تعد حركة البناء والإعمار مؤشر أساسي لحالات النهوض التي تشهدها البلاد ، وانتعاش المشاريع السكنية بعد فترة الحرب دليل على التعافي ودليل ذلك الدراسات والمخططات التنظيمية التي تنجز في حمص مدينة وريفا والتي من المتوقع أن يكون للاتحاد التعاوني السكني دور هام فيها .
ورغم أن تأمين مسكن لكل أسرة واجب وطني ، إلا أنه لكي يستطيع المواطن في ظل هذه الظروف الحصول على منزل من خلال التعاوني السكني فعليه أن يعتمد على دخل ثان لأن الدخل الحالي لا يفي بغرض الحصول على منزل .
الجمعيات السكنية هي مشاريع غير ربحية يستفيد منها العضو وتعمل الدولة على تخصيص الأراضي من القطاع العام .وفي الوقت الحالي هناك ضرورة لتوجه الجمعيات السكنية إلى مناطق الريف والاستفادة من المخططات التنظيمية للمناطق المتضررة نظرا لأهمية قطاع التعاون السكني في مرحلة إعادة البناء والإعمار ودوره في تقديم المسكن الصحي والاقتصادي بسعر التكلفة .
حول واقع التعاون السكني والجمعيات في حمص كان لنا لقاء مع المهندس صفوان غنطاوي – رئيس المكتب التنفيذي للاتحاد التعاوني السكني في حمص الذي قال :
التعاون السكني عبارة عن منظمة أهلية تعمل ضمن القانون / 99/ لعام / 2011/ حيث تؤسس الجمعية السكنية بناء على رغبة أعضاء متفاهمين فيما بينهم على ألا يقل عددهم عن 100 عضو ويصدر قرار الموافقة من وزير الأشغال العامة والإسكان .
يبلغ عدد الجمعيات ( 198) جمعية ولكن الفعال منها ( 150) جمعية ، أما عدد الأعضاء المنتسبين للجمعية على مستوى المحافظة ( 138676) عضوا ، وعدد المساكن المنجزة والمسلمة للأعضاء (21) ألف مسكن ، وعدد الأعضاء المكتتبين (120) عضوا ، أما عدد الأعضاء المخصصين (6500 ) عضو.
واقع الجمعيات بعد الحرب
أما عن الجمعيات التي خرجت عن الخدمة فقد أوضح : نتيجة الحرب الإرهابية خرجت عن الخدمة ( 17 ) جمعية في تدمر مع المحافظة على الهيكلية ،وجمعيتان في الحولة وجمعيتان في المنطقة الغربية ، وجمعيتان في القصير ، وجمعية في تلبيسة ، وجمعيتان في القريتين ، إضافة إلى الجمعيات التي كانت موزعة في مركز مدينة حمص .
منذ عام / 2016 / وحتى تاريخه يسعى فرع الاتحاد التعاوني السكني لتأهيل كافة الجمعيات ، وفي حال معرفة الأعضاء المنتسبين لجمعية معينة يتم تشكيل مجلس مؤقت مؤلف من خمسة أعضاء ، ثلاثة هيئة عامة ومندوب من التعاون السكني ممثل للوزارة ومندوب لاتحاد التعاون السكني في المحافظة مهمة هذا المجلس دعوة الهيئة العامة للانعقاد وانتخاب مجلس إدارة ولجنة مراقبة للجمعية ، وفي حال عدم تمكن الجمعية من تأمين مقر لها يتم حلها أو دمجها مع جمعية أخرى ، وحاليا تم رفع مقترح لوزارة الأشغال العامة والإسكان عن طريق الاتحاد العام لحل ( 33 ) جمعية سكنية .
معوقات
معاناة الجمعيات هي في عدم توفر الأراضي المخصصة للبناء من الوحدات الإدارية وكذلك عدم منح قروض للجمعيات من قبل المصرف العقاري رغم صدور قرارات باستجرار القروض لم ينفذ المصرف القرار، وفي حال تم التنفيذ فإن هذه القروض لا تفِ بالغرض ولكنها تساعد بعض الشيء ، وفائدتها تكون بزيادة القرض العقاري بما يتناسب وقيمة العقار الحالية ورفع قيمته إلى نسبة ٥٠% من قيمة العقار وخاصة أن البنك كافل لحقه بقيمة العقار فإن لم يحصل ذلك سيظل القرض عبئا على المواطن .
وهناك مطالبات في مجلس الوزراء بالسماح للجمعيات بالتعامل مع البنوك العاملة في سورية الخاصة والعامة وقد تقدمت هذه البنوك بعروض جيدة .
