ما بعد الحرب ، ما بعد كورونا ، ما بعد قيصر ، ما بعد الزلزال تواريخ نقلتنا من حال إلى حال كل واحدة منها كانت تمريناً قاسياً للتأقلم مع أزمات جربنا فيها كل ما يخطر على البال ، إلى درجة أننا لم نعد نحتاج إلى دروس ومواعظ وتنظير أو متابعة الترهات التي غايتها تجارة وحصد متابعات ، والزلزال كان تكثيفاً لذروة المآسي والمعاناة … وماذا بعد …
الحرب هجرتنا ، وكورونا حبستنا ضمن بيوتنا، والزلزال أخرجنا إلى العراء ، وأبعد النوم عن عيوننا ، ..كلها أزمات غدرت بنا من حيث ندري ولا ندري ، وفي أوج المحنة والامتحان نقول الضربة التي لا تقصم ظهرك تقويك ، وتفاءلوا بالخير تجدوه …
بالطبع ،لن تشعر أنت النائم المطمئن داخل جدران منزلك بشعور من يرى منزله ركاماً على الأرض ،شقاء عمره تعب سنين يذهب بغمضة عين ..وهذا الأخير والذي تحول إلى مشرد أو مهجر لن يشعر بشعور من فقد أولاده تحت الركام ،ربما هانت عليه مصيبته عندما يرى مصيبة غيره.
كل مصيبة لها وزنها تتفاوت فيها الندبات والقروحات ومن فقد قطعة من روحه ،بالطبع لن تعوض لا بمسكن ولا بمعونات الإغاثة والإعانة ولا بأموال العالم كله..
هي النعمة التي لا نعلم قيمتها إلا بعد فقدانها ..لننظر إلى النصف المليء من الكأس..
احتياجات المتضررين كبيرة ،ولقمة عيش مرة ،والجميع يقولون نحن بحاجة لمساعدات ،الفاقة سمة عامة وعلى قيد الفقر والقهر تعيش عائلات كثيرة طحنتها الحرب وشردها الزلزال وبالمقابل إفرازات الحرب جاءت بتجار الأزمة وأثرياء الحرب والاستثمار في كورونا وتجار الإعانات والمحروقات يأكلون كالمنشار ذهاباً وإياباً..
الواقع مرير والمحاسبة قاصرة وحالة من الضعف زادت أمام كارثة الزلزال وحالات الفقد التي يندى لها الجبين لم تكن كافية لتكون عبرة للانتهازيين والوصوليين الذين لهم في كل عرس قرص ،المتهمين بسرقة الإعانات وحرف الإغاثات عن مستحقيها…
قطعنا شوطاً كبيراً تجاوز العقد في حرب شعواء ولم نستطع حتى الآن إيجاد خطط نستطيع فيها الإحاطة بتفاصيل مشهد الإعانات والواقع الإنساني الكارثي الذي يعيشه أغلب المواطنين المهجرين من الحرب والزلزال و…
هزات الطبيعة نسلم فيها أقدارنا إلى رب العالمين ،أما زلازل الضمائر الغائبة بارتداداتها الدونية وتفريخها لتجار أزمات محروقات –إعانات- وغيرهم فهؤلاء خطرهم أكبر وأعمق جرحاً وأثراً.
حلم شدود