في السابع من آذار عام ثمانية وخمسين وتسعمائة وألف صدر حكم الإعدام بحقها ..فقامت الدنيا ولم تقعد ، فعدل الحكم إلى السجن المؤبد …وعندما تحررت الجزائر أطلق سراحها..
هي جميلة بوحيرد ، المناضلة الجزائرية ، المرأة التي يقولون عنها في الجزائر إنها ( امرأة بألف رجل ) .
هي اليوم في الرابعة والثمانين من عمرها .. ولاتزال تقول إنها واثقة من انتصار الشعب السوري على الإرهاب .. وإنها تحب سورية ، إن أثمن مالديها هو وسام الاستحقاق السوري الذي منحها إياه السيد الرئيس بشار الأسد قبل عشر سنوات في دمشق .
كنا في المرحلة الثانوية ، وكان في منهاجنا الدراسي قصيدة كنا نترنم بها ونشعر أننا والجزائر بلد واحد وهي قصيدة الشاعر محمد الفيتوري ومنها :
لن تسمح الجدران ياجميلة
فالسجن مثل جبهة السجان
من حجر صخر ومن صوان
وما الذي تصنع راحتان
جميلتان مستطيلتان
لامرأة نحيلة
بغض النظر عن الحراك السياسي في الجزائر ، هذه الأيام ، فإن الجزائريين يصرون على القول إن سورية الشقيق الأقرب لهم على الرغم من بعد المسافة ويقولون إن الأمير عبد القادر الجزائري اختار « الشام « منفى له ، لأنه يعلم من يكون السوريون .
هي الجزائر ، بلد المليون شهيد .
لاتزال حكايات جداتنا وأمهاتنا في الذاكرة . ثمة نساء سوريات بعن أساورهن وتبرعن بثمنها لثورة الجزائر ضد المحتل الفرنسي . وعندما كتب الجزائريون استقلالهم بالدم ، كان المعلمون السوريون أول من وصل الجزائر لمحو آثار الفرنسة وللسوريين أياد بيضاء في حركة التعريب في الجزائر وكذلك كانت البعثة الطبية السورية وعلى رأسها وزير الخارجية السوري الأسبق الطبيب ابراهيم ماخوس أول بعثة طبية تصل الجزائر .
والموقف الجزائري الشعبي والرسمي كان دائماً لصالح القضايا العربية وداعماَ لها ولعلنا نذكر المرافعة التي قدمها وزير الخارجية الجزائري فيما يسمى ( مجلس الجامعة
العربية ) إذ قال قبل سنوات (خطأ فادح تجميد عضوية سورية ..)مما دفع سيىء الذكر وزير خارجية دويلة قطر لمقاطعته والرد عليه (سيأتيكم الدور بعد سورية ).
فهل جاء دور الجزائر في هجمة عدوانية أمريكية صهونية؟!!
هو السؤال الذي يفرض نفسه ،مع ثقتنا أن الفكر القومي والعروبي في الجزائر لن –يخبو .
ولابأس ،والحديث عن الجزائر ،جميل وممتع ،أنّ الرئيس هواري بومدين قد زار سراً الاتحاد السوفييتي في أثناء حرب تشرين ووقع اتفاقاً لإقامة جسر جوي يزود الجيشين السوري والمصري بالأسلحة السوفييتية ،وقد أصرّ بومدين على أن تدفع الجزائر ثمن الصفقة تبرعاً منها .
ولعلنا نذكر قصيدة نزار قباني عن جميلة بوحيرد وعن الجزائر وهي قصيدة شهيرة جداً ومنها :
الاسم جميلة بوحيرد
اسم مكتوب باللهب
مغموس في جرح السحب
في أدب بلادي في أدبي
امرأة من قسنطينة
لم تعرف شفتاها الزينة
أبقت الشمس ولم تتعب
اسم جميلة
تاريخ ترويه بلادي
يحفظه من بعدي أولادي
حمى الله الجزائر ….أيقونة المغرب العربي ،اسم من لهب في أمة العرب …تحيا الجزائر .
عيسى إسماعيل