أموال الجمعيات في المصارف
أكد غنطاوي أن أموال كل الجمعيات موجودة في المصارف ، فمنذ بداية الحرب صدر تعميم من الاتحاد العام وأكدت عليه وزارة الأشغال العامة والإسكان بعدم صرف أي مبالغ دون موافقة الاتحاد السكني من خلال التأشيرة على الشيكات الصادرة عن الجمعيات والموجهة للمصرف العقاري ، وحتى تاريخه لم تظهر أي مشكلة مالية تتعلق بعمل جمعيات التعاون السكني ، لا من ناحية حقوق الأعضاء ولا أموال الجمعية بشكل عام .
بعد خروج المسلحين من أحياء حمص وعودة الأمن والأمان إلى بلدنا تم توجيه مجالس إدارة الجمعيات السكنية لتنظيم ضبوط لدى أقسام الشرطة المختصة بالأضرار التي لحقت بمقرات الجمعيات ، أما بالنسبة للمساكن التي تم إنشاؤها من قبل الجمعيات فتم توجيه كل عضو من الأعضاء المستفيدين بتنظيم ضبط خاص به « مصلحة شخصية » .
وأكد : معظم الأضرار التي لحقت بالجمعيات مادية تتعلق بالمقر والأثاث والمحتويات التي كانت موجودة في المقر .
تأمين الأرض ..
أوضح غنطاوي أن فرع الاتحاد السكني استلم – وللمرة الأخيرة – مساحة من الأرض من الوحدة الإدارية لمجلس مدينة حمص عام / 2004/ في منطقة وادي الذهب ، وفي عام / 2006 / استلمنا من القطاعين الرابع والسادس – منطقة التوسع الغربي لمدينة حمص في منطقة الوعر والذي بدأ العمل به في / 2009 / وتوقف عام / 2011 / نتيجة الحرب وقد وصلت نسبة انجاز البنية التحتية ( 30% ) وفي البناء السكني ( 50 % ) على الهيكل .
مشروع التوسع الغربي ( الوعر )
أكد غنطاوي : مشروع التوسع الغربي في منطقة الوعر مؤلف من ( 152 ) مقسما سكنيا وهو عبارة عن أبراج تم توزيعها من قبل المؤسسة العامة للإسكان على ( 102 ) جمعية سكنية في حمص ، وبتكليف من رئاسة مجلس الوزراء تم تكليف الاتحاد التعاوني السكني لإعداد الدراسات وتنفيذ البنية التحتية للمشروع ، وتم التعاقد مع الشركة العامة للطرق لتنفيذ البنية التحتية لعام /2010 / وقدر المبلغ الإجمالي بـ (470 ) مليون ليرة سورية ، وبسبب الحرب توقف العمل بنهاية /2011 / ، وحاليا ، ومنذ حوالي شهر ، وبجهود الجهات المعنية في المحافظة تم استلام منطقة المشروع خالية من كل الشواغل وقامت معظم الجمعيات بإعداد الإضبارة المتضمنة تعديل أسعار للأعمال المتبقية ، إضافة إلى جرد الأعمال الموجودة حاليا .
وأضاف : من المتوقع أن يكون 15 /5/ 2019 موعد لعودة الحياة من خلال الورشات التي تتواجد في المشروع .
جمعيات غير فعالة
أوضح غنطاوي: تم إيقاف تأسيس الجمعيات السكنية في مراكز المدن منذ عام /2008/ ومازال مسموح به في ريف المحافظة ، ولكن هذه الجمعيات غير فعالة بسبب عدم تأمين أراض من الوحدة الإدارية والتي تأخذ تعليماتها من وزارة الإدارة المحلية بعدم بيع الجمعيات السكنية أراض معدة للبناء ، علما أن القانون ( 99) واضح من حيث عدم تصديق أي توسع في المخطط التنظيمي لأي وحدة إدارية إذا لم يلحظ سكن شعبي ،وبالتالي جزء منه مخصص للتعاون السكني .
خطة للزيادة الطابقية
زيادة الطوابق يتعلق بنظام الضابطة بالوحدة الإدارية بمشروع الوعر ( الارتفاع الشاقولي ) ثم من خلال الاستثمار الذي كان يعمل به في مجلس مدينة حمص حيث تم تأمين بعض الطلبات المتضمنة إنشاء كراج على كامل المقسم إضافة إلى طابق خدمي ، وتمنح الجمعيات نسبة ( 50 % ) زيادة في أمتار البناء الطابقية .
مشاكل متعلقة بتطبيق القانون
حتى تاريخه لم تظهر في محافظة حمص أي ظاهرة فساد ، وفي حال وجود أي ضرر شخصي يمكن للمواطن أن يلجأ للقضاء .
إضافة لذلك ،إن كان هناك مشاكل تتعلق بتطبيق القانون فهناك لجنة رقابة تعاونية في كل اتحاد من اتحادات المحافظات ، إضافة إلى لجنة تعاونية مركزية في الاتحاد العام مهمتها معالجة المشاكل الناتجة عن الشكاوى المقدمة للمواطن المتعلقة بالتعاون السكني .
