تحليل موسيقا الرحابنة في «كرم اللولو» بمشروع «مدى» الثقافي

الارتقاء بالذائقة العامة نحو السماع الفكري العميق أكثر من السماع الطربي الحسي المباشر و توثيق التراث الموسيقي للأخوين «الرحباني» ليعرف الجمهور قيمته و حتى لا يندثر كان هدفا مشتركا لفريق مدى الثقافي و الباحث الموسيقي جمال سامي عواد الذي قدم في قاعة سامي الدروبي رؤية فنية و فكرية جديدة و نمطا من أنماط التحليل الإبداعي للأغنية عندما تحدث في محاضرته ضمن مشروع مدى الثقافي و فعاليتها كرم اللولو عن «دراسة تحليلية لموسيقا الرحابنة»و بالتحديد رائعة الأسطورة فيروز»حبو بعضن تركو بعضن» بحضور جمهور كبير من الفنانين و الكتاب و الباحثين و متذوقي الفن مؤكدا أن هدفه النهائي و هي رسالته في الحياة والبحث عن الجمال و تذوقه و صناعته إن أمكن.
من أهم المدارس الموسيقية
فقد قدم الباحث الموسيقي عواد شرحا تفصيليا لحنيا لمقاطع الأغنية مضيئا على التخيلات البصرية التي رسمتها ألحان وترية ببراعة وإحساس صنعت حالات درامية عززت الحالة الشعورية للكلمات مبينا أن المدرسة الرحبانية تعد من أهم المدارس الموسيقية العربية الحديثة بنضجها وشمولها و أن الأغنية تقدم فكرة أساسية توصلنا أن الحب العادي البشري المشخصن ينتهي بينما الحب الحقيقي المطلق لا ينتهي فهو بقاء المتقابلات المتناظرة أو المتقابلة المتساوية بالقيمة المطلقة أي الحب و القانون و ناموس الكون .
و في لقائنا معه أوضح أن الحالة الثقافية في حمص بحاجة لإعادة توجيه الجمال ليس فقط لأنها مدينتنا و لكن لأن الطعنة الأولى من قبل الإرهاب كانت لهذه المدينة الجميلة و بالتالي علينا توجيه الضوء الأول إلى حمص التي هي وسط سورية و نقطة توازنها لنقول لكل العالم أن حمص الحقيقية ليست تلك التي سمعتم عنها في الأخبار.حمص الفن و الجمال و الحب و الثقافة و تذوقها و هذه هي رسالتي الشخصية التي التقت مع رسالة مشروع مدى الثقافي و بدأنا نتعاون لدرجة أنه لا فرق بيننا و كأنني عضو في فريق مدى.
الربط بين اللحن والكلمة
وبدوره مدير مشروع مدى الثقافي رامز الحسين قال :كرم اللولو هي الحلقة الثانية و التي بدأت بدمشق بست حلقات ثم باللاذقية و حاليا بحمص لدراسة تحليلية حول موسيقا الرحابنة و ثقافة تذوق و سماع الأغنية و الربط بين اللحن و الكلمة وقد عادت مدى بوتيرة عالية فقبل فترة و في الحلقة الأولى كانت فعالية المنارة و تكريم المبدع الموسيقي الفنان مروان غريبة و اليوم نحن في الحلقة الثانية و بعد أسبوع سنقدم عرضا سينمائيا لفيلم «حجر الصبر» و نتابع بفعاليات متنوعة بحمص
مشروع تطوعي
و أضاف : مدى الثقافي مشروع تطوعي يهتم بتفعيل دور الثقافة في المجتمع السوري وتجميع الطاقات وخاصة الشابة للتأكيد على هويتها الحضارية الأصيلة الممتدة عبر آلاف السنين انطلق بحمص منذ عام ونصف وتتضمن فعالياته سينما وموسيقا وأمسيات شعرية وأدبية ودراسات تحليلية وغيرها من النشاطات الثقافية و يضم أكثر من 30 عضوا وتستهدف نشاطاته مختلف فئات المجتمع، هدفنا النوع و ليس الكم لدينا أفكار كثيرة عن الثقافة التشاركية و نتمنى أن نمتد لكل سورية بعد حمص و دمشق و اللاذقية نحن نريد ثقافة للجميع من الفلاح و العامل و الأستاذ فالفلاح الذي له دور ايجابي بمحيطه أهم من أي كاتب غير مرغوب بمحيطه .
قصي أتاسي شاعر و كاتب و مترجم لغة فرنسية قال : تحليل الباحث عواد فيه شيء من التعسف و هذا رأيي الخاص و أعتذر عن هذه الصراحة فزياد ليس ملحنا كبيرا والملحنان الكبيران هما عاصم و منصور الرحباني و هما شاعران كبيران و أنا لست مع أن هذه الأغنية هي خير ما أنتجت فيروز حتى زياد له أفضل من هذه الأغاني أما فعاليات مدى فنحن مع توجهها و تشعبها الثقافي الفكري و مع كل حديث عن الفنون.
أسلوب شيق
بدوي الدكة أستاذ مترجم للغة الاسبانية و متابع للموسيقى قال: شرح الباحث عواد التناغم ما بين الكلمة و ما بين العلامة و ما بين الكلمة و النغم بأسلوب شيق و جميل و مبدع و للأسف معظم أبنائنا لا يجدون من يعتني بهم و بتنشئتهم الموسيقية و لا من يعلمونهم تذوق الموسيقى منذ نعومة أظفارهم.
الكلمة بمعانيها الفكرية
الفنان المسرحي حسن عكلا قال : قدم الباحث عواد الكلمة بمعانيها الفكرية حيث ربط بين المعنى الدلالي كقصيدة و كلام و بين تجلياتها في الموسيقا أو صلة الكلام في الموسيقا استمتعنا كثيرا و توقفنا كثيرا بما قدمه حيث رفع مستوى المتلقي إلى مدارج عليا و أصبح اللحن ضمن مفهوم واضح و كان التلقي أجمل بعد جرعة الوعي و المعرفة التي قدمها لنا الباحث و نشكر فريق مدى الثقافي على هذا الاختيار و ما يقدمه عموما من أفكار و رؤى جميلة تغني ثقافتنا و ذائقتنا الفكرية .
أكثـر الفنون تجريداً
الفنان و الموسيقي مروان غريبة قال: مشروع مدى الثقافي مهم و نحن بحاجة لهذه النشاطات لأن الموسيقا أكثر الفنون تجريدا و هي بحاجة دائما إلى البحث و التحليل و أشكر الأستاذ جمال عواد الذي أضاف نقاطا كثيرة من الضروري أن نفهمها من الجانب الموسيقي و ليس من الجانب الشعري الذي نفهمه ككلمة فنحن نفتقد الموسيقا المرافقة و كيفية التلحين و معنى تلحين الكلمة على نحو معين.
كما تحدث عدد من الحضور عن رمزية الحب في أغاني فيروز وشموليته منوهين بالتحليل الذي قدمه عواد ودوره بتوجيه الوعي لفهم علاقة الموسيقا باللحن والكلمة والمشاعر والعواطف.
بديع سليمان