تشتاق أسواق حمص القديمة لمحالها المشرعة أبوابها ولروادها من مختلف أحياء وقرى المحافظة, و لايمكن لحمصي أن ينسى مشهد سوق الصاغة الذي يفتن الناظرين بجماله و باصطفاف محاله و توزع قطع الذهب بأريحية و أمان في واجهات مختلف المحال التي كانت تملؤها ببريقها – و إن كان بعيد المنال – إلا أنه يكسب النفس ارتياحاَ وسعادة… منذ سنوات شكل الذهب زينة و خزينة – وهي ثقافة قديمة – وحافظ على قيمته المادية و الاجتماعية و بشكل خاص للمقبلين حديثاً على الزواج فلابد للعروس من محبس يزين أصابعها مهما خف وزنه و للعريس المقتدر حظوة الاختيار ما يشاء, لتبقى الأمور نسبية تختلف من شخص لآخر حسب إمكانياته المادية…
واليوم سوق الصاغة يخلو من محاله و رواده إلا من أربع محال بعد أن كانت 120 محلاَ و السبب في ذلك حرب شعواء شنت على بلدنا و على اقتصادنا لتنال منه دفعت بالأغلبية العظمى لتبديل أماكن محالهم إلى أحياء و قرى آمنة … ولكن وبعد عودة الأمان لم تلق تلك الأسواق التخديم المناسب و بخاصة بالكهرباء الأمر الذي جعل العودة خجولة بالنسبة لمختلف المحال و المهن وشبه مستحيلة بالنسبة لمحل صاغة فالكهرباء ضرورية جداً للإضاءة ولتشغيل كاميرات مراقبة وغيرها من المستلزمات الأساسية…
رئيس جمعية الصاغة جورج أخرس يؤكد لـ”العروبة” أن عدد الصاغة في المحافظة يصل إلى 140 صائغاً و لكن لا يوجد في السوق القديمة إلا أربعة محال تعمل بظروف صعبة موضحاً أن الأمانة السورية مؤخراَ اجتمعت بلجنة الأسواق القديمة و برئيس جمعية الصاغة للبحث في المعوقات و تسجيل كل الطلبات الأساسية المهمة و التي من شأنها دفع عجلة العمل وتحريك السوق وإعادة الألق إليه وبقوة.. و نحن نضع يدنا بيد القائمين على العمل و لن ندخر جهداَ في تشجيع الصاغة بالعودة لسوقهم الأم و لكن بعد تحقيق عدة شروط تكون تشجيعية فعلاً و هو أمر يدعمه صدور المرسوم 13 المتعلق بالأسواق القديمة والإعفاء من الضرائب و غيره من المراسيم و القوانين التي تدعم الاقتصاد الوطني … و تحدث عن نجاح مبادرة الأمانة السورية في حلب و هي بصدد إجراء مبادرة مماثلة في حمص بالتنسيق مع المحافظة و الجهات المعنية و نأمل العودة سريعاً لسوقنا و محالنا…
و عن حركة البيع و الشراء يؤكد الأخرس أنها شهدت صيفاً جيداً يعود لحركة المغتربين و لوجود عرف اجتماعي يقضي بشراء و لو قطعة ذهب واحدة للعروس مؤكداً أن حركة الذهب مبيعاً و شراءً لاتتوقف و إنما تشهد فترات ازدهار تميزها عن غيرها…
هنادي سلامة
تصوير:إبراهيم حوراني