الأفضلية في تسجيل طلب الدكتوراه لمن سبق بغض النظر عن المعدل والبحث العلمي المقدم
كانت الدكتوراه مفاضلة حسب الخطة الخمسية لكل كلية ، وفي عام 2016 أصدر مجلس التعليم العالي قراراً بإلغاء مفاضلة الدكتوراه ، وذلك وفق القرار رقم (111 ) للعام 2016 ، الذي ينص: بأن جميع المتقدمين يقدمون طلباتهم في ديوان الكلية بشكل مباشر ، وفق أوراق ثبوتية ومنها موافقة الأستاذ المشرف ، وامتحان اللغة ، بالإضافة إلى ذلك يتضمن القرار الأفضلية لتاريخ تسجيل الطلب في ديوان الكلية من المادة رقم (6) للقرار (111)
وهنا تحضرني المداخلة ( أخذ و رَّد ) ما بين مدير عام الهيئة العليا للبحث العلمي في سورية الدكتور مجد مجالي وعميد كلية العمارة الدكتور نضال صطوف ضمن اجتماع الهيئة العليا للبحث العلمي مع إدارة الكليات في جامعة البعث منذ حوالي الشهرين والتي بدأها الدكتور عميد كلية العمارة بتساؤله : تم طرح إمكانية تطوير البحث العلمي في سورية من قبلكم ، في حين نجد أن مجلس التعليم العالي في القرار (111) من عام 2016 قام بتقزيم أعلى درجات البحث العلمي ألا وهي الدكتوراه من خلال إلغاء المفاضلة للتسجيل ، والاقتصار على تاريخ تسجيل الطلب للطالب في ديوان الكلية فنجد أن أحد الطلاب ممن قد يكون حصل على براءة اختراع أو جوائز بحثية محلية كانت أم عالمية ، ولديه عشرات الأبحاث وقد يكون معدله في الماجستير على سبيل المثال عالٍ ، وبالمقابل نجد طالباً آخر على العكس تماماً ومعدله دون الحد الأدنى ، و لأنه سبق بتسجيل طلبه في ديوان الكلية عن زميله المميز ، فله الحق في تسجيل طلب أطروحة الدكتوراه .
وهنا رد الدكتور مجالي بالقول : لقد حصل استنزافاً بالنسبة لأعضاء الهيئة التدريسية والوزارة بصدد تغطية هذا النقص من خلال هذا الإجراء . ويتابع عميد كلية العمارة : نحن نتفق على الحاجة الماسة لزيادة أعضاء الهيئة التدريسية من خلال قبول عدد أكبر من طلبة الدكتوراه ولكن لماذا لا يتم زيادة العدد من خلال المفاضلة ، وأعداد الطلبة المقبولين فيها وفق أسس علمية وبحثية .
ويرد الدكتور مجالي : نحن في كلية الصيدلة نضع بعض المعايير للحد من قبول الطلبة المسجلين في الديوان ، ولكن لا يمكن ضبط ذلك بالشكل المطلوب ويختم عميد كلية العمارة المداخلة بمقترح : نطالب مجلس التعليم العالي بالعودة عن قراره للوصول إلى انتقاء الطلبة الأكفاء لمتابعة البحث العلمي من خلال أطروحات الدكتوراه ، والنهوض بالبلد ، وليس من خلال تسجيل الطلب في ديوان الكلية .
أخذ فرصة الغير
ويتابع الدكتور نزيه بدور من كلية الهندسة المدنية والمشرف على رسائل الماجستير والدكتوراه بالقول : سابقاً كان التسجيل لإعداد أطروحة الدكتوراه ، ونيل درجة الدكتوراه وفق مفاضلة يخضع الطالب المتقدم لها ، وينال فرصة الدراسة الأفضل من حيث المعدل ، وعدد الأبحاث المنشورة وتزكية القسم المختص ولكن في الفترة الأخيرة أصبح التقدم للدكتوراه مقتصراً على من يستطيع الاتفاق مع أستاذ مشرف ، أو بالأحرى أن يجد أستاذاً مشرفاً يوافق عليه
ويختار له موضوعاً مناسباً وبذلك أصبح العديد من الشباب يلجؤون الى التسجيل على حساب الطلاب الأوائل ولا يخفى علينا أن البعض يسجل بالدراسة ويلتزم بها وكل همه الحصول على مصدقة دراسية تسمح له بممارسة حياته بعيداً عن الخدمة الإلزامية وبذلك يأخذ فرصة غيره من جهة والتهرب من خدمة العلم من جهة أخرى .
