تماوجت ِ الأرض تتابعَ هزاتٍ , أيقظت الفجر , و أيقظتنا على غير ما ألفناه , إذ أخذت الأرض تميد , والمسكن في شده يجانب ثباته المعهود , وحالُنا شأنه زحام تساؤلات في اضطراب لثوان , و شعور بقلق , لكأننا في مهب رياح , وانزياحات متاهات , و لكأن حال اضطراب ما بعد الصدمة أوقعت فينا بعضاً من إحساس بزهد
وقد اخترم واقع الحدث زلزالٌ يوقع آثاره ضحايا رحمهم الله , ومآسي جراحاتٍ, وهولاً ومواجع ظروف حياة , فاتقدت إرادة الوطن فروسية إنقاذ , ومواجهة لتداعيات ما حدث ضمن إجراءات تنفيذية , ومتابعة ميدانية , ومباشرة , ولكل الوزارات , والجهات , والفعاليات , وذلك من خلال الاجتماع الحكومي برئاسة السيد الرئيس بشار الأسد .
وما بين المصاب الجلل , و آلامنا لما حدث , ومتابعة الأخبار من خلال محطاتنا الوطنية , وشبكة مراسليها , واللقاءات مع المختصين , والجهود الطافحة بالواجب , والمسؤولية , وشهامة القيم النبيلة , الراقية , وسمو أسرة مجتمعية في إرادة شعب أبي , يحمل بين جوانحه حميّة شهامة في أمانة وطن , ومواطنة حقة سامقة , أخذ أبناء وطننا حضورهم وعي انتماء , إرادة تعاضد بنيان مرصوص في ثنائية العقل والوجدان يعيشون تفاصيل اللحظات , والثقة تاج الجميع في تجاوز هذا المصاب الجلل بهمة وطن .
كل أبنائه قرابين له , ولن يرضوه قرباناً لهم , فهم حاضرون ديدنهم في كل حين وسبق , ومجال , وساح يقدمون الغالي , والنفيس والمحبة , وكل جهد بغية عليائه فهم نباريس الضياء في ساميات السجايا والمثل .
إن القيم مسالمة في ماهيتها , وهي مسكونة فينا طبعاً , وجبلّة لذلك يضمر كل صعب , ويتلاشى كل خطب , عبر عزيمة همم تعي مقام وطن . له التاريخ كل افتخار , والحاضر كل بناء , والمستقبل كل إرادة ومدى .
هذا التاريخ وقائع و حقائق في الحضارة أبجدية , وفي مواجهة الصهاينة أمجاد تشرين انتصاراً, وفي العراقة وطن الشمس , لكن التاريخ الاستعماري التقليدي لتلك الدول الغربية , والاستبداد العثماني , والاحتلال الأمريكي , وما يستتبع ذلك التاريخ بممارسات أولئك من استبداد عثماني واستعمار أوربي واحتلال أمريكي وما يستتبعه من أدوات ومشاريع إجرامية , هو التاريخ العنيف , حروباً تفتعله سياسات تلك الدول , ومنظوماتها , و أطماعها عبر فرض نزاعات , و إشعال فتن , وحروب , وسرقة مواردَ , ومحاولة التحكم بمصائر الشعوب , والمنظمات الدولية , وتسيسها خدمة لها , محتوى لتاريخها , صدى لعنجهيتها تجسيداً وما حصل من حصار إجرامي بحق وطننا سورية , بغير أي وجه حق , إنما هو زلزال بحق القيم , والإنسانية , و حق الشعوب في سيادتها , وحقوق الإنسان , ووطننا في جوانب الحياة كلها لكن نحن ماضون فعل صمود , انتماء , دون حياد قِيد أنملة عن ثوابتنا الوطنية , والقومية , والإنسانية لأنها ترتكز على صوابية كل معنى حضاري .
نزار بدّور