في كل شتاء تتجدد مشكلة التدفئة في المدارس التي تعتبر عنصرا أساسيا و من الضروريات التي يحتاجها الطلاب ، ورغم التأكيد في كل موسم على ضرورة استكمال الاستعدادات اللازمة في المدارس لاستقبال فصل الشتاء واتخاذ الاحتياطات اللازمة وبما يوفر بيئة مدرسية سليمة للطلاب ,و الحرص على توفير متطلبات السلامة العامة في المدارس خلال فصل الشتاء للطلبة والمعلمين .
وتسعى معظم إدارات المدارس إلى تأمين مستلزمات التدفئة من المدافئ وجاهزيتها في الشعب الصفية وتأمين مخصصات المحروقات إلا أن غياب التدفئة عن الكثير من المدارس بات يشكل هاجسا وظاهرة يشكو منها الطلاب مع بداية كل فصل شتاء وخاصة أثناء موجة الصقيع والبرد القارس مما يؤثر على التلاميذ بشكل سلبي و تبقى هذه المشكلة « وهي عملية التزود بمادة المازوت » متجددة باستمرار.
شتاء بارد
أشار الكثير من الطلاب إلى أنه في الطقس البارد وانخفاض درجات الحرارة يتم إشعال المدافئ في بعض الغرف الصفية, ويتم التركيز على الشعب الصفية التي لا تدخلها الشمس وتبقى درجات الحرارة منخفضة حتى في الأيام المشمسة اما في الأيام المشمسة حسب قولهم فإن ارتداء طبقات عديدة من الملابس تقيهم برودة الغرف الصفية …
فيما أعرب بعض أولياء التلاميذ عن خوفهم على سلامة وصحة أبنائهم، جراء عدم توفر المازوت في بعض المدارس مما يساهم في تشتيت تركيزهم لعدم وجود التدفئة داخل الشعب الصفية ويعرض التلاميذ للإصابة بعدّة أمراض منها الالتهاب الحاد للقصبات الهوائية، و التهاب اللوزتين المتكرّر، و الإصابة بالرشح وغير ذلك من الأمراض.
وأشاروا إلى الكثافة الطلابية في الصفوف مما يجعلها بيئة خصبة لانتشار الأمراض مثل الأنفلونزا وأمراض الزكام والبرد , بالإضافة إلى أن التحصيل العلمي يصبح متدنيا بفعل نقص التركيز عند التلاميذ، مما ينعكس سلبا على النتائج خلال الامتحانات , نظرا لعدم وجود الأجواء الصحية المناسبة للتلاميذ ..
و طالبوا بتوفير التدفئة الجيدة لتخفيف قساوة الطقس وخاصة وأن شتاء هذا العام يختلف عن العام الماضي , وتمنوا أن تنظر الجهات المعنية بهذا الأمر بجدية واتخاذ الاجراءات اللازمة لتأمين المادة قبل بداية الشتاء …
وهذا الأمر سيسهم بشكل كبير في تحسين مستوى أداء المعلمين ومستوى التلقي والإتقان عند الطلاب ، وسينعكس إيجابا على جوانب عدة صحية وبيئية وإدارية خصوصا في أيام البرد القارس كما أنها ستنعكس إيجابا على تفاعل الطلاب ومستواهم التعليمي.
مع إدارات المدارس
وفي مدرسة بريج الابتدائية أشارت مديرة المدرسة رانيا عباس إلى انه تم استلام المخصصات من مادة المازوت والكمية كافية ويتم استخدامها في الشعب الصفية حسب شدة برودة الطقس , ففي الشعب التي لاتصلها أشعة الشمس وتكون باردة يتم تزويدها بمادة المازوت مقارنة بالشعب التي تصل الشمس اليها مع مراعاة قدر الإمكان تأمين التدفئة بحيث لا يشعر الطلاب بالبرودة ..
