تحية الصّباح..  قلوبنا تأخذ أشكال وجوههم

سفر أقمار يهدهدها المدى , وتروح أنفاس عبق ما بين ذكريات سنين ورائعات وشائج من ودّ موشى بحاضرات عوالم من حضور يطل نباريس ضياء مع إشراقة بواكير اللحظات الندية المتلألئة بأنداء الغمام , وبوح الضوء شعاع يتهادى سبق بريق يحاكي مياسم الزهر وعي لقاء بلقاء في نداء أكباد إلى أكباد , ودنيا من فتيق مسك يستحضر الجمال أصورة مساحب غزلان تغنيها شرفات القادمات أضمومات خزامى وعرائش من ياسمين في أصص , أورادها شهقات أصباح متتالية , وعبيرها تحايا وكل سلام . هي وجوه تتقرّاها الأزمنة شهامة كل شموخ في أمجاد العز , وكبرياء العلياء , وهي في أمانة الوجدان والعقل معنى لكل تضحية وإيثار وكل كرم وسخاء لنجيع قلوب وطدت لمعنى الشرف الرفيع أطواد الذرا وخافقات الرايات وعي كل فداء وقد غدت تلك الوجوه أيقونات في الحنايا والعقول , وهي وجوه لها جذوة كل قبس ضياؤها نبل المحتد الكريم . وهي وجوه حاضرة في همس الأمكنة كل رونق يتمهل البهاء في جنباته مطارح من وشوشات ومنمنمات لحكايات , وسرديات كل تفاعل فعّال ينسرب في أعطاف السجايا صفاء ماء نمير يثمل الجداول في بطاح أسرّتها جريان حال إلى حال دفاقة تنشد سخاء الكرم في جمال حرف يعانق غيره مواكب كلمات , أشرعتها في أعالي الذوق شميم كل عطر ينسكب في أردان الجوزاء مضمخاً بالشذا ونفح كل طيب جميل , فتراها تمخر كل عباب , فتحن إليها الشطآن وتتشربها الأمواج حنو فرح يسابق مثخنات جراح ما بين ذكرى وشوق , وموقد حنين في مطالعة دفء التلاقي ما بين فكرة و أخرى و أهل و أحباب , بذار التجذر همهمات لغراس أنتشت في رحم الزمان عراقة ذرة تراب وقطرة ماء و أجدُر كل عمران ما اتسع سِفر الزمان عراقة أوابد هي لمعنى الانتماء كل انتماء . هي وجوه في مناغاة السرير براعم ندية , موسيقاها ألحان مناغاة لإيقاعات ترانيمها أعراس في مآقي العيون ترانيم في لحاظها يكون الشدو أغاريد فرح في أكباد دنيا الأمومة ومعنى سمو دلالة الأم الرؤوم . إنها تلك الوجوه التي تأخذ أشكال قلوبنا حيث سار بنا الزمن , وحدثتنا الأمكنة , ومشت بنا الدروب لتغدو في مرايا الروح ما بين الذكرى ووقع الخيال , ووشائج المحبة والخير ومعنى الإنسان للإنسان خمائل تبهج الوجدان , وتزخر بوقع العقل سداد منطق لا يمكن أن يتلاشى في دوائر النسيان . فتراها تنبض اغتباط بإرادة كل مثابرة تورق نعماء محبة اخضرار آمال واعدات . هي وجوه نسبها زمالة حياة , ومدارج أعمار في طفولة ويفاعة وشباب , وما امتد العمر وجوانب من عمل , ودروب جهد هنا وهناك , وسُقيا من أحلام وردية في مطارحات شجون ما بين دمعة وابتسامة أمام سعادة في مبادرة واجتهاد وعتو مكابدة في ملاوعة وهن أقعد مستعجلاً في غنائم دهر . هي وجوه تكتنز دفء حضورها وقع قيمتها محتوى يتجوهر مقصباً بشمائل النبوغ وقدة جذوة , لظاها يشع بريقاً سعة الآفاق في القلب والوجدان فساحة فضاءات لن يدانيها سراب . هي وجوه نتملى بها قيمة وقامة . ففي مهاد الروح عرائش شغاف القلوب سوارها وفي مكامن العقول حضورها وعلى أجنحة الحروف هي قوافٍ وفي بلاغة التعبير صيرورة كل جمال مداه كل إبداع ونبوغ . أجل تأخذ أشكال قلوبنا وقد عمّرت في مجرى أروقة الأيام زنابيقها على أحفة الذكرى ما جعلها في أكف حضورها ما بين كلمة وموقف وفكرة , واتقاد وجد , وديمومة ما يجود الزمان بها عيناً بعين مؤونة زاد يثري سعادة تواصل بنّاء . يا لها من وجوه قلوبنا أخذت أشكالها ! وراحت المسافات تباعد مدارجها , في مآقي كل توق و أشواق , وغيرها تلوح بألف وردة على شفق وردي , ويا لها من وجوه مرت بنا ودرج بها الزمان ! لكن في حمية كل ألق يرصعها الحرف سطوراً في خرائد الجمال باذخاً مدى ومدى .

نزار بدّور

 

المزيد...
آخر الأخبار