ما بين المنتـِج والمنتـَج

إنّ فقدان مادّة ما أو تردّي نوعها وسوء تغليفها وتعليبها يؤدّي بالمستهلك للّجوء إلى البديل من منتـِج آخر ، وهذا ما تعانيه منتجات القطاع العام منذ فترة ليست بالقليلة ، إذ نجد كثيراً من منتجات الشّركات العامّة قد تراجعت جودتها ولا تتمّ تعبئتها وتغليفها بالشّكل اللاّئق والمطلوب .
أذكر ومنذ أكثر من عقدين كانت إحدى المؤسّسات العامّة تنتج مادّة السّيراميك ومادّة الآجرّ المشويّ وكان هذان المنتجان لا يضاهيان مثيليهما من المستورد أو المهرّب , بل كانا يفوقانه جودة بالصّنع وإتقاناً في التّعبئة والتّغليف ومنافسة في الأسعار ممّا دفع بالكثيرين ليعملوا على تهريبه خارج البلاد نظراً لكثرة الطّلب عليهما .
وبعد فترة تراجع الطّلب على المادّتين وذلك بسبب تدنّي الجودة التّصنيعيّة ممّا دفع بالمستهلكين إلى اللّجوء لاستجرارهما من منتجين آخرين من خارج القطاع العام…!!!!
والمثال السّابق ينطبق على كثير من المنتجات التي لم تعد ترضي المستهلكين ما اضطرّهم إلى استجرار مثيلاتها من منتجين آخرين . فالدّخان السّوريّ المنتج في القطاع العام كان يحظى بإقبال شديد عليه نظراً لجودته وأناقة شكله وسعره المناسب إلاّ أنّ جودته مضموناً وشكلاً تراجعت بشكل ملحوظ ليستعيض كثير من المستهلكين بأنواع وأصناف أخرى تتوفّر في الأسواق بطرق مختلفة …!! و كذلك بعض المنتجات من الأدوات الصّحّيّة كالمغاسل ومستلزمات الحمّامات وغيرها والتي أنفق القطاع العام الملايين لا بل المليارات من اللّيرات السّوريّة لإنشاء المعامل لإنتاجها حيث تؤمن فرص عمل للآلاف من العاملين …!!!!
وهنا أؤكّد ثقة معظم المواطنين بمنتج مؤسسات القطاع العام وشركاته ومعامله من حيث جودة المواد الدّاخلة في الصّنع ومن حيث المراقبة ، إلاّ أنّ خللاً يحصل و نلحظ إهمالاً من حيث الشّكل وفي كثير من الأحيان من حيث المضمون أيضاً …!!
هنا لابد من السؤال :: هل جرى البحث من قبل المعنيّين في أسباب تردّي هذه المنتجات مع التّأكيد أنّها لو كانت أفضل لازداد الطّلب عليها لاستهلاكها وبالتّالي تدعم الاقتصاد الوطنيّ ..!!
وفي مجمل الظّروف والأحوال لو حظيت المنتجات الوطنيّة بالاهتمام المطلوب والاعتناء اللاّزم ومتابعة وتحفيز عمّال الإنتاج والقائمين على العمليّات الإنتاجيّة لكانت تلك المنتجات أكثر رواجاً .
أعود لأذكّر بأنّ تردّي منتج القطاع العام يؤدّي إلى لجوء المستهلكين لاستجرار منتج آخر من مصادر أخرى ولا يفوتني هنا أن أشير إلى خطورة تفوّق المنتجات من خارج هذا القطاع إذ سيؤدّي ذلك بالضّرورة إلى الخسارة وبالتّالي تحوّل الجهات المنتجة إلى عالة وعبء و هذا ما يخدم جهات أخرى لا همّ لها سوى زيادة الأرباح .
عبـَّاس سليمان علي

المزيد...
آخر الأخبار