استيقاظ متأخر لم نكن ندرك عواقبه إلا بعد إن وقع الفأس بالرأس …. أبنية شيدت على عجل و لا تحمل أدنى مقومات الدعم و المتانة و السلامة المعمارية و كارثة الزلزال كشفت العيوب و تراشق المسؤوليات بدا لإبعاد شبهة الفساد التي تطال كل من له يد و توقيع في إشادة بناء تحول إلى ركام أو تصدع بعد هزة أو ..
الحقيقة مرة… أبنيتنا معظمها رخص على الورق دون إشراف آو تخطيط أو دراسة يدوخ المواطن فيها سبع دوخات بين مجلس المدينة و المحافظة و العقارية و المالية ليخرج برخصة بناء مليئة بالطوابع و التواقيع و الأختام الرسمية أما الإشراف على سلامة البناء ” حط بالخرج ” يعني إكرامية أو حبة مسك و كله محلول يعني لا رقابة و لا تخطيط أو دراسة تستند إلى علم أو خبرة…
عندنا جامعات و صروح علمية تخرج مهندسين مدنيين – عمارة يدرسون خمس سنوات و بعدها معظمهم يفرز على مؤسسات لا عمل لهم فيها ضمن اختصاصهم يعني سنتين ثلاثة و ينسى هذا المهندس الملازم لمكتبه كل ما درسه على مدار سنوات لم يمارس فيها اختصاصه على أرض الواقع و “كأنك يا زيد ما غزيت” لا تسأل فيها ما فائدة الإنفاق و الدراسة و الأحلام التي هدرت و أطاح بها واقع مترهل تتحمل جزءا كبيرا منه بعض مؤسساتنا التي غذى جسمها الروتين و البيروقراطية و المحسوبيات التي تطيح بالكفاءات و تقصيها جانباً .., ما يشجع على التجاوزات بكل أشكالها و أصنافها فغالباً ما تختم رخصة البناء و تعطى للبناء أو المتعهد الذي يتلاعب بكمية الحديد و الاسمنت… و كم هي العمليات التي اشترى فيها المتعهد المواد بأسعار الدولة و استعمل نصفها و النصف الآخر للتجارة و البيع بالسوق السوداء دون حسيب أو رقيب لا مهندس يشرف على التخطيط و يعطي خبرته و علمه .
التصدع طال معظم البيوت و المؤسسات بعد وقوع الزلزال و المواطن الذي تصدع منزله و لو بشكل خفيف سيبقى قلقا و خائفا إن ترك بيته أين ستكون وجهته في ظل ظرف معيشي قاس و إن حصلت هزة عنيفة لا سمح الله ماذا سيكون مصيره و عائلته و .. ثقافة مجتمع تكرست على مدار سنوات لا تعمل بمبدأ إعط خبزك للخباز و لو أكل نصفه, يعني عندنا ثقة بنجار البيتون أكثر من المهندس …المواطن يقول إن فلاناً ” معمرجي ” له في المصلحة عشرون عاماً و أكثر أليس معيبا أن أواجهه بمهندس يشرف على عمله و يقيمه و هكذا تدار الدفة في معظم أعمال البناء و الصب لا إشراف هندسي و لا تخطيط …..المعمرجي يعتبر نفسه أفهم من المتعهد و المتعهد أفهم من المهندس و كل واحد يعتبر نفسه أفهم من الآخر و حتى إذا كلفت مهندساً لا يعني أنك حصلت على صك براءة تجاه البناء المقام لأن أهل الاختصاص يقولون و قبل إشادة البناء يجب دراسة ميكانيك التربة وبعدها التدعيم و التخطيط و الأساسات و كل مقومات ارتكاز البناء و صموده و ليس كل مهندس يملك الخبرة الإنشائية الكافية للقيام بهكذا العمل ….
كوارثنا باتت كبيرة و كثيرة و كوارث الطبيعة أخف وطأة من كوارث قلة الأخلاق و الفساد و الفوضى
حلم شدود