وأشار عيسى فندي مدير مدرسة رفعت العلي إلى انه تم استلام كمية 1296 ليترا وهناك 18 شعبة صفية وشعبة مصادر (ذوي الاحتياجات الخاصة وكل شعبة مخصصة بـ70 ليترا ونحاول قدر الإمكان توزيع المادة حسب الظروف الجوية وشدة برودة الطقس
أما في مدرسة حسن الكردي «حلقة ثانية» أشارت إدارة المدرسة إلى أنها تسعى جاهدة لتوفير التدفئة لطالبات المدرسة في ظل الإمكانات المتاحة من اجل تلقي الدروس في ظروف جيدة وتساعدهم على التحصيل العلمي الجيد واستيعاب المعلومات وتم استلام كمية 1374 ليترا, وهناك لجنة مشكلة بناء على طلب مديرية التربية لمتابعة توزيع المادة .
و أشار بعض المديرين إلى وجود الكثير من المدافئ التي تحتاج إلى استبدال أو صيانة , والى قيامهم بإجراء الصيانة اللازمة لها، لوقاية الطلاب من برد الشتاء مع ضرورة مراعاة توفير التهوية المناسبة عند استخدام بعض وسائل التدفئة، وأضافوا إلى أن البعض استفاد من بعض الكميات القليلة المتبقية من مادة المازوت من العام الماضي كون الشتاء الماضي كان أقل برودة من هذا العام , وتمنوا زيادة كميات مازوت التدفئة الموزعة على المدارس في العام القادم .
الفصل الثاني .. لا تدفئة
وبين بعض من تلاميذ المرحلة الابتدائية أن المدافئ في صفوفهم بالكاد كانت تعمل أيام البرد الشديد خلال الفصل الأول على الرغم من سوء وضع هذه المدافئ وقدمها يضاف إلى هذا كله سوء التركيب وانتهاء صلاحية البواري المتشققة, والتي يتسرب منها الدخان من كل النواحي والجهات.
أما مع بداية الفصل الدراسي الثاني فبقيت المدافئ موجودة مجرد منظر لا أكثر.
أما طلاب المرحلة الإعدادية فبين بعض منهم :أن المدافئ في صفوفهم لم يتم استخدامها منذ بداية كانون الثاني بينما المدافئ في غرف الموجهين والإداريين فهي ما زالت تلهب ومجرد الوصول إلى باب أحدهم يتغلغل الشعور بالدفء إلى الجسد .
وأشار بعض الطلبة إلى أن المدافئ كانت توقد بشكل متفاوت خلال الفصل الدراسي الأول حيث توقد في بعض الأيام لنهاية الدوام الرسمي في حين يقتصر عملها بقية أيام الأسبوع بما لا يزيد عن ثلاث حصص درسية بغض النظر عن شدة برودة الطقس وبقي هذا الوضع قائما ً حتى نهاية الفصل أما في الفصل الثاني فلم تعد المدفأة موجودة في الصف نهائيا ً دون معرفة السبب .
