إن النعم التي أنعمها الله عز وجل على الإنسان كثيرة , وأبرزها نعمة العقل والبصر والإحساس والقلب , فالعقل ضرورة كونه يجعل الإنسان يفكر ويميز بين الصح والخطأ وماذا يتوجب عليه أن يفعل ..
أما البصر فلكي يرى طريقه , وليرى كل ما يحتاجه الناس , بالإضافة لذلك لكي نشاهد ونرى ونتعلم العبر من تجارب الآخرين , أما الإحساس فهو الشعور الأرقى بهموم الآخرين ومشاعرهم وفرحهم ومعاناتهم وبالتالي مساعدتهم على أن يكونوا بخير قدر المستطاع .
هذا ما بدأ به حديثه معنا المواطن مصطفى نزار سليخ الذي زارنا في الجريدة , وأخبرنا أنه كتب وصية للتبرع بأهم أعضاء جسده بعد وفاته , وأحضر معه تصريحا خطيا بالموافقة على ذلك من قبل زوجته نهى عبد القادر كسم وشقيقه مازن نزار سليخ وابنه نزار مصطفى سليخ .
وأضاف : الشيء الذي دفعني للإقدام على التفكير بوهب بعض أعضاء جسدي هو ايماني أننا طالما نستطيع المساعدة وتقديم العون للآخرين فلماذا نبخل بذلك حتى بعد وفاتنا , طالما أن الله عز وجل لم يحرم ذلك .
الحياة جميلة بكل ما تحمله من فرح وسعادة وحزن وألم , ولا أحد من البشر مخلد فيها , ولا يبقى للإنسان سوى عمله وذكره الطيب ومساعدته للآخرين بعد وفاته ..
وأشار إلى أن الله تعالى خلق الانسان « روحا وجسداً» وأن الجسد عبارة عن آلة متكاملة العناصر خلقها الله بعناية تجعل الانسان يستمر في الحياة بأجمل صورة فالعين مركز الرؤية , والقلب مضخة الدم والحياة في الجسم , أما الكليتان فهما مركز التصفية في الجسم من الفضلات , إضافة إلى تنقية الدم أثناء عمل الدورة الدموية ..
وعند سؤالنا عن سبب قناعته بهذه الفكرة قال : قناعتي بفكرة التبرع جاءت من إيماني بأن الخير والنعم يجب أن تستمر والعطاء للآخرين ألا يتوقف حتى بعد وفاة الإنسان , وبسبب معرفتي ببعض المرضى الذين فقدوا البصر , وكيف يطلبون المساعدة في كل تفصيلة من تفاصيل حياتهم اليومية , من طعام أو شراب أو حتى عبور الشارع , وحتى مرضى الكلية الذين نشعر بآلامهم , والبعض منهم يجري عملية غسيل كلية أسبوعيا , وما يخلفه هذا الأمر من معاناة كبيرة لهم ولعائلاتهم , لذلك علينا تقديم المساعدة لمن يحتاجها اذا كان باستطاعتنا ذلك , خاصة بعد التقدم الكبير الذي أحرزه العلم في هذا المجال .
وأضاف : بعد وفاة الإنسان ينتقل إلى لحده الأخير , والجسد يفنى بعد أيام من الوفاة ويتعفن , وبعد فترة يتحلل في التربة ..
لذلك من واجبي أن أحث أخي الإنسان على ضرورة التبرع بما نستطيع من أعضاء الجسد وخاصة القرنيتين والكليتين والقلب لمساعدة من هم بحاجة إلى ذلك , فكم من مرضى بحاجة إلى هذه الأعضاء , وقد تتوقف حياتهم عليها , فهل أجمل من أن يساند الإنسان أخاه الإنسان في محنته ومرضه …
وتمنى ختاما أن يكون هناك ندوات توعية بأهمية هذا العمل الإنساني الذي من الممكن أن يحافظ على حياة الكثير من المرضى من خطر الموت ..
يذكر أن المواطن مصطفى نزار سليخ من مواليد عام 1962 حمص , ولديه خمسة أولاد , وقد كتب وصيته هذه وهو بكامل قواه العقلية والذهنية وقد كتب هذه الكلمات :
أنا سوري .. أنا ابن العروبة .. إن المحبة والإخاء والشهادة دستوري .. رضعت الوفاء من أمي وحب الوطن تعلمته من أبي .. سأبقى سورياً أنشد المحبة والسلام , اعلم أولادي وأحفادي محبة الوطن وعزة النفس , وأنشد بين الناس سطرا واحدا : فمن تاه فليعد إلى رشده فالعمر ماض والعمل باق
أنا ابن البلد من عرين الأسد .. أقسمت اليمين أن أخدم وألا أخون العهد في الدفاع عن وحدة البلد …
بشرى عنقة
المزيد...