التعليم المهني.. طوق نجاة من البطالة 30 مدرسة و17 مهنة في المدارس المهنية وعدد الطلاب في ازدياد

«صنعة في اليد أمان من الفقر» بهذه العبارة أجاب الطالب عمار عن سؤالنا عن سبب اختياره للتعليم المهني على الرغم من تحصيله العلمي الجيد ..
ووافقه الرأي صديقه مصطفى , الذي فضل التوجه للتعليم المهني , خاصة وأنه شاهد إخويه اللذين حصلا على شهادة جامعية ولم يتمكنا من الحصول على وظيفة حتى الآن … ويقول إن التعليم المهني مهم جدا في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها المواطن وازدياد البطالة ..
أما مرهف فكانت معاناته مع وسطه الاجتماعي لاعتقادهم أن الذي يلتحق بالتعليم المهني هو طالب مستواه العلمي متدنٍ …

م. العبود: تحديث مناهج التعليم بما يتناسب مع التطور العلمي لكل مهنة

يعتبر التعليم المهني أساس التنمية التكنولوجية في المجتمعات الحديثة ,ومن هنا جاءت أهمية وضع معايير أكاديمية لقطاع التعليم المهني للارتقاء بجودته حتى تتم مواجهة التحديات التي تتعرض لها الدول في الوقت الراهن. لذلك من الضروري ايلائه اهتماماً كبيراً يعادل الاهتمام بالتعليم العام ، كما كانت توجد نظرة سلبية للتعليم والتدريب المهني ومؤسساته , أن من يلتحق به من لن يستطيع الاستمرار في التعليم العام , على الرغم من الجهود المبذولة في مجال تطوير أنظمة التعليم المهني من حيث السياسات والأهداف والبرامج وطرق وأساليب التعليم والتدريب وغيرها وذلك لسد الفجوة بين متطلبات أسواق العمل ومخرجات المدارس المهنية , لتحسين نوعية مخرجات هذا التعليم حتى تلبي احتياجات سوق العمل من المهن والتخصصات الجديدة وتساهم في زيادة قابلية التشغيل لخريجي المعاهد والمدارس المهنية بما يؤدي إلى خفض نسبة البطالة بين هذه الفئة ويزيد من دورها في تلبية الاحتياجات المطلوبة لتنفيذ خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية, وأحيانا المنافسة في سوق العمل الخارجي….

تجربة ناجحة
التقينا مع المهندس محمد العبود معاون مدير التربية للتعليم المهني والتقني في مديرية التربية بحمص والذي حدثنا عن تجربة التعليم المهني في حمص فقال : كانت تجربة التعليم المهني في سورية منذ سنوات مضت متواضعة وتطورت عاماً بعد عام نحو الأفضل ومنذ تلك الفترة إلى وقتنا الحاضر تم تخريج  دفعات كثيرة من الطلاب المهنيين متسلحين بالمعرفة والخبرة العملية  أسهموا في تطوير بلدنا سواء على مستوى القطاع الحكومي أو القطاع الخاص ومن ثم أخذت أعداد المدارس المهنية تنتشر في جميع المحافظات السورية وتزداد أعداد الطلاب المتقدمين إليها، وبالمقابل استوردت وزارة التربية الأجهزة  والآلات الخاصة بالتدريب وجهزت المدارس بكل ما يلزمها من معدات، ورغم ما تعرضت له مدارسنا المهنية من نهب وسلب وتدمير على أيدي العصابات الإرهابية المسلحة سعت وزارة التربية إلى إعادة تأهيل وتجهيز المدارس بما يلزم للتدريب, كما خطت شوطا متقدماً في مجال تطوير مناهج التعليم المهني بجميع اختصاصاته وتم تشكيل لجان للقيام بهذه المهمة وفق نظام المعايير والوحدات التدريبية التعليمية.
وأضاف : تم استحداث مهن وأقسام وتخصصات جديدة، لإعداد الطلاب وإكسابهم المعارف والمهارات التي يتطلبها سوق العمل مؤكدا بأن التعليم المهني بحالة تطور دائم من أجل مواكبة سوق العمل ,وبالرغم من ظروف الحرب القاسية التي مرت على بلدنا بشكل عام , وما عانته محافظة حمص بشكل خاص فإنه يوجد 30 مدرسة للتعليم المهني (14) منها في المدينة و(16) بالريف وهناك 9 مدارس مشتركة مع التعليم الثانوي .
كما تم افتتاح ثانويتين واحدة تقع شرق المدينة ,والأخرى في قرية الناعم ,وكل منهما تتضمن مهنتين (اختصاصين) ..

