قد تحتاج لبعض القهوة أو كأس متة تعدّل بهما مزاجك الصباحي لتصطدم بفقدان المادة أو احتكارها , قد تفتقد للغاز والكهرباء فتلجأ إلى بابور الكاز أو إلى تنكة صدئة تشعل فيها بعض الحطب لتنجز طبختك , قد لاتجد اللحوم والبيض طريقاً إلى مائدتك فتستبدلها بالخضار الأقل ثمناً , قد تفقد الزيت نظراً لغلاء ثمنه لتأكل طعامك ناشفاً فتعيش على ما توفر منتظراً الفرج, قد تصطدم بصغر رغيف الخبز وتشوهه , قد يتقزم صحن الطعام أمامك , قد تتأخر رسائل المازوت والغاز والسكر والرز فإذا وصلت فكأنك ملكت الدنيا ..
فدوام الحال من المحال إذ النعم لاتدوم , فكم من جلسة نتبادل فيها الضحكات والنكات لنجد أنفسنا بعد قليل نعيش في هم وغم حياة معيشية صعبة .
نعم هناك ظروف صعبة عشناها ومازلنا نعيشها , حرمان ومعاناة , فقر وحاجة , جشع وجفاف في العلاقات الإنسانية ومع ذلك لانفكر بشد حقائب السفر بعد أن أخذت عدوى الرحيل تفعل فعلها خاصة بين فئة الشباب بل سنظل راسخين في وطننا سورية فخرنا وعزنا , انتماؤنا , وطن فراشه وثير وغطاؤه دافئ خفقت قلوبنا في ربوعه فرحاً ..
فنحن اليوم أحوج ما نكون إلى غرس ثقافة التشبث بالوطن لدى شباب باتوا يختلقون الأعذار في البحث عن هدف في بلاد الغربة , نافذتهم المطلة على جنان الخلد تضج بفنون الإغراء ورودا وألواناً , ليجدوا أنفسهم فجأة أمام مخاطر السفر والهجرة غير الشرعية مع منتهزي الفرص وقلة العمل لتأخذهم الحياة إلى مكان ليس لهم تاركين لأهلهم ذكريات آسرة كانت كبيرة في عددها تتقلص حسرة يترحمون على أيام ماضية لم يشتكوا فيها قلة الحيلة , متصدعين بغربة نفسية أشد فتكاً من الفقر باحثين عن أساليب في التغلب على مشاق الغربة والعمل الشاق إن وجد , ليسائلوا أنفسهم هل تغيرنا إلى الأحسن أم أننا هوينا في شباك يهب منه لهب ونيران ؟!!
عفاف حلاس