منعكسات الحرب على الواقع المعيشي للأسرة

كان للحرب التي عاشتها سورية ما يقارب ثماني سنوات أثرها على جميع مناحي الحياة وخاصة الظروف المعيشية والاقتصادية ومن منا لا يدرك حجم الضغط الذي عاشته وتعيشه 90% من الأسر السورية خلال تلك السنوات مع الحصار الإقتصادي الذي فرض علينا, والمرحلة الصعبة التي يمر بها اقتصاد العالم ككل ، فالأسرة هي النواة الأولى في المجتمع، وبالتالي تتأثر بالظروف المحيطة بها سواء اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية ..الخ.، ويتمثل تأثير الحرب على الأسرة في العديد من المظاهر ولعل أولى المظاهر التي أثرت على ميزانية الأسرة وبالتالي المستوى المعيشي لها ظاهرة الغلاء، حيث ارتفعت أسعار السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية , مع بقاء دخل أفراد الأسرة ثابتا , مما يجعل الغلاء يؤثر سلبا على قدرة الأسرة على توفير متطلبات الحياة، بل يمتد ذلك التأثير إلى أسس الصرف الرئيسية في الأسرة، حيث نجد مع استمرار ارتفاع الأسعار بدأت مصروفات الأسرة تزداد حتى أن بعض الأسر أصبحت تعاني من ضعف قدرتها على توفير الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية لها ..
وظاهرة أخرى لها تأثير جذري على ميزانية الأسرة وتدني مستوى المعيشة لها وهي زيادة الرسوم وفرض رسوم جديدة على الخدمات ، أو فرض ضرائب على دخل الفرد أحيانا، وغيرها، وهذه الرسوم المفروضة تشكل عبئا إضافيا في مصروفات الأسرة لم تكن موجودة من قبل تؤثر الى هذا الحد ، مما يضطر الأسرة من التخفيف من باقي النفقات وقد يمتد هذا التخفيف إلى الغذاءأو الصحة والتعليم والثياب .
إن ارتفاع قيمة الرسوم المدفوعة والضرائب، لا تلقي بآثارها على الأسرة فقط بل تمتد إلى التجار، وأصحاب المحال كالمطاعم، والمستشفيات الخاصة، وغيرها، مما يضطر التاجر وصاحب المحل لرفع الأسعار وبالتالي ارتفاع المصروفات على الأسرة, ولعل رفع الدعم الحكومي عن بعض السلع يعطي الأثر نفسه الذي ذكرناه على الأسرة وعلى التجار أنفسهم .
ومن المظاهر الموجودة والتي خلفتها الحرب والأزمة الاقتصادية قيام العديد من شركات القطاع الخاص بتقليص أنشطتها وتسريح قسم كبير من عمالها وموظفيها، ناهيك عن أن هذه الشركات لم تعد تطرح فرص عمل جديدة في السوق الأمر الذي يقلل فرصة أفراد الأسرة في الحصول على العمل وازدياد مدة البطالة لديه.
من الممكن أن يفكر البعض أن الحل الوحيد لمعالجة تلك الآثار هو أن تعيد الأسرة ترتيب طريقتها في الإنفاق والصرف، فتقلل المصروفات وتكتفي بالضروري والملح منها ، كأن تلغي نفقات الزيارات والأمور الترفيهية ، ولكن تكون المشكلة كبيرة عندما تضطر الأسرة تخفيض نفقاتها المتعلقة بالتعليم، والصحة، وعلى الغذاء وغيرها من الاحتياجات الرئيسية مما يجعل الأسرة تصل الى طريق لا يحمد عقباه …
وقد يرى البعض أن الحل يكون في أن تجد الأسرة مصادر أخرى لزيادة دخلها كأن يعمل الوالدين أعمالاً إضافية، أو الاستعجال بدفع الأبناء للدخول في سوق العمل مبكرا وكل هذا له أثره السلبي على تنشئة الأنباء وتربيتهم، فانشغال الوالدين عن الأبناء بكسب الرزق وإهمالهم يعود سلباً على تنشئة الأبناء كالحرمان العاطفي، وتدني التحصيل الدراسي، وقد يجر الأبناء إلى الانخراط في طريق الانحراف.
وبرأي الكثيرين أن تلك مشكلة يجب الوقوف عندها ووضع تدابير عاجلة ـ في مثل هذه الظروف ـ لتفادي آثارها السلبية، فإن تجاهلها يجر مشاكل اجتماعية كثيرة وآثارا سلبية قد تؤثر على بنية المجتمع، و تزيد من المشاكل الاجتماعية التي قد تكلف الدولة الكثير، لذا علينا التصدي للمشكلة قبل استفحالها، وضرورة البدء بوضع تدابير واستراتيجية للوقاية من آثار الأزمة الاقتصادية على الأسرة، وتحديداً تأثيرها على المستوى المعيشي، وتكمن المسألة في كيفية مواجهة الأزمة الاقتصادية بشكل مباشر.
إن تنويع مصادر الدخل لا يعتمد على جهود الجهات الحكومية فقط بل لابد من تكاتف جهود القطاع الخاص والتخطيط لمشاريع استثمارية متنوعة ناهيك عن ضرورة تدريب الأسر وتأهيلها للتعرف على كيفية التعامل مع ميزانية الأسرة في ظل الأزمة المالية والأهم من هذا وذاك أن نبدأ في وضع الحلول في الوقت الصحيح وبالشكل الصحيح.

المزيد...
آخر الأخبار
في ختام ورشة “واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة”.. الجلالي: الحكومة تسعى لتنظيم هذه... سورية: النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الج... فرز الخريجين الأوائل من المعاهد التقانية إلى عدد من الجهات العامة أفكار وطروحات متعددة حول تعديل قانون الشركات في جلسة حوارية بغرفة تجارة حمص بسبب الأحوال الجوية… إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه الملاحة البحرية مديرية الآثار والمتاحف تنفي ما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام حول اكتشاف أبجدية جديدة في تل أم المرا ب... رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من القطاعات القبض على مروج مخـدرات بحمص ومصادرة أكثر من 11 كغ من الحشيش و 10740 حبة مخـدرة "محامو الدولة "حماة المال العام يطالبون بالمساواة شراء  الألبسة والأحذية الشتوية عبء إضافي على المواطنين... 400ألف ليرة وأكثر  سعر الجاكيت وأسواق الب...