مهن واختصاصات جديدة
وتابع حديثه قائلا : يتم تدريس العديد من المهن في الثانويات المهنية ,وقد تطورت بما يتناسب مع تطور العمل والتطور العالمي أي أنه يتم تطوير الأدوات مع تطور التكنولوجيا, فمهنة سباكة المعادن السميكة تم رفدها بمادة الشمع والرمل, وبات بإمكان الطالبة أيضا أن تتخصص بهذه المهنة «بعد أن كانت محصورة بالذكور» وذلك في صناعة الحلي والمجوهرات التقليدية  من أسلاك نحاسية دقيقة,كما تم رفد مهنة النجارة العربية بتجهيزات حديثة مبرمجة تحاكي التطور العالمي ,ورفدت مهنة التصنيع الميكانيكي «الخراطة والتسوية» بتجهيزات حديثة,وهذه الأجهزة موجودة في جميع المدارس في الريف والمدينة.
وأشار إلى الاختصاصات الموجودة والمتعددة وهي الميكاترونيك و الاتصالات وتقنيات الحاسوب وتقنيات الكترونية وتقنيات كهربائية والميكانيك والتصنيع الميكانيكي والتكييف والتبريد والتدفئة والتمديدات الصحية والسباكة ونجارة الأثاث واللحام والتشكيل وميكانيك الآلات الزراعية وصيانة الأجهزة الطبية ,بالإضافة إلى التعليم التجاري والتعليم النسوي وقد أدخل اختصاص جديد في التعليم النسوي لهذا العام وهي مهنة التجميل وتم توزيع التجهيزات الخاصة بالاختصاص الجديد بين مدرستي أيمن سليمان (الأندلس )سابقاً ومدرسة جهاد قدور (مي زيادة )سابقاً.
مؤكداً أنه بعد إدخال اختصاصات ومهن جديدة مثل الميكاترونيك وصيانة الأجهزة الطبية والاتصالات ازداد عدد الطلاب المسجلين في المدارس المهنية حيث بلغ عددهم لهذا العام 8571 طالباً وطالبة ما بين مدينة وريف في جميع الصفوف , وعدد المهن في حمص (17) مهنة .
منوها بأن3 % من طلاب التعليم المهني يتابعون تحصيلهم العلمي في التعليم العالي ويدرس البقية في المعاهد المتوسطة التابعة لمديرية التربية ,وقد تم افتتاح الكلية التطبيقية في جامعة البعث لاستقبال طلاب التعليم المهني أي أن مخرجات التعليم المهني هي مدخلات لهذه الكلية ,مشيراً إلى أن مناهج المعاهد المتوسطة عبارة عن خلاصة لفروع الهندسة أو التجارة والاقتصاد في التعليم العالي.
وأن بإمكان حملة الشهادة الثانوية المهنية الانخراط في سوق العمل مباشرة  كونهم يتمتعون بخبرة جيدة تؤهلهم للعمل .

