تحية الصباح ..تحية الشلل

أنا أعلم تمام العلم والثقة ، أن مديرية الصحة تقوم جاهدة بمكافحة شلل الأطفال أو أي نوع آخر من الشلل بكل الوسائل .. وأنا شخصياً أوجه بطاقة شكر لمديرية الصحة على اهتمامها الكبير وجهدها المتواصل من خلال حملات لقاح شلل الأطفال الدورية .. فلا يخلو شهر من حملة لقاح .. إضافة لمتابعة الأطفال المتسربين والمتخلفين عن حملة اللقاح .. ومتابعة التجمعات السكنية البعيدة .. والبدو الرحل بحيث تغطي اللقاحات كامل الأطفال الذين هم في سن اللقاح
وباعتبار لكل إجراء في الحياة ايجابيات وسلبيات ..فمن المهم أن أذكر الحادثة التي اكتشفتها أنا شخصياً .. وأعتبرها سلبية من سلبيات حملات اللقاح .. فمديرية صحة حمص وزعت منشورات أو ملصقات جدارية في كل مركز تقول : يجب التبليغ عن أي طفل أقل من 15 سنة مصاب بشلل رخو حاد ، أو ضعف عضلي بما في ذلك حالات غيلان باريه أو أذية العصب الرضي ، أو التهاب النخاع المعترض .. باستثناء الحوادث الرضية كالسقوط والاصطدام ..أو أي حالة يشتبه الطبيب أنها شلل بغض النظر عن عمره ..
إذا يجب التبليغ عن أي حالة شلل بغض النظر عن عمر المريض فما الذي حدث ؟!
ماحدث أنني استدعيت لرؤية شاب مريض (م.ع) وعمره 35 سنة من قرية القنية الشرقية .. ومن خلال الفحص تبين إصابته بشلل ثنائي الجانب .. وهو شلل رخو .. مسبوق بنوبة حرارة ، ومن خلال الفحص السريري توجهت إلى الشك بمرض غيلان باريه .. وأنا بصفتي طبيب في المركز الصحي وتابع لمديرية صحة حمص فمن واجبي كان تبليغ الجهات المعنية عن هذه الحالة .. فجاءت الردود على الشكل التالي
هذا المريض عمره يتجاوز الخامسة عشرة ونحن غير معنيين بهذا النوع من الإصابات ….
غريب هذا الأمر !! هناك فقرة في الملصقات تقول : يجب الإخبار عن أي حالة يشتبه الطبيب أنها شلل أطفال أو غيلان باريه بغض النظر عن العمر !!
طبعاً لم تحرك مديرية الصحة ساكناً وقمت أنا شخصياً بنقل المريض إلى مشفى المجتهد في دمشق لإجراء فصادة البلاس .. وإعطاء الأدوية اللازمة .. وخزع الرغاص تسقطاً لحدوث شلل في العضلات التنفسية مع العلم أن جميع هذه الإجراءات يجب أن تقع على كاهل مديرية الصحة ولكن للأسف.. فإن مديرية الصحة ضربت بعرض الحائط كل الإجراءات الاسعافية .. حيث من المفروض إرسال فريق على الفور ونقل المريض إلى المشفى ومراقبته في العناية المركزة وتأمين فصادة بلاس ونقل أوكسجين .. وإجراء بزل سائل دمائي شوكي …الخ
وأنا أضع مديرية الصحة برسم المسؤولية عن مثل هذه الحالات

د. نصر مشعل