وجدت نفسي أطرق بابها … ولها أبواب كثيرة… لهفة اللقاء تمتزج هذه المرة مع الحزن , لأن ما حصل لها ولغيرها من مدننا , يدمي القلب لكنه لا يوهن العزيمة على صنع الحياة والأمل بالقادمات من الأيام .
اللاذقية … التي اعتدت أن أزورها بين حين وآخر نسيَت هذه المرة أن تتعطر وأن تمشط شعرها وأن تحمل الورد للقاء زوارها .. لكنها لاتزال شامخة… رأسها مرفوع على الرغم مما حصل .
أصر مضيفي على اصطحابي للأماكن التي تظهر فيها آثار الزلزال : ثمة أبنية انهارت و أخرى تصدعت وثمة سيارات دمرت …. وفيات وإصابات ….
ما سمعته عن مئات الشاحنات الكبيرة التي جاءت من الدول الشقيقة والصديقة يجعلنا نقول لهؤلاء : شكراً لكم …!!
أتوقف عند المساعدات العراقية بقسميها : الرسمية التي أرسلتها حكومة العراق الشقيق والمساعدات التي أرسلها الشعب العراقي والمجتمع المدني بروابطه وجمعياته وهيئاته وهي مساعدات كبيرة جداً كان آخرها إرسال بيوت جاهزة للسكن سهلة التركيب وهي بالتأكيد بيوت مؤقتة , ريثما يتم تشييد بيوت إسمنتية .
هنا أتذكر ما قرأناه في المناهج الدراسية عن العراق الشقيق المجاور لنا في حدود برية تصل إلى ستمائة كم , أتذكر الجواهري ورائعته ( دمشق يا جبهة المجد ) ومطلعها :
شممت تربك لازلفى ولا ملقا
وسرت قصدك لاخبا ولامزقا
وأتذكر رائعة الشاعر العراقي شفيق الكمالي في قصيدته ( إلى دمشق ) ومطلعها :
قبلت مروان في عينيك والحكما
وصفت فيك تباريح الهوى نغما
لأشقائنا نشامى العراق نزجي الشكر الذي يخجلون منه , لأن الواجب يقتضي أن يساعد الشقيق شقيقه وقت المحن , ولعلنا نذكر أن الكثير من الأسر السورية لها امتداداتها وفروعها في العراق الشقيق والعكس صحيح أيضاً , وهذا ينطبق على الأقطار العربية المجاورة لنا .
أعود بذاكرتي إلى عام 2004 , وكنت وقتها مديراً لإحدى المدارس , عندما جاءني رجل عراقي ومعه ثلاثة أبناء يريد أن يسجلهم , وفتحت المدرسة الأبواب بوجههم… ويومها لجأ أكثر من مليون عراقي إلى سورية , بسبب الاحتلال الأمريكي لبلدهم , وسورية رحبت بهم وفتحت صدرها لهم ويومها كانت تعليمات وزارة التربية السورية بتوجيه من السيد الرئيس بشار الأسد أن يقبل الطلاب العراقيون في مدارسنا على الفور دون النظر إلى المستندات التي لم يتمكنوا من إحضارها والأخذ برغبتهم الشفهية عن صفوفهم .
شكراً العراق الشقيق والشكر موصول لكل الأشقاء والأصدقاء.
شعب واحد وأمل واحد ومصير واحد…
عيسى إسماعيل