(المجهول) بريء ولن تثبت إدانته .. الطرق الزراعية غائبة والنيران تلتهم محاصيل سنوات من التعب و الشقاء

صيف حار مر على فلاحي قرى الريف الغربي وحرائق تسببت بها الحرارة (المرتفعة) أو ربما عقب سيجارة وحيد أو قطعة زجاج صغيرة أو ماس كهربائي…أو…كانت كفيلة بالقضاء على آلاف الأشجار المثمرة من الزيتون و التفاح والكرمة بالإضافة لمساحات كبيرة كانت مغطاة بأشجار حراجية..
وكما حصل في مواسم صيفية ماضية ليست ببعيدة تستمر الحرائق بالتهام الكثير من أرزاق المواطنين ووسط تنصل الجهات المعنية وخسارات الفلاحين المتتالية و التي أصبحت تفوق قدرة احتمال المزارع الذي يحار من أين يتلقى الضربات ,(يكتمل النقل بالزعرور) لتغيب الشفافية في عمل بعض الجهات المعنية و ترفض أغلب الوحدات الإرشادية التعاون مع الإعلام لإظهار مكامن الخلل لتداركه ,وليبقى المواطن يصارع أمواج خساراته دون سند إلا من الإعلام غير القادر – في ظل عدم تعاون واضح – على أن يشفي غليل فلاح و يوضح له من المذنب الحقيقي في حرائق أتت على آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية و الحراجية…

و نظراً لعدم تعاون العديد من الجهات المعنية بالموضوع يبقى الكلام في تقرير اليوم عن الحرائق التي فعلت فعلها لأهل الأراضي و أصحاب الأرزاق الضائعة…

ساعة ونصف للوصول
في الأشهر القليلة الفائتة شهدت معظم قرى الريف الغربي وعلى سبيل المثال لا الحصر بلدة شين وعدة قرى تابعة لها أو محيطة بها والتي تضررت من حرائق كبيرة كررت مأساة أهل المنطقة العام الماضي والعام الذي سبقه و..و ..ومن المثير للحزن و الأسى وصول سيارات الإطفاء بعد زمن في أحسن الأحوال يقدر بساعة و نصف ,وهو زمن كفيل بأن تمتد النيران باتجاهات مختلفة و يصبح من المحال السيطرة عليها خاصة في هذه المناطق التي تنعدم فيها الطرق الزراعية و التي يعتبر السير فيها بأي آلية ضرباً من ضروب الجنون .. وغالباً تستمر عمليات (محاولة إخماد الحريق) لساعات متأخرة بعد نشوب الحريق ..

لاتوجد طرق زراعية
فلاحون من قرى حداثة والمتعارض وصفر وجب البستان ومجيدل وعرقايا وعدة قرى مجاورة والتي تضررت فيها آلاف الأشجار المثمرة نتيجة الحرائق المتكررة قالوا للعروبة: إن الحريق لايبدأ بهذا الحجم الكبير و السيطرة في البداية ممكنة ولكن عندما تتجه النيران باتجاه الأراضي التي لاتوجد فيها أي طرق زراعية يصبح الأمر أشبه بالمستحيل ,فنحن نعاني الأمرين في المواسم التي نجني فيها المحاصيل من تفاح أو زيتون بسبب وعورة الطريق و استحالة مرور آلية فما بالك مع وجود ألسنة اللهب الخطيرة..؟؟؟
من جهة ثانية قال أحد الفلاحين المعمرين :
سابقاً كان موضوع فتح الطرق الزراعية من مهمة مديرية الزراعة لكن و منذ سنوات عديدة أصبح الأمر من مهمة الخدمات الفنية و للأمانة لم نلحظ تحسناً في واقع الطرق الزراعية ,بل ازداد الأمر سوءاً – بحسب الأهالي – وقال مواطنون من قرية حداثة وقرى أخرى متضررة من الحرائق : نناشد الجهات المعنية أن تعيد مسؤولية فتح الطرق الزراعية لمديرية الزراعة و إعفاء مديرية الخدمات الفنية منها ,لأنه منذ تكليف الأخيرة بموضوع الطرق الزراعية في عام 2005 لم تشهد المنطقة فتح أي طريق زراعي جديد ,وأضافوا : خسرت قرية حداثة أكثر من 15 ألف شجرة زيتون وغيرها لعدم وجود طريق يمكننا من الوصول إليها..