الكميات محددة مسبقاً
وقال مدير أحد المدارس الإعدادية : إن مخصصات كل شعبة خلال العام الدراسي من مادة المازوت هي ( 72 ) ليترا ً فقط ,ولا يوجد مخصصات للكادر الإداري ( المدير ومعاونوه والموجهون ) ويجب تقسيم هذه الكمية على أيام الدوام الفعلي في الشتاء والتي لا تقل عن ( 160 ) يوما ً, وبالتالي فإن مخصصات كل شعبة بالكاد تصل نصف ليتر يوميا ً ,بغض النظر عن أيام الامتحانات الفصلية التي تعمل المدافئ فيها بشكل مضاعف حسب الفترات الامتحانية…
وأشار المدير لوجود سجل للمازوت في المدرسة يدون عليه الاستهلاك اليومي من قبل اللجنة التي تستلم المادة والتي تتألف عادة من / مدير المدرسة – أمين الوحدة الشبيبية _ عضو من الوحدة النقابية ومدرس أو اثنين من المدرسة / و يتم تعبئة المدافئ في بداية الدوام الصباحي بكمية ( 3 ليترات ) تقريبا ً , ويتم التوقيع على الكمية من قبل اللجنة ولا يمكن زيادة الكمية إلا في أيام البرد الشديد وحالات الضرورة القصوى وفي الأيام التي يكون فيها الطقس مقبولا ً نحاول قدر الإمكان «الحديث للمدير» ألا تعمل المدافئ في المدرسة توفيرا للمازوت…
وهنا تساءل مدير المدرسة لماذا يحرم الكادر الإداري من المازوت ؟ ومن أين سيحصل عليه ؟ وكيف له أن يستقبل أولياء الطلاب والمراجعين في أيام البرد الشديد .. ؟
أما مديرة إحدى المدارس الابتدائية فقالت : الكمية التي حصلت عليها المدرسة من المازوت كافية نسبيا ً ,وعلينا أن نتدبر أمرنا بالكمية المخصصة لنا حيث من الممكن أن نتغاضى عن تشغيل المدافئ في الصفوف التي تدخلها الشمس وفي الأيام التي يكون فيها الطقس دافئا ً والمهم بالنسبة لنا كإدارة هو تأمين الدفء لتلاميذ الصفين الأول والثاني لصغر أعمارهم وعدم قدرتهم على تحمل البرد حيث تكون لهم الأولوية ومن بعدهم تأتي بقية الصفوف…
ونوهت مديرة المدرسة إلى أن الكادر الإداري في المدرسة ليس له مخصصات من المازوت للتدفئة وتساءلت كيف يمكن العمل في أيام البرد الشديد من دون وجود تدفئة ؟ وهل من المعقول أن يحمل مدير المدرسة المازوت من منزله لينعم بالدفء في مكان عمله ؟.
الشغل الشاغل
مشكلة التدفئة في مدارس الريف هي الشغل الشاغل ليس لهذا العام فقط وإنما منذ أعوام فالمخصصات لا تكفي ..
حيث يتم تخصيص كمية محددة من المازوت للشعبة الواحدة وأحيانا لا تصل إلا بعد انقضاء وقت طويل على بداية موسم الشتاء ويصبح البرد على أشده وخاصة في الريف الشرقي لحمص ، وقد علمنا وعبر العديد من طلاب مدارس بلدة الرقامة أن تركيب المدافىء لا يتم إلا بعد تأمين الكمية المخصصة من المازوت وذلك تلافيا لبعض المشاكل التي يمكن أن يتسبب بها الطلاب في حال وجود مدفأة دون مازوت …
وقد أوضح البعض أن هناك مدافئ في ثانوية القرية لم تستخدم منذ بداية الشتاء نظرا لوجود نقص في معدات تشغيلها « مخزن المازوت» مما اضطر الطلاب للاتجاه إلى بعض الشعب الأخرى كي لا يخسروا دروسهم المهمة أو يضطروا للغياب أوقات البرد الشديد .
وكذلك هناك مشكلة أوضحها لنا بعض المدرسين حيث أن غرف الإداريين وأمين السر والموجه والبريد الالكتروني والمكتبة والإدارة ليس لها مخصصات .
كما أن الثانوية بحاجة إلى عدد من المدافىء و «البواري » الجديدة .
تقنين قاهر
في إعدادية الشهيد بهجت بدور أكد بعض المدرسين أن الكمية المخصصة للمدارس هذا العام لا تكفي لمدة 25 يوما كحد أقصى ولذلك تضطر المدرسة لتطبيق تقنين قاهر وذلك حتى يتم توفير كمية لوقت الامتحانات حيث يكون الطالب في أشد الحاجة للدفء وتأمين الجو الملائم للامتحان .
