يتعرض الشعب اليمني إلى أقذر حرب عرفها التاريخ حولت اليمن السعيد إلى أرض القبور والهياكل بعد أن ارتكب التحالف السعودي أفظع الجرائم والمذابح بحق أشقائه من أهل اليمن مترجماً بذلك حقده الأعمى عبر صواريخ وقنابل محرمة دولياً يتفنّن كل يوم في رميها على الأبرياء أمام صمت مريب للعالم الذي لا يسمع ولا يرى الفظائع والكوارث التي تحل بأرض اليمن والتي تهدد بإبادة شعب بأكمله وكل ما تم الاتفاق عليه عبر المفاوضات والتصريحات والاجتماعات المتعلقة بالملف اليمني ، كان يبدو كمسرحية هزلية يراد بها تمرير العدوان السعودي وتكريس فشل المفاوضات وإظهار الملف اليمني كملف عصيّ على الحل وإلقاء اللوم على المقاومة اليمنية التي أبدت استعدادها لحل الأزمة اليمنية ، إلا أن الطرف السعودي كان يرى في اتفاق « الحديدة – تعز » ما يصب في مصلحة الطرف المقاوم المتمثل في الجيش الوطني واللجان الشعبية اليمنية لذلك كان يعرقل الاتفاق رغم الضغوط التي مورست عليه بعد قضية مقتل الخاشقجي ، واليوم ومع انتشار الأمراض والأوبئة التي تهدد الملايين في اليمن وما يرافقها من نقص في الدواء والغذاء بسبب الحصار الجائر وإغلاق الموانىء البحرية والمطارات الحيوية في اليمن ، يبدو المشهد مأساوياً حيث يتبع التحالف السعودي أسلوب تجويع المدنيين كأسلوب قذر لحربه الجائرة وهذا ما تحرمه قوانين الحروب التي تنص على تقديم الإغاثة للمدنيين وحماية الأنشطة الإنسانية المتعلقة بذلك .
وفي ظل الدعم الذي نشهده من قبل الكثير من الدول التي تمد التحالف بالسلاح كأمريكا وبريطانيا وفرنسا وغيرها ، تبدو معاهدة تجارة الأسلحة الدولية التي طالبت بالحد من المعاناة الإنسانية لليمنيين وتحقيق السلام غير مجدية لأن كثيراً من الدول مازالت تبيع السلاح للسعودية وتقدم لها المعلومات الاستخباراتية لتنفذ هجماتها ضد الأبرياء في اليمن وكثيراً مااعتمدت السعودية على القنابل العنقودية وهي أمريكية الصنع لتقتل المدنيين وتنفذ بها غاراتها الوحشية ومجازرها المروعة في اليمن .
واليوم تعلو الأصوات والمناشدات لفتح ممرات إنسانية تسمح بوصول المساعدات لكن الغريب في الأمر أن من يتباكون على أطفال اليمن و يذرفون دموع التماسيح حزناً على الأبرياءهم أنفسهم الذين يزودون بني سعود بالسلاح الفتاك لقتل هؤلاء الأبرياء،و يفعلون كل ما بوسعهم لعرقلة الحلول و اتهام الجيش الوطني اليمني بتأخير تنفيذ اتفاق الحديدة الأمر الذي يظهر نفاق هؤلاء وتواطؤهم مع العدوان السعودي والجميع يدركون جيدا أنه لا طريق لإنهاء مأساة اليمن سوى بحوار يمني – يمني يتم فيه تحديد نقاط الاختلاف والانتهاء من مهزلة « عودة الشرعية » ووضع نقاط محددة يتفق حولها جميع الأطراف دون تدخل خارجي .
إن أربع سنوات من صراع الدم في اليمن كفيلة بإحداث أسوأ أزمة إنسانية في هذا العصر ، لذلك فإن التعجيل في حل الأزمة اليمنية سينقذ حياة الملايين الذين يقفون على بعد خطوة من المجاعة والذين يعانون من سوء التغذية ويلوح لهم شبح الموت ، فهل نشهد انفراجاً قريباً لهذه الأزمة؟ وهل ينهض اليمن من جديد وتعود له الحياة بعد سنوات الدمار والموت.
محمود الشاعر
mmalshaeer@gmail.com