خلال كل سنوات الحرب ومعها سنوات الحصار،لم نلحظ فقدان مادة أو سلعة في الأسواق سواء كانت منتجة محلياً أو مستوردة،بل على العكس كانت ولاتزال تزيد على الطلب وبكميات كبيرة،لكن الذي كسر القاعدة الاقتصادية هو الارتفاع الكبير في الأسعار فازداد العرض على الطلب ليس لأن المستهلكين لا يريدون الشراء والتسوق وإنما لنقص شديد في القدرة الشرائية وخاصة لدى الشريحة الأكبر وهي شريحة الموظفين أصحاب الدخول الثابتة والمحدودة،ومن المعروف إنه عندما يحدد الدخل بمبلغ لا يتناسب مع متطلبات الحياة اليومية،تحجم معها الأحلام ويتراجع المستهلكون عن الكثير من شراء الأشياء المهمة وحتى لو كانت ضرورية لحياتهم وبناء أجسام أطفالهم ،وحتى لو فكروا مجرد تفكير ففي الحدود الدنيا (شم ولاتذوق).
وما تشهده الأسواق اليوم وما شهدته بالأمس ليس ارتفاعا في الأسعار وحسب،هو أكثر من ارتفاع هو فوضى سعرية مبالغ فيها بحيث يكون الضمير هو الحكم وهو المقرر،لكن يبدو أن الضمير يموت أو يدخل طور الثبات عندما يُسٌير هذا الضمير، الجشع والنهم للربح مهما كان نوعه حلال أو حرام لا يهم،من جيوب أصحاب دخل محدود أو من محدثي النعمة كله في مواجهة سهام الطمع سواء.
والمحير أنه مع قلة الحركة و انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين الذين يتقاضون أجورهم بالليرة السورية ويحاسبون على كل ما يريدونه حسب صرف العملة وبأسعار السوق السوداء ،لم نسمع أو نرى أن فلاناً قد توفي من الجوع أومن البرد،أو أن المحال أغلقت أبوابها لعدم وجود متسوقين أو مشترين كما يجب،صحيح هذا لم يحدث، لكن له أثار باتت واضحة على الحالة الصحية والجسدية للمواطن وخاصة الأطفال الذين يعانون من ضعف الراتب الغذائي الذي سوف تكون له نتائجه في المستقبل،أما الباعة لم ولن يغلقوا محالهم لأن الأمور لم تختلف معهم كثيرا ويستطيعون في مرة واحدة خلال اليوم تحقيق الربح عن عشر أو عشرين مرة بالأمس، والأسعار الموضوعة على البضاعة في واجهة المحال تعطي الصورة الواضحة لما نذهب إليه.
فعلى سبيل المثال يحتاج المواطن صاحب الدخل المحدود لقرض من أجل شراء حذاء أو بنطال أو بيجامة أو غيرها،أما اللحوم والمنتجات الحيوانية فقد أصبحت أحلاماً منسية على الرغم إنها من الإنتاج المحلي والمبررات ارتفاع تكاليف الإنتاج على التاجر وليس على المنتج الذي تحمل عليه كل هذه التسويفات وكأنه هو الأقوى مادياً والأصح هو المستهدف…!!!
عادل الأحمد