اللغة التي حملت لنا علوم الأولين من فلك وطب غير عاجزة عن استيعاب الجديد

أحيت مديرية الثقافة عيد اللغة العربية بملتقى شعري ومحاضرة عن أهمية الحفاظ على اللغة العربية للدكتور عصام الكوسى والأستاذ نزار بدور في قاعة سامي الدروبي .بدأ الملتقى بمشاركة كوكبة من الشعراء .
واستهلت اللقاء الشاعرة ميساء العباس بمجموعة من القصائد الوجدانية من أجواء شعرها نقتطف :بقعة جمر وغيمة خمر موجهة لرجل من زمن الصقيع فتقول :كنت منشغلة بحل معادلة دون جذر كنت أبحث عن ضلع ناقص بي ليكملني من زاوية غير قابلة للكسر كزاوية هلال في العشق.
أما الشاعرة منال رياني فألقت قصيدة موجهة لرجال الجيش العربي السوري تقول: رجال الله في الميدان هم الأبطال والشجعان هم الدنيا وزينتها, شباب النور قد خلقوا لكي تحيا بهم أوطان إذا ماتوا فأحياء وإن جرحوا فمن إيمان .وألقت الشاعرة ميمونة العلي مجموعة من قصائدها الوجدانية نقتطف: يا ليتني كنت التراب إذا خطا ..أو كنت وحي قصيدة النسيان /لأقول إني كنت حرفا شارداً وأحط بين الشعر كالغزلان/ يا حمص ضمينا سطورا فالهوى كالحزن موجود بكل مكان.
وألقت الشاعرة مادلين طنوس قصيدة موجهة إلى حمص مدينة جوليا دومنا وديك الجن ومما قالت: أناجي نفسي وديك الجن ينشدك سراً ولحناً وعذب الماء رقراق ,يابن الوليد وخير الناس تقطنك وشمس الحب إشراق …يا جوليا دومنا والتاريخ يعرفها وضوء الاسم براق.
الشاعرة عليا العيسى تحدثت في قصائدها عن الوطن الحبيب وما تلاقيه من متاعب فتقول: سل الوجع كم انتهك ألواناً من نسل صبري حتى رفعتها مندوب أكفان لقصائدي فخجل واستغفر اليباس بي ثم هطل.
الشاعرة هناء يزبك شاركت بمجموعة من النصوص حول الهم الشخصي والوطني تقول في قصيدتها: ضفائر المشاكس ضيعت أحلامي بوعدك يا ترى تلك الأماسي كيف ضاعت من يدي / أنت الذي زرع الرحيل بروضة متوسما أن يقطف الزهر الندي .
الشاعر رفعت ديب توجه بقصيدة للجيش العربي السوري فقال: هذي طلائع جيش الحق قد زحفت فوق البطاح كما الامواج تصطخب/ما نام منا على ضيم ذو شرف هذي السجايا لنا هل غيرنا عرب.
الشاعر إبراهيم الهاشم وصف لنا الخيالات التي ترافق القصيدة بالقول: على خطوك الريان آيات شاعر تبدَّى بها الإلهام واخضوضر النظم تصب لنا الابداع من خمر أحرف كؤوسا من الإشعاع ما شابها إثم .
وتابع ملتقى عيد اللغة العربية فعالياته بمحاضرة للدكتور عصام الكوسى بعنوان اللغة العربية والإعلام تحدث فيهاعن تأثير وسائل الاعلام ومواقع التواصل في اللغة العربية الفصحى إذ وصف حال اللغة العربية الفصحى اليوم بحال الأمة العربية ,وبين أن اللغة العربية تعرضت لمحاولات موت بطيء وذلك على يد العثمانيين عندما فرضوا سياسة التتريك وكذلك الفرنسة على يد المستعمر الفرنسي ,وهناك مستشرقون كثر أساؤوا للغة العربية فنعتوها بأنها لغة مقعرة غير قابلة للتطور وطالبوا باللغة الوسطى,وقد تعرضت اللغة العربية أيضا لمحاولات تهميش كثيرة منها الدعوة لإلغاء الإعراب.والبعض نادى بإلغاء الحركات وبتسكين نهاية الكلام وإلغاء قواعد اللغة العربية بحجة أنها تعيق انتشار اللغة العربية الفصحى وهذه كلها ممارسات غير بريئة.
