شرفة المدى تقرأ الأفق القريب ، البعيد مطالع الأصباح الآتية من بوح الزمان تعاقبَ يوم بآخر كلماتٍ على سطور تمر بها أطياف النسمات المشبعة بعرق الكدح تمور به باسقات شجر ، ويافعات ثمر ، وناهضات شتول في مرامي حقول، واغتباط بيادر، وسعادة جد في كياسة كد وقور يحمل نبالة الصدق في مهابة البذل والسخاء تجذر أداء عشق الأرض وأصالة انتماء، ولمعنى قيمة عمل ،وحسن أداء، وفرح جني قطاف، وسرح تأمل في غنى مشاهد للوحات ولوحات يفيض بها الجمال ،وتغنيها الشرفات أفانين خير مطرز بألوان اخضرار متماوج الصوغ درجات درجات، ومابين سفوح ووديان، وهمة تلال، واجتهاد هضبات تنسرب النظرات منعطفة بين الوهاد وهي مثقلة بأثمار العافية، وسحر البهاء، وثراء الوجدان دهش اكتناز وإعجاب، وفي ملتقى النباهة جذوة تَفَكُّرٍ وتفكير وإعمال بصيرة يروح المدى مساحات مساحات مابين شرفة وشرفات وذاك الخيط السارح المتماوج على مطلول الأفق تعرج جبال،واتساع سراب وشدو أطيار، خوافيها تستبطن الدفء وقوادمها تؤكد طموح الحياة وإرادة السمو في غمر الفضاء الرحب على انزياحات أجنحة ترنق للشمس تارة، ولزرقة السماء تارات ممراحة, وهي في تناء وإياب يتماهى البهاء أصورة في كل صفاء وعلى صقيل الجمال بيوت وبيوت وجناتها شهيات قبل للشمس أضمومات توقد في نبالتها جمر الأصالة حكايات وحكايات . هي بيوت قُدَّتْ حجارتها من تأوهات السنين ,وفرادة العزيمة التي لن تلين فكانت مقارعة كل تحدٍّ وغازٍ ودخيل ومستغل جشع, فإرادة الحق في صلابة الإيمان أنفاس شرفات للحياة ، ومكارم الخلق الرفيع وشهامة الضمير الصاحي حبا للحياة معنى لسجايا مُثل في كينونة وجود كانت وتكون بلاغة الانتماء علامات الصوى في مهاد الدروب كدحا في عمل، وبطولات في ساح، وتضحيات في وقائع وخافقات قلوب ورايات في مطارح كل عز وكل فخار. هي بيوت وقلاع من إرادة الآباء أمانة كل وفاء إلى الأجداد وبجميعهم للأبناء والذراري والأحفاد سردية أضمومات شموس وناهضات أصباح، وتعاقب عصور وعصور تناديها شغاف القلوب أكباد الأكباد ما اتسع الزمان زمانا واغتنى المكان بيوتا على انبساط سهول وسفوح وذرا جبال ومنعطفات وديان وسمر الخيام على رنة الفنجان في كرم الدلال وحفاوة الطبع في شهامة الكبرياء ، وشرف الكلمة في قلادة بنات الشفاه . إنها البيوت سكب جواهر سقياها الشرف الرفيع، ومنابت العز، وصهيل البناء في ملعب الدهر تحديا لكل أذى، ومواجهة لكل تسطح في تفكير وعناء في سلوك وتوكيدا لمعنى الحضور ميادا في أفراح المكرمات دوام فعل ومجد حياة حرة كريمة . هي البيوت لبنات ولُبُنٌ من همم في ضمائر أبنائها كل بيوت تشمخ سامقة امتداد ساح، وعشق وطن، وسكنى ديار ونبوغ عمل ودلالة حاضر ومستقبل للإنسان والمجتمع والوطن والأمة والحياة موفور تعبير ممهور بألق بريقه يثمل الآفاق فياض الإبداع في كل مجال تنبض به البيوت مضمخة بعبق النضارة المتوهجة على وجنات تلك البيوت وعي أصالة في إعمال كل تفكير بناء مبدع يصوغ للحياة الحياة .. إنها بيوت شامات على خدود الأزمان، نوافذها مغزولة بشذرات النور بكل حنان وحب تغني براءة الطفولة صداح أناشيد وللدنا كل نبوغ ” عندي بيت وأرض صغيرة، فإني الآن يسكنني الأمان، لا أبيع أرضي بذهب الأرض، تراب بلادي، تراب الجنان “.
نزار بدّور