ما أروعك أيها المواطن السوري وأنت تثبت للعالم أجمع أن إرادة الحياة فيك تزداد قوة كلما ازداد العدوان عليك شراسة , لقد عشتك وعشت معك خلال تسع سنوات من العدوان الاقتصادي والعسكري والإعلامي والثقافي والاجتماعي والنفسي فلم أتمالك نفسي وهتفت هتافاً مدوياً : ما أروعك!!
لقد ظللت تحيا حياتك بطقوسها اليومية كما تحب وتشتهي فما استطاعت الجرائم المروعة والقذائف المنهمرة أن تمنعك من اعداد وتحضير مؤونة الشتاء من مكدوس , وقريشة وشنكليش ودبس عنب ودبس فليفلة وكشك وبرغل .. لم تمنعك من زيارة جيرانك وأقربائك وممارسة طقوس شرب المتة والزهورات وارتشاف القهوة التي تطعم دائماً بالحديث عن الناس وصياغة فلسفة حياتية يومية .
وبقيت تقوم بواجباتك الاجتماعية من مباركات وتعزيات , وتسعى في لمة الأصدقاء السامرين والندامى في سهرات لا تنتهي إلا مطلع الفجر .
ما أروعك أيها السوري وأنت تزيل في زمن جد قصير – آثار تفجيرات إرهابية مجرمة وكأن شيئاً لم يكن , فالسرعة كانت مذهلة في إزالة كل قبيح وإعادة الحياة الى مجراها الطبيعي , المحال المجاورة لمكان التفجير الإرهابي تشرع أبوابها ثانية , حركة الناس عادية , وتعاون مذهل في إعمار ما تهدم وتعويض الخسارة , أليس رائعاً أن يعود تلاميذ مدرسة ابتدائية ليواصلوا تحصيلهم العلمي دون انقطاع بعد تفجير إرهابي حصد أرواح زملائهم شهداء ملائكة وأن تزداد المدرسة ذاتها , تفوقاً في التربية والتعليم واستقطاباً لبراعم الحياة الجديدة وقد سجل الكثير من براعمها في سجل الخالدين , إنني كلما رأيت التلاميذ والطلاب منطلقين الى مدارسهم سيراً على الأقدام أو في حافلات مدارسهم قلت : إن وطني مازال بخير على الرغم من بعض مظاهر الفوضى والتقصير التي يحاول ضعاف النفوس أن يخلقوها لغايات وغايات .
أليس رائعاً أن تستمر الجامعات السورية على امتداد وطننا في أداء عملها التعليمي والتربوي والتقاني والعصابات التكفيرية الإجرامية لم تكن تبتعد عنها إلا مئات الأمتار فكانت الدراسة والامتحانات وحفلات التخرج في الجامعات تجري والقذائف تنهمر عليها أحياناً , لكنها إرادة الحياة التي جعلت جامعاتنا في دير الزور والحسكة وحلب ودمشق وحمص ودرعا حية وعصابات الجهل والإرهاب على مرمى حجر منها .
أليس رائعاً أن تستمر الحركة الثقافية غنية بنشاطاتها المختلفة من أدبية ومسرحية وفنية وفكرية وتاريخية فهنا مهرجان شعري وهناك عرض مسرحي وفي هذه الصالة معرض لفنانين تشكيليين وفي تلك الصالة معرض للتصوير الضوئي وقربهما مركز للمحاضرات الفكرية والتاريخية ؟!
إنها إرادة الحياة لدى المواطن السوري الذي نظر الى العدوان الكوني الصهيوني الاستعماري الرجعي عليه على أنه امتحان لقدرة الشعب السوري على تجاوز محن العدوان والصبر والصمود لهزيمة العدوان وهذا ما كان ولم يكن ليكون لولا رجال قادة ذوو رؤى استراتيجية بعيدة وعميقة أشعرونا بالأمان والاطمئنان على الرغم من شراسة العدوان ولذلك اردد ثانية وعاشرة : أيها السوري ما أروعك !!
د. غسان لافي طعمة