السيارة لم تعد ضرورية !!
وأكد العديد من المزارعين في المناطق المتضررة بأن أراضيهم نكبت بالحرائق منذ سنوات عديدة مشيرين إلى أن السنوات الثلاث الأخيرة شهدت حرائق متكررة قضت نيرانها على مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية..
وأضافوا : كل مطالبنا كانت أن يتم رفد المنطقة بسيارة إطفاء في موقع قريب لتتمكن من التدخل في الوقت المناسب , متسائلين عن الفائدة من وجود عشرات سيارات الإطفاء بعد أن تلتهم النيران محاصيل و أرزاق الناس..
وأضاف آخرون من قرى الصويري وكنيسة وبلقسة: لم يعد وجود سيارة الإطفاء ضرورياً في المنطقة بعد أن فعلت ألسنة اللهب فعلها بأرزاقنا , والتهمت النيران آلاف الدونمات المزروعة بالأشجار الحراجية والمثمرة والمحاصيل الزراعية.
أحد الفلاحين من أهالي قرية جب البستان أوضح أن خسارته جراء الحرائق كانت نحو 3 آلاف شجرة زيتون وتين وتفاح ورمان وجوز و كرمة على مساحة 110 دونمات تقريبا , وعزا اشتداد الحرائق إلى الظروف المناخية الحارة وتراكم الأعشاب ومخلفات الزراعة في الأراضي نتيجة غلاء ساعة الحراثة للأرض وتأخر وصول فرق الإطفاء نتيجة بعدها عن مكان الحريق ..

عمليات الإخماد صعبة
ذكر العقيد عثمان جودا قائد فوج إطفاء حمص أن عناصر الفوج قاموا بإخماد ما يزيد عن /40/ حريقا خلال الفترة الممتدة بين 11/8/ وحتى 25/8 في الريف والمدينة ,مبينا أن الحرائق تركزت في مناطق الريف الغربي للمحافظة لاسيما شين وقراها والحواش وعرقايا ,و أوضح جودا أن عملية إطفاء الحرائق تمت بصعوبة بالغة نظرا لعدم تمكن العناصر من الوصول إلى أماكن الحريق بسبب وعورة الأراضي وكثافة الأشجار مشيرا إلى أن عدد الحرائق هذا العام أقل بكثير من السنوات السابقة….
وأشار جودا لوجود /11/ سيارة جاهزة في مراكز المدينة الثلاثة في الغوطة والزهراء و طريق الشام فيما توجد في الريف مراكز في القصير و تلكلخ والمخرم وهي تتبع للمحافظة أما مراكز القريتين وتدمر والرستن ما زالت خارج الخدمة ..

أخيراً
ربما هو سوء الطالع الذي يتحكم بأرزاق الطبقة الأشد تعباً وشقاءً ,خاصة في ظل وجود من يتقن التهرب والتنصل من المسؤولية ,وكأن المزارع في قرى الريف الغربي بعد كل ما عاناه من خسائر بسبب انحباس الأمطار وسوء الخدمات و انعدام الطرق الزراعية وغلاء ساعات الحراثة ,والتهاون بمصير موسمه البعل أو الري … لم يكن ينقصه إلا ألسنة اللهب البرتقالية لتضع وسمتها السوداء على مواسم سنوات مقبلة عدة !!
تحقيق و تصوير: هنادي سلامة – محمد بلول

المزيد...
آخر الأخبار