تصبح جدتي في ليل الحي الصامت امرأة لها تاج رصع باللآلئ . تتقن فنون اللغة وقواعدها , تحمل أكثر من شهادة تتعلق بأصول الحياة و عهدت إليها خلال عقود طويلة مناصب متعددة لتصلها الشكاوى من مختلف الجهات تقدم النصيحة ولا تخطئ في إسداء الرأي إذ كان أبوها من الرجال العظام سيد قومه متربعاً على عرش نحت من حجر نفيس رصع بالفسيفساء وفرش بالطنافس والأحلام .
هذا ما شغل جدتي زمناً وما رددته في هدوء بعد حلم طويل أردت صنع تمثال لها بعد أن أتقنت صناعة الأشكال والوجوه وتمتين الأطراف والجذوع ونقش الأحلام والأسرار .
تلك الليلة المشحونة بالأمل والحب حيث وضعتها فوق منبر السيادة دبت الحياة في جسدها المنسي والذي دهمه الزمن فانحنى، وجدت الدموع في عينيها ، وجدت الغضب ، رفعت يدها المعروقة في اللحظة التي دهمها فيها شعور الشيخوخة لتكشف عبثية الوجود فهي كما قالت عاشت الجانب الواحد من عمرها حيث لم يتحقق لها جمال الحياة عبر عقود من الزمن .
فقد استطاعت التعايش بين قوم لا يعرفون سوى الأخذ بعد انقضاء العمر وهي تستمع إلى آراء حول الحق والحرية وما يؤخذ أو ما يعطى في الحياة .
هدهدت لتمثالها الجميل كانت تتحدث عن الأجداد فهي ابنة فارس لم يشاركه الفروسية رجل أو يسبقه في الحياة ضحكت جدتي ذلك المساء ضحكت ضحكت معها , فرحت من أجلها صنعت لها حاشية من التماثيل وصنعت لها أبناء وأحفاداً .
ماري رشو
المزيد...