مجمع اللغة العربية
أشار الدكتور الكوسى إلى جهود مجمع اللغة العربية في تعريب الكثير من المصطلحات الوافدة إلينا وبين أنه ينبغي على وسائل الإعلام نشر اللغة العربية الفصحى والابتعاد عن اللهجات العامية مشيداً ببعض تجارب الإعلام الرسمي لا سيما المكتوب منه موضحاً وجود إغراق بالعامية في الإذاعات الخاصة وهناك أخطاء لا تُغتفر في الصحف الخاصة فمن الممكن غض النظر عن الاخطاء اللغوية الشائعة أو على الأقل نسلم بها في ظل الأخطاء النحوية والإملائية وهذا غير مغفور على الإطلاق وبين أن استخدام اللهجات الخاصة بكل منطقة من شأنه أن يخلق شرخاً في صفوف الأمة العربية التي لا تنقصها الشروخ .
«الفيسبوك» يدمر لغتنا الفصحى
وأشار الدكتور الكوسى إلى الكوارث اللغوية التي ترتكب على مواقع التواصل الاجتماعي وهي تعكس جهل العامة واستهتارها باللغة العربية الفصحى,بل يكتبون بأحرف عربية كلاما أجنبيا مثل أن نكتب كلمة نعم بالانكيزية بأحرف عربية فيكتب البعض (يس ) وهذا تفسره كل المناهج الفلسفية بأنه شعور بالدونية والمعاناة من عقدة الاجنبي وقد كرست وسائل الإعلام هذا الجانب بالذات حيث أن المذيع الذكي اليوم هو المذيع الذي يتكلم العامية ومعها لغات أجنبية وهذا ما يجب محاربته لأن الوسائل الإعلامية هي وسائل تعليمية بالنهاية ولها أثرها في تشكيل الوعي اللغوي لدى المتلقي.
حلول ومقترحات
اقترح الدكتور عصام الكوسى أن يتم تعيين مدققين لغويين للإشراف على نشرات الأخبار فاللغة العربية الفصحى هي أحد مقومات العمل الإذاعي كما تمنى ألا يتكلم المحاورون خلال أي حوار سواء أكان ثقافيا او اقتصاديا او سياسيا إلا باللغة العربية الفصحى وذلك لترسيخ موسيقاها الجميلة في النفوس,وجعلها محببة ودارجة عند المتلقي,كما تطرق المحاضر إلى ضرورة مراقبة لهجة الإعلانات لأنها تكرس لغة عامية غير سليمة وأوصى بإجراء دورات تدريبية للمحررين والمذيعين وزيادة عدد البرامج التي تتحدث باللغة العربية الفصحى وخاصة الموجهة للأطفال مستشهدا ببرنامج «أبو الحروف»و«افتح يا سمسم» لأن ما يعلق من لغتها في عقول الأطفال هو الأساس في تربيتهم تربية لغوية سليمة ،كما طالب بزيادة عدد البرامج التي تعنى بقضايا اللغة العربية الفصحى من أجل الحفاظ عليها وزيادة الاهتمام بالمثقفين وتمكينهم من الاضطلاع بدورهم في الحياة العامة ليكونوا مؤثرين وفاعلين في هذا المجال,مبينا أن اللغة العربية لا تزال حية منذ القدم حيث ما زلنا نفهم شعر امرؤ القيس أما الإنكليز اليوم على سبيل المثال لا يستطيعون فهم لغة شكسبير ,لذلك يجب علينا الحفاظ على لغتنا من اللهجات العامية التي تؤثر في ذائقة المتلقي وتُشكِل علينا الفهم ،فاللغة العربية الفصحى قاومت الانقراض بل وأثرت في لغات عديدة حول العالم فالكثير منها أفاد من ألفاظ اللغة العربية .
الاستاذ نزار بدوره تحدث في محاضرته المعنونة باللغة العربية والحياة حول ضرورة صون الفصحى من كل شائبة مستشهدا بالكثير من الأمثلة من الشعر العربي الفصيح والأمثال والحكم التي وصلت إلينا عن طريق لغة عربية فصيحة سليمة نريدها أن تكون حاضرة على لسان الاجيال كافة كبرعم زهر ندي فلا نريدها أن تكون حية بقواعد اللغة فحسب بل يجب أن تكون حاضرة على الدوام وهي مصدر ثقة وقوة ودليل على الأصالة والعراقة لا سيما وأن القرآن الكريم حفظ اللغة العربية من الموت فاللغة كائن حي والإنسان كائن لغوي والهدف هو الوصول إلى لغة سليمة فصيحة سهلة مسموعة ومفهومة من قبل المتلقي وبين أن الكثير من الشعراء اليوم يستسهلون الكتابة والظهور على مواقع التواصل حتى لو كانت لغتهم عرجاء داعياً هؤلاء لتمثل تجربة شعراء الحوليات الذين كانوا يمضون عاما كاملاً في تنقيح القصيدة حتى تخرج للملأ فصيحة سليمة استحقت أن تكتب بماء الذهب .
متابعة : ميمونة العلي

المزيد...
آخر الأخبار