أجور النقل تستنزف جيوب المواطنين … السائقون : الكميات المخصصة غير كافية ونضطر لشراء المازوت من السوق السوداء
ساهمت ظروف الحرب الصعبة التي مرت بها بلدنا في حدوث نقص في المحروقات , مما دعا الجهات المعنية لتحديد مخصصات الدوائر والمؤسسات من المادة, في محاولة لاجتياز الأزمة والتي أثرت على العديد من مناحي الحياة ومنها قطاع النقل ,وتسببت بحدوث ازدحام كبير أمام محطات الوقود في مشهد بات يتكرر ويتشابه في معظم محطّات الوقود يوميا , الأمر الذي أثر على أجور النقل وأدى إلى ارتفاع تعرفة السفر سواء من المدينة الى الريف , أو من حمص الى المحافظات الأخرى وأمام هذا الواقع كان لا بد من معرفة انعكاس ارتفاع أجور النقل على الركاب والإجراءات المتخذة من قبل الجهات المعنية للحد من جشع وطمع بعض السائقين ورفعهم لأجور النقل …
العروبة قامت بجولة ميدانية في كراج البولمان الذي شهد حركة بطيئة مقارنة مع الكراج الشمالي الذي يضج بالحركة خاصة في فترة الظهيرة وحاولنا قدر الإمكان أن نعبر عن واقع الحركة عن قرب ..
التقينا مع عدد من المسافرين في محطة البولمان لمعرفة رأيهم حول سير الأمور داخل مراكز الانطلاق والخدمات المقدمة لهم بما يسهل عليهم عملية التنقل .
أجور مرتفعة
ياسمين طالبة تسافر بالبولمان مرتين في الأسبوع من اللاذقية إلى مدينة حمص ،أشارت إلى ارتفاع أجور النقل وأنها لا تتناسب مع أوضاع الطلاب هذا عدا عن اضطرارها لاستخدام أكثر من وسيلة نقل لتصل إلى جامعتها ، إضافة إلى أنها تدفع إيجار المنزل ، وأشارت أن الشخص الذي ينوي السفر والتنقل بين المحافظات بات عليه أن يأخذ بالحسبان أجور النقل المرتفعة والتي ترهق الكاهل يوميا ..
أسعار مرتفعة وخدمات جيدة
أحمد من حلب يسافر إلى دمشق «مرورا بكراج حمص» منذ خمس سنوات لتلقي العلاج قال : أدفع 4000 ليرة سورية أجور نقل, هذا عدا عن تكاليف الأدوية والعلاج وكل «سفرة» مضطر لدفع هذا المبلغ وكوني مريضا ووضعي الصحي لا يتحمل العناء , أسافر في باصات البولمان التي تقدم خدمات جيدة أهمها خطوط النقل المنظمة والتقيد في مواعيد الانطلاق, لكن مقابل تلك الخدمات المريحة الأسعار مرتفعة, وتساءل لماذا لا تعيد الجهات المعنية النظر بموضوع غلاء التسعيرة بحيث تناسب جميع الركاب ؟! ..
مع السائقين
السائقون في محطة البولمان أشاروا إلى : أن كمية الوقود التي يتزودون بها لا تكفيهم مما يضطرهم لشراء مادة المازوت من السوق السوداء, هذا الأمر يرتب عليهم تكاليف مادية إضافية لا تتناسب مع الأجرة التي يتقاضونها من الركاب , و بالرغم من ذلك لم يرفعوا التسعيرة مؤكدين أن التعرفة لا تتناسب مع غلاء الأسعار ..
محمد سليمان «سائق بولمان»على خط حمص- حلب قال: تبلغ مخصصاتنا على البطاقة الذكية 150 ليترا ونحن نستهلك كمية 250 ,وكل رحلة نتزود ب 100ليتر فقط ,مما يضطرنا لشراء المازوت من السوق السوداء ,ومن الضروري رفع تسعيرة النقل لما نتكبده من خسائر نحن في غنى عنها ..