مشاركات ومكافآت
وأضاف المهندس العبود : وكنوع من التحفيز والتشجيع يقوم  طلاب التعليم المهني بالمشاركة بمشاريع تخرج في معرض الباسل للاختراع ,كما تمت المشاركة في معرض دمشق الدولي العام الحالي بـ (10) مشاريع وكانت مشاركة مميزة ,وتم عرض معروضات قابلة للبيع.
منوها بأن أغلبية المدارس يتم تحويلها إلى ورش مهنية (تصنيع مقاعد – طاولات – طاولات حاسوب _ وخزائن …الخ)وينظم  هذا العمل المرسوم 39 الذي يضبط عملية الإنتاج ومما يوفر الكثير من النفقات والمبالغ الكبيرة .
وتقدم هذه المدارس خدماتها لمؤسسات القطاع العام بأسعار زهيدة وذلك بالتنسيق مع محافظة حمص وينال المشاركون بهذا العمل مكافآت تشجيعية حسب ما نص عليه المرسوم.
وأشار الى سعي وزارة التربية الى تطوير وتحديث مناهج التعليم بما يتناسب مع التطور العلمي لكل مهنة واختصاص , من خلال اجراء دورات مكثفة للموجهين الاختصاصيين ولبعض المدرسين , وتخضع المهن للتطوير والتحديث لتخول الطلاب الدخول الى الجامعة أو سوق العمل , و ترصد الوزارة ميزانية من الموازنة العامة من أجل تأمين مستلزمات التدريب وترفد المدارس بجميع المخابر الحديثة لكل مهنة .
منوها إلى أنه وبهدف تقديم مخرجات عمل جيدة ومتدربة تزج في سوق العمل مباشرة تم اجراء عدة لقاءات مع غرفة التجارة والصناعة وبعض الصناعيين بهذا الخصوص ليتم الاعتماد على هذه المخرجات وتكون صلة الوصل مع المواطن , وبالتالي رفد سوق العمل بيد ماهرة خبيرة كما في اختصاص «صيانة الأجهزة الطبية».

صعوبات وتحديات
من الصعوبات التي تعترض مدارس التعليم المهني كما قال العبود هو نقص أعداد الكادر التدريسي التخصصي ونتمنى أن يتم صيانة المدارس من ميزانية مديرية التربية تحت بند صيانة المدارس وتخصيص مبلغ من المال لأجل هذا الأمر ,عندها  تتم الصيانة بوقت أسرع بعيدا عن الإجراءات الروتينية .
وأضاف : تعرضت مدارسنا للتخريب والنهب مثل مدرسة القريتين المهنية و ثانوية تدمر ومدرسة ابن سينا في مساكن المعلمين , وفي مدرسة القصير ,وأكد أن طلاب ثانوية الرستن يتابعون التعليم في المدارس التابعة لمديرية التربية ويتلقى  طلاب الشهادة الثانوية منهم الدروس العملية في مدرسة الشهيد أيهم إبراهيم على طريق حماة.   

برنامج مؤتمت
كما تم إدخال برنامج ضبط المستودعات المؤتمت وبخبرات محلية بهدف تخفيف الأعباء الإدارية وبإشراف مهندسين مختصين , وتعتبر هذه التجربة الوحيدة في سورية وتتميز بها محافظة حمص ..
أخيرا
بالرغم من الأهمية الكبرى للتعليم المهني لسد حاجة سوق العمل ورفده بالطاقات والكفاءات الجيدة التي تتطلبها التنمية، لا زال الإقبال عليه أقل من المطلوب ويعاني من بعض المعوقات التي تقف في وجه تطوره
, وللارتقاء بهذا القطاع لا بد من  تبني إستراتيجيات واضحة تؤدي إلى تنظيم قطاع التعليم المهني والتقني وتضمن تماشي مدخلاته ومخرجاته مع عالم المعرفة والتكنولوجيا الجديد وتعزيز مفهوم العمل المهني والتقني في المجتمع , و إعادة النظر بآليات القبول في الثانويات المهنية حيث لا يقتصر ذلك على العلامة في شهادة التعليم الأساسي وإنما من خلال مفاضلة تراعي تعدد رغبات الطالب ومشاركة أسرته في الإختيار وذلك وفق معايير محددة و  إيجاد آليات تنفيذية تشجع الإقبال على هذا القطاع من خلال توفير محفزات مختلفة للدارسين وإيجاد فرص عمل لهم في القطاعات العامة والخاصة.
بشرى عنقة
الصور من الأرشيف

المزيد...
آخر الأخبار