الفوضى الخلاقة صناعة أمريكية

لكي نفهم ما يحدث يجب علينا أن نبحث عن المسبب الأساسي والمحرك الرئيسي لمجمل الظروف التي ترافقت قبل وبعد بدء الحرب على سورية بشكل خاص والتطورات في الإقليم بشكل عام .

فمنذ إطلاق وزيرة الخارجية الأمريكية مشروع الفوضى الخلاقة  في الثاني من تشرين الثاني عام ٢٠٠٥ في مؤتمر إيباك والمنطقة في حالة عدم استقرار .

هذه البدعة التي أنتجها العقل الاستراتيجي الأمريكي لتحقيق المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط والقصد منها إغراق الدول بالفوضى والقضاء على الإيديولوجيات الكبرى مستفيدين من سقوط المعسكر الاشتراكي وتفرد أمريكا بإدارة الأزمات حسب مصالحها مستغلةً طبيعة وظرف كل دولة أو منطقة مع التنويه أن هذا المصطلح ليس جديداً وإنما ضمن نظريات قديمة في الفكر الاستعماري.

ترتكز سياسة ” الفوضى الخلاقة” على عدة دعائم أساسية أهمها الصراع الطائفي والديني والعرقي والعشائري والقبلي كما حدث في السودان والعراق والصومال واليمن وليبيا ومايجري العمل عليه حالياً في سورية  لضرب الدولة وتخريب مؤسساتها والعبث باستقرارها وتعزيز فكرة الانتماءات الطائفية والمذهبية ومن جانب آخر السعي لحصار اقتصادي مستفيدةً من نتائجه على الوضع المعيشي بدءاً من انخفاض في العملة الوطنية وزيادة في التضخم وغيرها من آثار سلبية على اقتصاد هذه الدولة فتظهر البطالة و تتلاشى الخدمات الأساسية وتظهر حالات الفوضى وهنا تبدأ الحرب الناعمة الإعلامية فيتم تسخير محطات إعلامية ومنصات على التواصل الاجتماعي وأياً كانت النتائج فالأمريكي مستفيد سواء بإسقاط الحكومات غير المتوافقة مع السياسة الأمريكية أو نشوب صراع عسكري بين بعض المكونات التي كانت قد أنتجتها لمحاربة هذه الدولة من الداخل وهذه النظرية الأمريكية ” الفوضى الخلاقة ” هي نسخة عن إستراتيجية بريطانيا الاستعمارية في نظريتها ” فرّق تسد ” .

باختصار هذا هو الهدف الاستراتيجي لسياسة الغرب بزعامة أمريكا عما نراه حالياً على أرض الواقع.

هدفهم في بلدنا سورية تدمير هذه الدولة ، وتدمير  أقدم عاصمة في التاريخ و حضارة هذه الدولة المتجذرة في عمق التاريخ . لا يعنيهم إلا طمس تراث هذا البلد وتخريب حضارته .

إنها الحرب القذرة التي يمارسونها مستغلين أشخاص خارجين عن القانون بجرائم جنائية أو أخلاقية .

هم يريدون تمزيق سجل العائلة السورية ، يريدون سورية بلا أحفاد لفارس الخوري وبلا أحفاد للشهيد البطل يوسف العظمة وبلا أحفاد للمجاهد الشيخ صالح العلي وبلا أحفاد للمجاهد سلطان باشا الأطرش وبلا أحفاد للقائد المؤسس حافظ الأسد ,فهؤلاء الغزاة المستعمرين الذين قسموا الوطن العربي إلى دول عادوا اليوم إلى تقسيم المقسم إلى دويلات ضعيفة هزيلة تعيش تحت ولايتهم أو وصايتهم كما فعلوا في السابق لأنهم أحفاد من زرع الكيان الغاصب في قلب هذه المنطقة فليس من مصلحتهم وجود دولة قوية بجانب ربيبتهم العدو الإسرائيلي  .

المؤسف في المشهد الحالي أن البعض يعتقد أنهم حمامة سلام أتوا ببوارجهم وترساناتهم العسكرية ليوزعوا الخبز على الفقراء والمحتاجين ولكي يؤمنوا الدفء لأولادهم أتوا من خارج الحدود وفي فوهات بنادقهم حليب الأطفال والمؤسف أكثر من يروّج لذلك في الأحاديث اليومية أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي .

أخيراً أود القول أن عدونا خبيث ويراقب المشهد حالياً بكل جوانبه ويستفيد من كل خطأ ويسعى جاهداً لتكريس كل حالة فوضى سواء بالسلوك أو بالفعل أو بردة الفعل ، وأمام هذا الواقع لا بد لنا أن نأخذ دوراً فاعلاً واعياً خلفيته الوحيدة الحالة الوطنية فصدقوني هم من حاربونا بلقمة العيش لأنهم يسرقون وينهبون خيراتنا ، هم من يشعلون الوقود البشري ويسرقون الوقود النفطي ، هم من حرموا الشعب السوري زراعة أرضه ليزرعوا بدلاً الفتنة والفوضى .

المشكلة هناك عندهم ليست في أي مكان آخر .

مغيث إبراهيم

المزيد...
آخر الأخبار