في زمن غابر قام حاكم المدينة بتوحيد المكاييل ووضع نظام الصاع والطاسة حتى تسهل عملية مراقبة التجار ومنعهم من الغش في الكيل ، والعودة إلى تلك الطاسة المرجع المتفق عليه عند نشوب الخلاف بين التاجر والمستهلك على سلعة ما ، مغشوشة أو غالية الثمن فوق المعتاد ، فتم إيداع الطاسة في مقر المدينة .
بعد فترة نشب خلاف على وزن القمح بين هؤلاء ، فقرروا الاحتكام إلى الطاسة المحفوظة ، لكنهم لم يجدوها نتيجة الفوضى فذهب المثل قاطعاً المناطق والبلدان ” الطاسة ضايعة ”
هذا هو حالنا اليوم وحال شكاوينا المدهشة والمتشعبة التي هاجت وماجت واستفحلت حتى أبعدتنا عن استقصاء أخبار العالم في ظل فوضى عجيبة ضاعت فيها الطاسة في الأسواق ، في المشافي الخاصة ، ضاعت لتأخذ معها هناءة عيشنا وطمأنينتنا ورفاهيتنا..
فتأمين رغيف خبز ناضج ونظيف ، والحصول على مخصصات المازوت المدعوم والسكر والرز ، معالجة شح المياه في المدينة والريف ، انقطاع الكهرباء والغاز وتأثيرهما على الحياة المعيشية ، ومن ثم مشكلة النقل والمواصلات ، شغلتنا عن متابعة سياسات وحوش العالم وسباقهم إلى اقتسام العالم مع أنهم المتسبب الأول بأزماتنا حتى لانفتش عما هو مستور وخاف ، نتقلب في هواجس يومياتنا نتحدث بصوت عال، نترقب عضلات الوجوه التي تنبىء بماهية الشكوى .. ومع ذلك أثبتنا قدرة عجيبة في الصبر على الملمات وظروف الحياة الصعبة ، فلنا وحدنا الحق في التفكير والنقد ومحاولة البحث عن الطاسة التي تشكل مقياسا ً للعدالة علنا نصل إلى حال أفضل تعودنا أن نطل عليه في ماض غير بعيد ، لنتساءل هل بالإمكان إيجادها ..؟ فلنحاول…
عفاف حلاس