معاناة الطلبة
المعاناة هنا أكبر عندما سمعنا بعض الطلبة أثناء التسجيل لطلب أطروحة الدكتوراه .
أحد الطلبة من كلية العمارة جامعة تشرين يروي رحلة العذاب التي مر بها ويقول : حصلت على الماجستير عام 2014 وبقيت حوالي السنتين في رحلة عذاب بجامعة تشرين من أجل التسجيل للدكتوراه لأفاجأ بعد سنتين بجواب رئيس قسم التصميم في الجامعة : ليس هناك أستاذ مشرف لأعود من جديد في دوامة بحث جديدة متوجهاً الى جامعة البعث الى أن تم قبول الطلب في عام 2018 وذلك قبل عدة أيام من قرار وشرط وزارة التعليم ( سنة بدون راتب ) والذي تم التراجع عنه فيما بعد بالإضافة الى نقطة هامة وهي معاناة طلاب الدراسات العليا وتحديداً الدكتوراه عدم التعاون التام من قبل المؤسسات العامة علماً أن الفائدة تعم على الجميع وذلك لرفد المؤسسات والدولة بأبحاث ذات أهمية علمية وخدمية .
وطالبة أخرى من كلية البتروكيميا ( جامعة البعث ) تقول : واجهت مشكلة أثناء تسجيلي لأطروحة الدكتوراه بعدم تواجد أستاذ مشرف من نفس الاختصاص وهذه المشكلة كثير من الطلبة يعانون منها والسبب يعود الى سفر عدد كبير من الدكاترة الى خارج القطر حيث يجب أن يكون الأستاذ المشرف من نفس القسم أي على ( ملاك القسم ) كما أن نفقة الدكتوراه ( 200000) ل.س والتي تأتي ضمن استمارة التسجيل وهو مبلغ قليل مقارنة مع الظروف الحالية , ومتطلبات التحضير لأطروحة الدكتوراه ولذلك اقترح أن يكون الصرف حسب الاختصاص وحسب جهد الطالب .
وطالب من كلية الآداب ( جامعة البعث ) يقول : تعد مشكلة الدراسات العليا في جامعاتنا السورية من أخطر المشاكل الشائعة والتي تنال من ضحيتها وهو الطالب وتنصب المشكلات الرئيسية في قلة إمكانيات الطالب المادية وطول المدة الزمنية في اختيار موضوع الرسالة وانجاز مخطط البحث قبل تسجيل الموضوع وهذا يعود الى عدم وجود ميزانية خاصة بالدراسة العليا مما يلقي العبء المالي الكامل والكبير على الطالب , كما أن كليات الجامعات بأقسامها المختلفة لاتقدم للباحثين موضوعات من خلال توفير خريطة بحثية تسمح لهم بحرية الاختيار وبالتالي تضع الطالب في رحلة المتاهة ما بين المكتبات والكتب والبحوث وضياعه حتى يصل للبحث كل ذلك لم يجعل طالب الدراسات العليا في مسيرته الأكاديمية يسلم من ظلم بعض القرارات العشوائية التي تشمل منظومة كاملة عنصرها الأساسي ( الطالب ) ومن جملة القرارات التي صدرت وفيها ظلم للطالب إلغاء نظام المفاضلة لأطروحة الدكتوراه ليتسنى للطالب التسجيل المباشر على أن يحقق الشروط كاملة ولكن المشكلة في هذا القرار , جعلت الطالب الذي سجل بحثه في الديوان ذا المعدل الجيد يقبل في الدكتوراه ، بدلاً من الطالب الذي يحمل شهادة ماجستير بتقدير امتياز لسبب واحد ، وهو تأخره بتسجيل بحثه عن الطالب السابق . اضافة الى المحسوبيات ، وعدم الفهم الكافي لبعض القرارات