منغصات يومية
قصدنا عددا من مكاتب شركات البولمان التي تعد أحد الوسائل الهامة التي تعمل على تأمين خدمات النقل للمواطنين من حمص وإلى المحافظات الأخرى ,و تحدث عدد من العاملين فيها عن الصعوبات والمشاكل التي تؤثر على سير عملهم…
باسل وكيل إحدى شركات النقل الخاصة قال : نقوم بـ /5/ رحلات يوميا من حمص إلى اللاذقية ذهابا وإيابا , ونحاول تأمين كميات المازوت للسائقين ,وتحتاج الرحلة إلى 100 ليتر ذهابا و100 إيابا , وأحيانا كثيرة عدم توفر المازوت يسبب عبئا كبيرا على الشركة يؤدي إلى تعطل الرحلة وأحيانا تأخرها لساعات ,وأحيانا يقوم السائقون بالتعبئة من المحطات الموجودة خارج المحافظة وبأسعار مرتفعة جدا تثقل كاهل الشركة …
فيما أشار البعض إلى ارتفاع إيجار مكاتب النقل و التي تصل ما بين 400- 450 ألف ليرة سورية شهريا ,وأشاروا إلى أن تقيد الشركة بمواعيد رحلات منظمة ضمن الوقت المحدد لها يضطرهم في أكثر الأحيان لتسيير رحلات رغم أنها غير مكتملة العدد , فقد يتواجد ضمن الحافلة 6 أو 7 ركاب , مما يعرض الشركة لخسارة مادية ,لكن ما يهم الشركة هو المصداقية في التعامل مع الزبائن..
وتختلف التسعيرة في باصات البولمان حسب درجة الرفاهية فهناك بولمان مخصص لرجال الأعمال وتسعيرته مرتفعة, وهناك حسومات خاصة للموظفين والطلاب تقوم بها بعض الشركات , وأشاروا إلى أن الشركة تهتم بأي شكوى من قبل المسافرين حرصا على ثقتهم بها والتعامل معها باستمرار ..
كما تقاطعت آراء معظم المكاتب حول عدة عوامل تؤثر على آلية العمل وتخفض من الربح بسبب قيام بعض الأشخاص ممن يطلق عليهم اسم (الوشيشة) بملاحقة المسافر منذ وصوله إلى باب المحطة لإقناعه بالسفر من خلال الشركات التي يتعاملون معها , وعدم إعطائه الفرصة ليختار بحرية الشركة التي يرغب السفر عن طريق باصاتها , وهذا من خلال استخدام بعض الأساليب كإيهام المسافر بأن أسعارهم منخفضة أكثر من باقي المكاتب ,هذا عدا عن تعاون بعض هذه المكاتب مع سائقي «التكاسي» العامة من أجل إيصال المسافرين إلى المكاتب التي يتعاملون معها ….
الخدمات لا تتناسب مع الأسعار
وبالمقابل هناك مسافرون يوميا من وإلى المدينة «سكان الريف « يعانون من ارتفاع أجور النقل .. في الكراج الشمالي مثلا ..التقينا بعض الركاب الذين تحدثوا أيضا عن معاناتهم …
أيهم» موظف « قال الخدمات المقدمة في الكراج لا تتناسب مع التسعيرة التي تفرض على القاطنين في الريف ,و تذمر من الانتظار الطويل على مواقف الباصات حتى يصل إلى الكراج , وفي الكراج هناك انتظار آخر حتى يتواجد السرفيس المخصص لخط القرية ، وخاصة فترة الذروة، وحتى اكتمال عدد الركاب و أحيانا كثيرة يصل المواطن متأخراً إلى منزله ، هذا عدا عن قيام بعض السائقين بزيادة الأجرة وابتزاز الركاب بحجة عدم وجود عدد كافٍ من السرافيس في وقت الظهيرة, مما يجعل الراكب يتقبل هذه الزيادة على مضض , أو يضطر للوقوف زمنا أطول ليظفر بوسيلة نقل , وهذه المعاناة يومية في الكراج ….
أيمن يدرس في جامعة البعث « يقطن في الريف الغربي » قال : محطة البولمان بحاجة إلى اهتمام أكثر بالخدمات , فليس هناك مقاعد كافية لكبار السن أو الأطفال أو المرضى ولا وجود لقاعات الانتظار، فقد ينتظر المسافر أكثر من ساعة واقفاً تحت أشعة شمس الصيف الحارقة وبرد الشتاء حتى يحين موعد سفره, فلماذا على الراكب تحمّل أعباء السفر المادية والنفسية باستمرار ..
