نافذة للمحرر ..أدباء في الذاكرة … إيليا أبو ماضي

اذكر أن بداية معرفتي بالشاعر إيليا أبو ماضي كانت في المرحلة الاعدادية ويومها داعبت قصيدته – النساء – رومانسيتي المبكرة ومراهقتي الخفية ، ومازلت الى اليوم أحفظ مقطعها الأول الذي يفيض وصفاً رائعاً للطبيعة وعمقاً في ملامسة ذات الآخر الحبيب :
السحب تركض في الفضاء الرحب ركض الخائفين
والشمس تبدو خلفها صفراء عاصبة الجبين
والبحر ساج صامت فيه خشوع الزاهدين
لكنما عيناك باهتتان في الأفق البعيد
سلمى ..بماذا تفكرين ؟
سلمى بماذا تحلمين ؟
وحرضتني هذه المعرفة الأولية الجميلة على محاولة اقتناء المجموعات الشعرية التي صدرت للشاعر وكان ذلك على مدى زمني بعيد تمكنت من خلاله أن أقرأ دواوينه – تذكار الماضي – ديوان إيليا أبو ماضي – الجداول – الخمائل –تبر وتراب وتتبعت سيرة حياته فهو ولد في قرية – المحيدثة – في جبل لبنان عام تسعين وثمانمئة وألف ، ورحل إلى مصر في بداية العقد الثاني من القرن العشرين يبيع الصحف في الإسكندرية ، وبعد عامين غادر إلى الولايات المتحدة وأقام في نيويورك ، وأسهم في نشاطات الرابطة القلمية حتى وفاته عام سبعة وخمسين وأذكر أن ثاني قصيدة توقفت عندها وحفظتها منذ المرحلة الإعدادية كانت قصيدته في دمشق التي يقول فيها :
حيّ الشآم مهنداً وكتابا
والغوطة الخضراء والمحرابا
واهبط على بردى يصفق ضاحكاً
يستعطف التلعات والأعشابا
ماكان يوسف واحداً بل موكباً للنور غلغل في الشموس فغابا
لكن المعرفة الأعمق مع الشاعر كانت في دار المعلمين عندما توقف أستاذنا محمود فاخوري – طيب الله ثراه – عند قصيدة الشاعر المطوّلة – الطلاسم – توقفاً طويلاً وعميقاً وحرّضنا على حفظ هذه القصيدة بمقاطعها التي تجاوزت السبعين مقطعاً ، والتي غنّى المطرب عبد الحليم حافظ مقاطع منها :
جئت ، لا أعلم من أين ، ولكني أتيت
ولقد أبصرت قدّامي طريقاً فمشيت
وسأبقى سائراً إن شئت هذه أم أبيت
كيف جئت ؟ كيف أبصرت طريقي ؟
لست أدري .
وفعلاً حفظنا هذه القصيدة الطويلة وتأثرنا بفلسفتها الإنسانية وتساؤلاتها المشروعة ، وقرأنا كثيراً من الردود عليها ، ولكن الردود ماتت وظلت القصيدة حيّة .
وكان آخر ما قرأته عن الشاعر – إيليا أبو ماضي – ما كتبه الأديب اللبناني هنري زغيب عن مأساة الجيل الثاني من المهاجرين إلى أمريكا ، فقد التقى في الولايات المتحدة مع ابن الشاعر ، وهو عالم من علماء الذرة وقد غير اسمه إلى – ميدو – كما غيّر كنيته ، ولا يعرف كلمة عربية واحدة ، ولا يعرف أن أباه كان شاعراً مطبوعاً من شعراء العربية له قامته الإبداعية الباسقة و لايحفظ كلمة من شعر أبيه أو عنواناً لمجموعة شعرية وقد أجاد أبو ماضي الكتابة للأطفال من خلال مجلة – السمير – التي كان يصدرها ومن ذلك ماصور فيه معاناة الزنوج في أمريكا :
فوق الجميزة سنجاب والأرنب تمرح في الحقل
وأنا صياد وثاب لكن الصيد على مثلي
محظور إذ إني عبد
وفتاتي في تلك الدار سوداء الطلعة كالقار
سيجيء ويأخذها جاري ياويحي من هذا العار
أفلا يكفي أني عبد
د. غسان لافي طعمة

المزيد...
آخر الأخبار
في ختام ورشة “واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة”.. الجلالي: الحكومة تسعى لتنظيم هذه... سورية: النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الج... فرز الخريجين الأوائل من المعاهد التقانية إلى عدد من الجهات العامة أفكار وطروحات متعددة حول تعديل قانون الشركات في جلسة حوارية بغرفة تجارة حمص بسبب الأحوال الجوية… إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه الملاحة البحرية مديرية الآثار والمتاحف تنفي ما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام حول اكتشاف أبجدية جديدة في تل أم المرا ب... رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من القطاعات القبض على مروج مخـدرات بحمص ومصادرة أكثر من 11 كغ من الحشيش و 10740 حبة مخـدرة "محامو الدولة "حماة المال العام يطالبون بالمساواة شراء  الألبسة والأحذية الشتوية عبء إضافي على المواطنين... 400ألف ليرة وأكثر  سعر الجاكيت وأسواق الب...