أيضا عدم توفر السيولة المادية لدى المواطنين ، وكذلك مشكلة النقص في الأيدي العاملة فمعظم الجمعيات التي ستعود إلى العمل في منطقة التوسع الغربي تبحث عن اليد العاملة . فالعنصر البشري مهم جدا في مرحلة إعادة البناء والإعمار التي تتطلب نحو100 حرفة ومهنة بدءاً من المهندس وانتهاء بالعامل العادي والكل سيشارك في إشادة المساكن .
مهمة إشرافية
وفي لقاء لنا مع صلاح مصومعي – مدير التعاون السكني بحمص قال : التعاون السكني مديرية من مديريات وزارة الأشغال العامة والإسكان ، مهمته الإشراف على الجمعيات السكنية بموجب المرسوم (99) لعام /2011 / المتضمن قانون التعاون السكني بسورية ، ويكون الإشراف القانوني على أعمال الجمعيات التعاونية السكنية من حيث تطبيق القانون وأعمال مجلس الإدارة وفق اللائحة التنفيذية رقم (578) لعام /2008/ المتضمنة التدقيق على أعمال مجالس الإدارة وحماية حقوق الأعضاء التعاونيين ورعاية مصالحهم والعمل على أولا : تحقيق شعار « مسكن صحي بسعر الكلفة » لذوي الدخل المحدود .
ثانيا : تأمين الأراضي وبناء المساكن عليها وتسليمها للأعضاء بسعر الكلفة ، هذا من حيث المبدأ ، وعلى أرض الواقع وكحالة تعاونية في محافظة حمص يوجد جهتان وصائيتان على الجمعيات البالغ عددها (192) جمعية تتوزع ما بين الريف والمدينة .
وأكد مصومعي : الجهة الوصائية الأولى هي مديرية التعاون السكني التابعة لوزارة الأشغال العامة والإسكان والجهة الثانية هي الاتحاد التعاوني السكني وهناك تعاون تام بينهما على تطبيق القانون ومن إشراف وتوجيه للجمعيات السكنية .
اجتماعات لتعديل الأسعار
وأضاف : حاليا يوجد في منطقة الوعر (6000) شقة قيد التنفيذ وهي على الهيكل وبتوجيه من المحافظة سيستكمل العمل في المشروع الرابع والسادس (152) برجا سكنيا كانت قد توقفت خلال الحرب كافة أعمالها ولكنها مازالت على وضعها ولم تتضرر ، وحاليا الجمعيات تحضر لاجتماعات هيئات المستفيدين وذلك لتعديل الأسعار ومعاودة العمل في المشروع .
ومن الأولويات اليوم السعي بشكل جاد لتأمين أراض جديدة ، ولكن الصعوبات التي تواجه العمل تتعلق بعدم منح القروض من قبل المصرف العقاري ولا سيما مع الارتفاع الكبير للأسعار .
وأكد أن صعوبات القطاع التعاوني السكني بحاجة قرارات حكومية كبيرة وفعالة لتذليلها ومن أهمها السيولة المادية وبذلك نعيد للمواطن فرصة تحقيق حلمه ونعيد للشعار «مسكن صحي بسعر الكلفة» ألقه وجديته .
كذلك ضرورة تأمين الخدمات للأراضي المسلمة من كهرباء وصرف صحي ومياه وطرق وأرصفة وحدائق … دون تحميلها للجمعيات وبالتالي تصبح عبئا على المواطن .
إنها مجموعة حلول تساهم بالنهوض بهذا القطاع وكي لا يصبح امتلاك شقة لمواطن من ذوي الدخل المحدود حلما لا أمل في تحقيقه .
القانون والجمعيات السكنية
حمى قانون العقوبات أموال الجمعيات من الاختلاس حينما اعتبرها أموالا عامة يعاقب مختلسها بعقوبة مشددة وهي إما أن تكون جنحية الوصف كأن يهمل العضو أو مجلس الإدارة مال الجمعية ، وإما أن تكون جنائية الوصف وهي الجريمة المتعلقة باختلاس الأموال العامة .
وقد تشدد القانون بالعقوبة بحق من يختلس أموال الجمعيات لتصل العقوبة في بعض الأحيان إلى عقوبة الأشغال الشاقة في حال كانت جنائية الوصف فالدعاوى المتعلقة بالجمعيات تعد من أخطر الدعاوى في القضاء السوري .
إن الظروف التي مرت بها سورية أفرزت ظاهرة اختلاس أموال الجمعيات من الأعضاء وبما أن هذه الأموال تخص شريحة واسعة من الناس المشتركين اعتبر المشرع أن أموال الجمعيات هي أموال عامة .
ويعتبر وضع مواد خاصة بقانون الجمعيات في قانون العقوبات يدل بشكل واضح على ان المشرع السوري أراد حماية أموال الجمعيات من الاختلاس والإهمال فهناك الكثير من المشاكل التي تواجهها الجمعيات ولا سيما من أعضائها الذين قد يرتكبون أفعالا تخالف القانون العام للجمعيات .
منار الناعمة