تخفيض الأسعار
يزن طالب جامعي من سلمية قال: إن أجور النقل مرتفعة جداً على الجميع، وأنا مضطر للسفر أكثر من ثلاث مرات في الأسبوع ولدي أيضا شقيقتان تدرسان في الجامعة وليس لدينا مورد يعيلنا غير راتب والدي وأحيانا كثيرة اضطر للعمل لمساعدة والدي في المصروف لذلك نتمنى على المعنيين مراعاة ظروف الطلاب وتخفيض أجور النقل ، ولاسيما في ظل الوضع المعيشي الصعب ..
ارتفعت أضعافا
باسم سائق سرفيس على خط حمص – طرطوس قال : أحيانا نقوم بزيادة الأجرة نتيجة شرائنا لمادة المازوت من السوق السوداء ,فنحن نقوم بثلاث رحلات في اليوم وتبلغ مخصصاتنا من المادة للرحلة الواحدة 43ليترا , ولكن لا يتم إعطاؤنا الكمية بالكامل حيث نأخذ 37 ليترا فقط , ولا نعلم ما هو السبب , و تبلغ تسعيرة الركوب 385 ليرة سورية ونأمل رفع أجرة النقل لتتناسب مع الواقع الحالي و الأقساط التي ندفعها وتكاليف الإصلاح التي ارتفعت أضعافا مضاعفة ..
فيما تحدث السائقون العاملون على خط حمص – وادي النضارة عن معاناتهم من تأمين مادة المازوت ومن الازدحام والانتظار لساعات طويلة للحصول على المادة , وأشاروا إلى أنهم ملزمون بتعبئة المازوت من محطات وقود محددة , وطالب البعض بتحويل مخصصات كل منطقة إلى المحطات القريبة منها ,كما طالب سائقو باصات «شبه البولمان» بزيادة مخصصاتهم من مادة المازوت حيث أشاروا إلى أنهم يعاملون نفس معاملة أصحاب السرافيس من حيث كمية المخصصات وهي لا تكفيهم بالتأكيد …
الكمية حسب بعد المسافة
المهندس رامي اليوسف مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك قال: رغم النقص في المادة إلا أنه لم يتم تخفيض الكميات ,ونحن بدورنا نقوم بإرسال دوريات لمراقبة آلية العمل والتأكد من وجود مخالفات كعدم الإعلان عن الأجور , وإذا كان السائق يخالف بالتسعيرة رغم إعلانه عنها , فإننا نقوم بمخالفته بناء على تصريح خطي من الراكب ..
وأضاف :يتم تحديد المخصصات للسائقين حسب المسافة ويتم تزويدهم بمخصصاتهم عند امتلاء الحافلة بالركاب ,ونحرص على تزود السائقين بالمادة ضمن الكراج لتوفير الجهد و الوقت عليهم من جهة وعلى المسافرين من جهة أخرى ,ويتم يوميا تزويدهم حسب مسافة الخط وعدد الرحلات اليومية ، كما تتم مراقبة عملية التعبئة..
وأضاف: خلال سنوات الحرب على بلدنا كان من أهم الأولويات تأمين المادة بشكل أساسي لكافة القطاعات التي تحتاج المادة وتخدم المواطن يوميا , وبشكل أساسي سواء للمخابز أوالمشافي كذلك قطاع النقل أيضا ..
وأضاف : تم تحديد أجور نقل الركاب حسب التعرفة الكيلو مترية والمسافة المحددة من قبل مؤسسة الطرق العامة ويكلف أصحاب السيارات بالإعلان عن الأجور بشكل واضح وفي مكان يسمح بقراءتها ضمن وسائط النقل ويعاقب المخالف بالعقوبات المنصوص عليها
أخيرا
مما لا شك فيه ان لتحديد كميات الوقود انعكاساتها وآثارها على المواطنين وعلى السائقين معا فمن الضروري ايجاد الحلول البديلة لتجاوز مشكلة نقص المادة ، على ألا تكون على حساب المواطنين وخاصة الذين يضطرون للسفر إما لضرورة العمل أو مراجعة المشافي العامة أو الطلاب للدراسة وبالتالي زيادة أعبائهم المادية , وذلك بتفعيل دورالجهات الرقابية وضبط مخالفات السائقين الذين يقومون برفع التسعيرة بحجة نقص المادة …
تحقيق: هيا العلي
تصوير : رسلان الخولي