ولا يمكننا أن نغفل الاجراءات الادارية بما يتعلق في تسجيل موضوع الرسالة في الماجستير والدكتوراه ويعود ذلك الى عدم وجود جهاز اداري حاصل على درجة عالية من الكفاءة والفاعلية خاص بإدارة شؤون الدراسات العليا ، وربطها بحاجات المجتمع في كل كلية ، بالاضافة الى الاجراءات القانونية المتشددة ، ناهيك عن الجمود في تفسير القوانين واللوائح التي تحكم الدراسات العليا بداية من مجلس الأقسام والكليات والجامعات والتي هي ليست إلا اجراءات روتينية وشكلية ، ما ينعكس على أداء البحوث العلمية للطالب في مرحلة الدراسات العليا ولا ننسى دور الاستاذ المشرف الذي لا يملك وقتاً كافياً لمقابلة الطلبة وقلة توجيهه لهم وهذا يعود الى غياب الضوابط الادارية المرتبطة بتنظيم عملية الاشراف مما يجعل المشرفين يفتقرون الى اطار مرجعي يوضح العلاقة بين المشرف والطالب .
رأي
أما مدير الدراسات العليا والبحث العلمي الدكتور حسن مقدم يقول : نظراً للظلم الذي ينال الطلبة ، الذين يستحقون ولديهم الرغبة في متابعة البحث العلمي وعدم حصول هذا الطالب أو ذاك على فرصة يستحقها في التسجيل لدرجة الدكتوراه على اعتبار أن التسجيل مباشر ويتم على مدار العام وبالتالي قد يأخذ فرصة التسجيل طالب أقل كفاءة ومقدرة ومعدله في الاجازة الجامعية ودرجة الماجستير على حساب طالب آخر اكثر كفاءة ومقدرة ، اضافة الى مزاجية الاستاذ المشرف في اختيار الطالب أو غيره، مما قد يحمله هذا المزاج من أثر سلبي على البحث العلمي بحد ذاته لذلك نرى أن يكون هناك مخرجاً معقولاً وأكثر انصافاً باتجاه عدم التسجيل المباشر من جهة وعدم العودة للمفاضلة من جهة أخرى والذي يلخص بما يلي أن يتم تحديد شهر معين خلال العام تقدم فيه طلبات التسجيل وتعرض هذه الطلبات للقسم المختص لدراستها ومناقشتها وتحديد الأستاذة المشرفين بناء على رغباتهم للاشراف والذي ينتج عنه الاختيار الأفضل بين الطلاب المتقدمين بعيداً عن المزاجية والمحسوبيات.وعند سؤالنا لمدير الدراسات العليا الدكتور مقدم عن قرار مجلس جامعة البعث ذي الرقم /35/ تاريخ 25/9/2012 المتعلق بتحديد السقوف المالية المسموح بصرفها لطلبة الدراسات العليا والذي لم تعد تتماشى على الاطلاق مع المتطلبات والحاجة الفعلية لانجاز طلبة الدراسات العليا رسائلهم واطروحاتهم ، أجاب : أن الموضوع قيد الدراسة نظراً للتفاوت الكبير بين اسعار المواد ، والنفقات اللازمة عند صدور القرار المذكور والأسعار في الوقت الحالي .
لنا كلمة
نأمل من مجلس التعليم العالي النظر بهذا الأمر ، والأخذ بعين الاعتبار معدل الطالب وأبحاثه المقدمة وكفاءته العلمية وذلك انصافاً له ، في أخذ فرصته واثبات امكانياته ومقدراته العلمية والبحثية وإلا فإن هذا الأمر قد يفتح المجال لعدم العدالة والشفافية والفساد المالي وأبواب الواسطات والمحسوبيات.
رهف قمشري