وقد أكد أحد المدرسين أن المدرسة تبقى تحت رحمة محطات الوقود الخاصة التي قد لا تلبي طلبهم في الوقت المناسب , ولذلك تمنوا على مديرية التربية أن تسير صهريجا خاصا بالمدارس عبر التعاقد مع إحدى المحطات .
الكمية غير كافية
في مدرسة الشهيد شعبان مهنا للتعليم الأساسي أكدت سجيعة القاسم – مديرة المدرسة أن التلاميذ هم الأكثر حاجة للتدفئة, فتلميذ في الصف الأول أو الثاني لا يستطيع أن يمسك القلم عندما يشعر بالبرد فكيف هو الحال وقد كان البرد على أشده هذا الشتاء ناهيك عن أن الكمية لا تكفي ,إضافة إلى أن الإدارة ليس لها مخصصات .
الحاجة أم الاختراع
لدى سؤالنا بعض المدرسين حول إمكانية حل مشكلة المازوت بطرق بديلة أكدوا أن كل ما يمكن وضعه كحل قد يعتبر مخالفة للقانون، ومثال على ذلك جمع مبالغ مالية لجلب المازوت بشكل حر، أو الطلب من الطلاب – وبشكل دوري – جلب عبوات صغيرة من المازوت ، أو حتى استخدام الحطب بدلا من المازوت .. والحل الوحيد هو التقنين.
معاناة ..
العديد من قرى ريف حمص سواء الغربية البعيدة أو الشرقية البعيدة معاناتها مع برودة فصل الشتاء كبيرة نظرا للطبيعة الجغرافية والظروف المناخية التي تسيطر على تلك القرى ومع ذلك لا تتوفر مادة المازوت بالشكل الذي يلبي الحاجة ويجعل الطلاب يمضون عامهم الدراسي بأريحية ودفء وبالتالي ينعكس ذلك على الحضور والدوام, وكذلك على الاستيعاب للدروس التي تعطى لأن المدرس أيضا يقع تحت نفس الظروف .
مساعدات خارجية
ميادة زكور مديرة الإعدادية في قرية الفحيلة – ريف حمص الشرقي قالت : مر علينا هذا الشتاء بصعوبة كبيرة ولم تنته بعد أيامه الباردة ، فقد خصصت مديرية التربية للمدرسة هذا العام كمية 400 لتر وعلى دفعة واحدة فقط بينما في الأعوام السابقة كانت توزع على دفعتين ، وهي لا تكفي أبدا وخصوصا أن هذا الشتاء حمل موجات باردة جدا وظروفا جوية صعبة ,مما منعنا من التقنين أو توفير هذه المادة للأيام الأكثر برودة ، ولكن ما عدل الوضع وجعله مقبولا هو المساعدة التي يقدمها لنا المغتربون من أبناء القرية حيث حصلنا هذا العام على كمية تقدر بـ300 ليتر .
وأضافت : مع علمنا ومعرفتنا بصعوبة الوضع الراهن والظروف القاسية التي تمر بها البلاد إلا أننا نعمل جاهدين لتجاوز الحالة قدر الإمكان, ولاسيما أن طلابنا أمانة في أعناقنا وهم مستقبلنا ومستقبل الوطن الزاهي الذي نسعى للارتقاء به إلى الأفضل .
تحددها مديرية التربية
المهندس زاهر خليل رئيس الدائرة التجارية في شركة محروقات حمص ( سادكوب) قال: وزعت الشركة كمية ( 980208 ) ليترات من المازوت على مدارس المحافظة / ريفا ً ومدينة / بناء على طلب مديرية التربية .
وأشار إلى أنه يتم تسليم الكميات في الريف للمجمعات التربوية وهي بدورها تقوم بتوزيعها على المدارس .
أما في المدينة فيكون التوزيع عبر صهاريج الشركة بشكل مباشر وكل مدرسة حسب المخصصات التي حددتها لها مديرية التربية .
شعبة التحقيقات