت حملها فلم تستطيع لثقلها، فزادت حيرتها، فأسرعت في تمزيق الورق الملون لتكتشف ما خفي عنها.
وجدت جرة غاز مصبوغة باللون الأحمر وعليها ورقة مربوطة بشريط ذهبي كتب عليها (كل عام وحبك شعلة متوهجة في فؤادي).
نظرت الزوجة إلى زوجها بامتنان وقالت:
– لا شك أنك عانيت كثيرا حتى حصلت على جرة الغاز.. أنت زوج رائع.
قال الزوج وهو يتهالك على مقعد بجواره:
– الحب يصنع المعجزات.
هزت الزوجة رأسها بحزن لم تستطع ستره وقالت:
– أجل.. فالحصول على جرة غاز صار صعبا !.
وقبلت الجرة، واستنشقت رائحتها بشغف.
* * *
الصورة الثانية
شمت الزجاجة بنشوة وقالت:
– كان يكفيني وردة حمراء منك.. ما كان عليك الانتظار على باب الكازية ثلاث أيام تحت المطر من أجل زجاجة مازوت.
عطس العاشق الولهان الذي أصيب بالزكام وقال:
– لا أستطيع أن ادعك تشعرين بالبرد وأنا موجود.
قالت الفتاة بدلال:
– أشكرك يا حبيبي.. أيضا والدي سيشكرك وأخي.
تساءل العاشق مستغربا:
– هل عرف أهلك بقصتنا؟.
قالت الفتاة بوجه مورد:
– منذ أعطيتني ليتر مازوت في المرة الماضية أخبرتهم بالقصة وقال والدي حينها أنصحك يا بنيتي أن تحافظي على هذا الشاب فمن يستطيع الحصول على مازوت في هذا الزمن رجل حقيقي.
شعر الشاب بالزهو وقال:
– لن ينقطع المازوت من منزلكم بعد اليوم حتى لو نمت كل ليلة على أبواب الكازيات.
ثم نظر العاشق إلى عيني محبوبته الخالية من الكحل بعد ارتفاع أسعارها أيضا وقال:
– عيناك بركتا مازوت في عز الشتاء.
ابتسمت الفتاة وقالت:
– تقول الشعر.. وأنا سأرد عليك بالشعر أيضا.
قال الشاب:
– في عيد الحب كل العشاق شعراء.
أغمضت الفتاة عينيها للحظات ثم قالت بصوت عذب:
– أنت حقل غاز .
امسك العاشق يد فتاته فشعر بالدفء، فهمس:
– أنت صوبيا مشتعلة.. ليتني أقضي الشتاء كله إلى جانبك.
* * *
هناك سؤال يطرح نفسه بإلحاح:
– في حال ارتفعت أسعار المحروقات في هذا العام أيضا فكيف سيحتفل العشاق بعيد الحب في العام التالي؟!!!.
سامر أنور الشمالي